أحمد الكومي..يكتب …
.الحمد لله الواحد القهار المتفرد، في حكمة وحكمته،والصلاة والسلام علي الحبيب المصطفي خير خلق الله،سيدنا محمد النبي الآمين،الذي بعثه الله بالحق بشيرا ونذير ورحمة للعالمين، وصلي الله علي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
.فنحن نعيش في هذه الأيام العظيمة من شهر رجب والتي خصَّها الله تعالي بمزيدِ من الإجلالِ والإكرامِ،وأمرنا اللهُ سبحانه وتعالى بتعظيمِها، والإلتزامِ فيها أكثرَ بدينِه وشرعِه،فقال تعالي:﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ [التوبة : 36]
،وقد ثبت في الصّحيحين عن سيّد المرسلين ﷺ أنّه قال: «السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا؛ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ؛ ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ ».
،وسمي ذلك الشهر بإسم رجب: لأنّه كان يُرجَّبُ أي يُعظَّمُ، وأُضيفَ إلى مُضر، لأنّ قبيلةَ مُضـر كانت تزيد في تعظيمِه واحترامِه. وله غيرُ هذا من الأسماءِ الّتي تدلُّ على شرفِه.
،ويجب على كل مسلمِ: أن يعرفَ قدرَ هذا الشهرِ الحرامِ ؛ ذلك لأنّ معرفتَه وتعظيمَه (هو الدِّين القيِّم) أي المستقيم الّذي لا ضلالَ فيه ولا انحرافَ. كما يجب عليه أن يحذرَ من المعصية فيه؛ لأن ارتكاب المعصية في ذلك الشهر تكون أعظم من الشهور الأخري، والعاصِي فيه آثمُ.
،كم قال الله سبحانه وتعالي﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾ [البقرة : 217]؛ أي ذنبٌ عظيمٌ وجرمٌ خطيرٌ؛ فهو كالظّلمِ والمعصيةِ في البلدِ الحرامِ، الّذي قال الله عزّ وجلّ فيه: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الحج : 25].
،وعن قتادة رحمه الله قال: « إنّ الظلمَ في الشهرِ الحرامِ أعظمُ خطيئةً ووزراً من الظلمِ فيما سواهُ، وإنْ كان الظلمُ على كلِّ حالٍ عظيماً، ولكنَّ اللهَ يُعظِّمُ من أمرِه ما شاء. وقال : إنَّ اللهَ اصطفى صَفايا من خلقِه، اصطفى من الملائكةِ رسلاً، ومن النّاسِ رسلاً، واصطفى من الكلامِ ذكرَه، واصطفى من الأرضِ المساجدَ، واصطفى من الشهورِ رمضانَ والأشهرَ الحُرمَ، واصطفى من الأيّامِ يومَ الجمعةِ، واصطفى من اللَّيالي ليلةَ القدرِ؛ فعظِّموا ما عظَّم اللهُ؛ فإنّما تعظَّم الأمورُ بما عظَّمها اللهُ عند أهلِ الفهمِ والعقلِ».
،وإنّ من أظهرِ الدلائلِ على تعظيمِ هذا الشّهرِ الحرامِ: هو الابتعادُ عن ظلمِ الإنسانِ نفسَه؛ باجتِراحِ الذنوبِ والسيّئاتِ، ومقارَفَةِ الآثامِ والخطيئاتِ؛ ذلك لأنّ الذنبَ في كلِّ زمانٍ شرٌّ وشؤمٌ على صاحبِه؛ لأنّه اجتراءٌ على اللهِ جلَّ جلالُه وعظُم سلطانُه، لكنّه في الشهرِ الحرامِ أشدُّ سوءاً وأعظمُ شؤمًا؛ لأنّه يجمعُ بين الاجتراءِ على الله تعالى، والاستخفافِ بما عظّمه اللهُ جلّ وعلا.
،وإذا كان تعظيمُ الشهرِ الحرامِ أمرًا متوارَثًا لدى أهلِ الجاهليّةِ قبلَ الإسلام؛ فكانوا يكفُّون فيه عن سفكِ الدَّمِ الحرامِ، وعن الأخذِ بالثّأرِ ؛ فمن الأجدر والأحري أن ينتسب هذا الإلتزام إلي المسلمين.
وأختتم كلماتي بأننا يجب علينا جميعا أن نبتعد عن الظلم والمعاصي والمحرمات التي حرمها الله في كتابة الحكيم وسنة نبيه الأمين، في ذلك الشهر العظيم حتي لا يسخط الله علينا،كما يجب علينا أن نعمل الخير وننشر المحبه بين الناس في هذه الأيام المباركة لكي يرضي الله علينا ونؤجر بالفوز بالدنيا والآخرة،تقبل الله منكم ومنا صالح الأعمال وهدانا وإياكم إلي الطريق المستقيم.