حجية السنة النبوية ومقاصدها

كتب _ اشرف المهندس..

ويتجدد اللقاء الايمانى وحلقه من سلسلة الإيمان والأخلاق مع فضيلة الدكتور/اسماعيل أحمد إسماعيل من علماء الاوقاف بالازهر

مقاصد السنة النبوية ضرورة عصرية لمواجهة الجمود الفكري أولًا: تعريف السنَّة النبويَّة المطهَّرة وأقسامها السنَّة النبويَّة: هي دليل شرعي يدلُّ على حُكم الله تعالى، وأن الله تعالى قد تعبدنا باتباع ما أمرَتْ به، واجتناب ما نهَتْ عنه؛ فهي مصدر للدين أساسي، والشطر الثاني له، فيجب اعتقاد مضمونها، والعمل بمقتضاها في جميع جوانب الحياة. السنَّة النبويَّة: هي ما نُسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قولٍ أو فعل أو تقرير أو صفة خَلْقية أو خُلُقية، وزاد بعضهم في تعريف المحدثين: أو سيرة. وتنقسم السنَّة إلى ثلاثة أقسام: السنَّة المؤكِّدة: وهي الموافِقة لما جاء في القُرْآن الكريم، مثل ما ورد في القرآن والسنة من الأمر بإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، والحج، والجهاد، وصلة الأرحام، وحرمة الأنفس والأموال والأعراض ونحو ذلك. السنَّة المبيِّنة: التي تبين مراد الله تعالى في القُرْآن الكريم، كما أن الله عز وجل أمر في القرآن بالصلاة والزكاة والصيام والحج، ثم جاءت السنة بتفصيل صفة الرجال… ولقد أجمَع علماء الأمة على أن السنَّة تأتي بأحكام لم يثبتها القُرْآن الكريم ولم يَنْفِها الصلاة، ومقادير الزكاة، وصفة الصيام، وصفة الحج. السنَّة المستقلة بالتشريع: التي جاءت بمعتقدات وأحكام لم ينصَّ عليها القُرْآن الكريم، مثل بيان ميراث الجدة، وتحريم الذهب والحرير على ، وأنها حجة شرعية ملزمة. قال رجلٌ لعمرانَ بن حصين (ض): “إنكم تُحدِّثونا بأحاديثَ لم نجد لها أصلًا في القُرْآن”، فغضب عمران وقال: ” أتجد في كتاب الله الظُّهر أربعًا لا يجهر فيها بالقراءة؟ ثم عدَّد إليه الصلاة والزكاة ونحو هذا، ثم قال: أتجد هذا في كتاب الله مفسَّرًا، إن كتاب الله أبهَمَ هذا، وإن السنَّة تفسر ذلك”.قال الإمام ابن حزم رحمه الله: “في أي قُرْآنٍ وُجِدَ بيان ما يُجتَنَب في الصوم، وبيان كيفية زكاة الذهب والفضة، والغَنَم والإبل والبقر، ومقدار الأعداد المأخوذ منها الزكاة، ، وبيان أعمال الحج ، وقطع يد السارق، وصفة الرَّضاع المحرِّم، وما يحرم من المآكل، وصفة الذبائح والضحايا، وأحكام الحدود، وصفة وقوع الطلاق، وأحكام البيوع، وبيان الربا ، والأيمان ، وإنما في القُرْآن جُمَل لو تركنا وإياها لم نَدْرِ كيف نعمل فيها، وإنما المرجوع إليه في كل ذلك: النقلُ عن النبي (ص)، كذلك الإجماع إنما هو على مسائلَ يسيرة… فلا بد من الرجوع إلى الحديث ضرورة، ولو أن امرؤأً قال: لا نأخذ إلا ما وجدنا في القُرْآن ، لكان كافرًا بإجماع الأمة”. ثانيًا: حجية السنَّة النبوية المطهرة:- 1-أنها وحي من الله: قال تعالى: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ﴾ 2-أمر الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ببيان الشريعة للناس: قال تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) ﴾ وقال تعالى: ﴿ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ 3-أمر الله تعالى المؤمنين بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم واتباع أمره: قال تعالى:﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32) ﴾ وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59) ﴾ 4-عقاب ومصير مَن لم يؤمن بما جاء به النبي (ص)﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ وقال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13) ﴾ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ (ص)قَالَ: ( مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ، وَمَنْ يَعْصِنِي فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَمَنْ يُطِعِ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي) وعَنْ الْمِقْدَامِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ص) قَالَ: (يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ، يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِي، فَيَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ ، أَلا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ (ص)مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ص) قَالَ: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى» [(أبى) امتنع عن قبول الدعوة أو عن امتثال الأمر] 4-وجوب التمسك بالسنة وحرمة مخالفتها: عن العِرباض بن سارية ض: قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ (ص)ذَاتَ يَوْمٍ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا قَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عبدا حَبَشِيًّا فَإِنَّهُ من يَعش مِنْكُم يرى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» 5-الأجر العظيم لمن يبلغ حديث رسول (ص): عَن ابْن مَسْعُودٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا شَيْئًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَهُ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى لَهُ مِنْ سَامِعٍ» حرمة الكذب على رسول الله: عَنِ المُغِيرَةِ (ض)، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ يَقُولُ: «إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» (ليس ككذب على أحد) فهو كذب في التشريع وأثره عام على الأمة فإثمه أكبر وعقابه أشد. (فليتبوأ مقعده) فليتخذ لنفسه مسكنا 6-وجوب اتباع السنة وحرمة مخالفتها: قال الإمام ابن حزم عند قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59) ﴾ “فالأمةُ مجمِعة على أن هذا الخطابَ متوجِّه إلينا وإلى كل مَن يُخلَق ويُركَّب رُوحُه في جسده إلى يوم القيامة من الجِنَّة والناس، كتوجُّهه إلى مَن كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل مَن أتى بعده عليه السلام ولا فرقَ 7-مدى اتباعِ الصحابة رضي الله عنهم للنبيِّ ص: لقد ضرَب الصحابةُ رضوان الله عليهم المَثَل في الوفاء للنبي ص، وحُسن اتباع ما جاء به ص؛ فلقد كان أحدهم يسقُطُ سوطه وهو راكب على دابته، فينزل ليأخذ سوطه ولا يطلب من أحد أن يناوله؛ لأنه بايَع رسول ص على ألا يسأل الناسَ شيئًا، أعطَوْه أو منعوه.ولقد كان الصحابي يروي الحديث فيشير مثلما كان يشير النبي ص، ويقول: هكذا رأيت النبي ص يفعل. وعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إِذْ خلع نَعْلَيْه فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَوْمُ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ (ص) صَلَاتَهُ قَالَ: «مَا حَمَلَكُمْ على إلقائكم نعالكم؟» قَالُوا: رَأَيْنَاك ألقيت نعليك فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فيهمَا قذرا إِذا جَاءَ أحدكُم إِلَى الْمَسْجِدَ فَلْيَنْظُرْ فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَو أَذَى فَلْيَمْسَحْهُ وَلِيُصَلِّ فِيهِمَا» ولما توفى رسول الله (ص(وكان قد جيشا بقيادة أسامة (ض)، أشار كثيرٌ من الناس على الصِّدِّيق ألا يُنفِذَ جيش أسامة؛ لاحتياجِه إليه فيما هو أهمُّ الآنَ مما جُهِّز بسببه في حال السلامة، وكان مِن جملة مَن أشار بذلك عمر بن الخطاب، فامتنع الصِّدِّيق من ذلك، وأبى أشدَّ الإباء إلا أن ينفذ جيش أسامة، وقال: والله لا أحُلُّ عقدةً عقَدها رسول الله (ص) ولو أن الطيرَ تَخَطَّفنا، والسباع مِن حول المدينة، ولو أن الكلاب جرَّتْ بأرجل أمهات المؤمنين لأجهزن جيش أسامة”. لقد سار التابعون وتابعوهم على نهجِ النبي (ص) والصحابة ثالثًا: مقاصد السنة النبوية هي الحكم التي أرادها الله من أوامره ونواهيه؛ لتحقيق عبوديته، وإصلاح العباد في المعاش والمعاد. فينبغي فهم مقاصد السنة لأن الله ذم من تمسك بالظواهر فقط، قال تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً } ففي هذه الآية الكريمة مدح الله تعالى أهل الاستنباط في كتابه، ووصفهم بأنهم أهل العلم، ومعلوم أن الاستنباط إنما هو: استنباط المعاني والعلل، والاستنباط في اللغة كالاستخراج، ومعلوم أن ذلك قدر زائد على مجرد فهم اللفظ ومن تأمل الأحاديث الواردة في الخوارج الواردة في الصحاح، سيتضح له أن من أهم أسباب ضلالهم التي استوجبت في حقهم الوعيد الشديد، هو ما عبّر عنه الشاطبي بقوله: ( اتباع ظواهر القرآن على غير تدبر ولا نظر في مقاصده ومعاقده والقطع بالحكم به ببادئ الرأي والنظر الأول وهو الذي نبه عليه قوله في الحديث ” يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم ” غزوة بني قريظة: عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الأَحْزَابِ: «لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ» فَأَدْرَكَ بَعْضَهُمُ العَصْرُ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي، لَمْ يُرَدْ مِنَّا ذَلِكَ، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ (ص)، فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ (لم يرد منا ذلك) ما أراد بقوله ظاهره وعدم الصلاة في الطريق وإنما أراد الحث على الإسراع. عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ، وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا، أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ اعْدِلْ فَقَالَ: وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَم أَعْدِلْ قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ، فَأَضْرِبَ عُنَقَهُ فَقَالَ: دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّة، ﴾وقد اعترض الخوارج طريق عبد الله بن خباب وهو يسوق بامرأته على حمار، فدعوه وتهددوه وأفزعوه، وقالوا له من أنت ؟ فقال : أنا عبد الله بن خباب صاحب رسول الله ، فلما عرفوه طلبوا منه أن يحدثهم عن رسول الله إلى أن قالوا : فما تقول في أبي بكر وعمر ؟ فأثنى عليهما خيراً، ثم قالوا فما تقول في عثمان في أول خلافته وآخرها ؟ فقال : إنه كان محقاً في أولها وآخرها، ثم قالوا : فما تقول في علي قبل التحكيم وبعده ؟ فقال : إنه أعلم بالله منكم وأشد توقياً على دينه وأنفذ بصيرة، فقالوا : إنك تتبع الهوى وتوالي الرجال على أسمائها لا على أفعالها، والله لنقتلنك قتلة ما قتلناها أحداً، فأخذوه فكتفوه ثم أضجعوه وذبحوه، وسال دمه في الماء، وأقبلوا على المرأة وهي حبلى ففزعت وقالت : إني إنما أنا امرأة ألا تتقون الله ؟ فقتلوها وبقروابطنها عليهم من الله ما يستحقون، فانظر كيف ساقهم الغلو والجمود وعدم الفهم الصحيح للدين إلى قتل برئ ليس له ذنب.

Related posts

Leave a Comment