خالد الرزاز...
جريمة بشعة دارات فصولها في منطقة المقطم بالقاهرة، بطلتها سيدة لم يتخطى عمرها الثلاثين.
السيدة تزوجت من شاب طيب ومكافح، يعمل ليل نهار من أجل توفير مستلزمات منزله، يقدرها ويحبها، بينهما طفلين كان بمثابة القاسم المشترك بينهما، “محمد” الذي يبلغ من العمر 4 سنوات، وخديجة الرضيعة التي لم تكمل شهرها التاسع.لم ترض الزوجة الطيبة أن تترك زوجها بمفرده يدبر مستقبلهما، وإنما حاولت مشاركته، فاختمرت في ذهنها فكرة “عمل جمعيات” مع سيدات آخريات، لتجميع مبلغ كبير، تستطيع من خلاله رسم مستقبل أسرتها.تعرفت الزوجة على ربة منزل من جيرانها، حيث طلبت الأخيرة من الأولى أن تقرضها بسبب حاجتها للمال، مستغلة طيبتها وحبها للجميع، فلم تردها وأعطتها 5 الآف جنيه على أن تردهم لها خلال 5 أيام أو أسبوع على الأكثر.
لحظة استلام المتهمة الأموال من المجني عليها
مرت الأيام، ولم تفي ربة المنزل بوعودها ولم ترد المبلغ، ومع كثرة المطالبات جمعت ألف جنيه وذهبت به للدائنة، حتى تطلب منها تمهلها وقت آخر لسداد باقي المبلغ، متلاعبة على أوتار طيبتها.
كلام معسول من ربة المنزل، ومبررات عديدة ساقتها لتهرب من تقاعسها عن السداد، في حين كانت “صاحبة المنزل” تسمع بعناية، وطفليها يلعبان داخل الشقة، وانتهى الأمر بوعود صارمة من ربة المنزل برد باقي المبلغ في أسرع وقت، فصدقتها السيدة وهمت لتضع المبلغ في “كيس بلاستك” داخل “النيش”، في حين كانت عيون ربة المنزل تترقبها، وهنا بدأ الشيطان يتدخل، لتبدأ معه أولى خطوات الجريمة، حيث ساقها شيطانها لسرقة الأموال.
زوج المجني عليها……
بدأت المتهمة تنفذ جريمتها، بطلب “كوب ماء” من الضحية، حتى يخلو لها الجو لسرقة المبلغ، وما أن توارت الضحية عنها، حتى أسرعت المتهمة نحو “النيش” واستولت على المبلغ، لكن حظها السيء جعل المجني عليها تعود سريعاً لصالة الشقة لترى المتهمة وهي تستولي على المبلغ، لتندلع بينهما مشادة تطورت لمشاجرة، أسرعت خلالها المتهمة نحو المطبخ وحصلت على سكين وذبحت به المجني عليها قبل أن تسدد لها طعنات عدة، مستغلة مرض المجني عليها، التي كانت تعرضت لعملية جراحية قبل الجريمة بأيام قليلة.
الأم سقطت على الأرض غارقة في دمائها، بينما جمعت الجانية الأموال، لكنها تناست عيون طفلين تراقبان المشهد ببراءة، فلم تفهم “خديجة” ذات التسعة أشهر ما حدث، لكن شقيقها “محمد” صاحب الأربعة أعواماً كان يفهم ويشعر بكل شىء، فقد حبس دموعه خوفاً من السيدة الشريرة التي تمسك بسكين في يدها أن تذبحه مثل والدته، حاول التخفي خلف ستارة بالشقة، لكن المتهمة لاحقته، وقالت له بصوت مخيف:” لو نطقت بحرف هارجع تاني وأدبحك..اوعى تتحرك من هنا ..ولا تقول حاجة لحد”، ثم غسلت السكين بالماء، وألقتها في صندوق القمامة، وأخذت مفتاح الشقة ووضعته داخل “الخلاط” بالمطبخ، وخرجت من الشقة وأغلقت الباب خلفها.
“محمد” صرخ بكل قوته، فقد تفجرت دموعه التي حبسها وقتاً طويلاً، و”خديجة” زحفت على بطنها نحو والدتها، تلطخ يدها بالدماء وتضعها على جثة والدتها، دون أن تدري، في مشهد قاسي وحزين استمر لعدة دقائق، حيث كان والد الطفلين خارج الشقة.
صراخات الطفلة التي أصابها الهون والطفل من كثرتها، سمعها أحد الجيران الذي كان يتحرك على سلم العقار، وتجمعت حوله بعض النساء، وقرروا كسر باب الشقة والدخول إليها ليكتشفوا الكارثة ويبلغوا الشرطة.
وأضافت المتهمة: فعلت كل ذلك أمام طفل المجني عليها ورضيعتها وتركتهما يبكون على جثتها وأغلقت الباب عليهما وهربت، وتوجهت لـ”كوافير” لإزالة آثار “خربشة” الضحية من على وجهي، وعندما عدت لمنزلي وجدت الشرطة في إنتظاري رغم أن الجريمة لم يمر عليها ساعة واحدة، وأرشدت عن 20 ألف جنيه من بينهم المبلغ المستولى عليه من المجنى عليها.
وتلقى قسم شرطة المقطم بمديرية أمن القاهرة بلاغاً من الأهالي بالعثور على ربة منزل مقتولة، فانتقل رجال المباحث لمكان البلاغ، وتبين وجود جثة لسيدة بها جرح ذبحى بالرقبة، حيث أكد جيرانها “سمكري” وربتي منزل مُقيمين بالعقار الذي تقطن به الضحية، سماعهم صوت بكاء إبن المجنى عليها “طفل يبلغ من العمر 4 سنوات”، وعندما فتحوا الباب اكتشفوا مقتل والدته، وأكد لهم تعدي إحدى السيدات على الأم بسكين وإحداث إصابتها التى أودت بحياتها.
وتشكل فريق بحث قاده اللواء نبيل سليم مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة، لكشف غموض الجريمة وملابساتها، توصلت جهود إلى أن ربة منزل وراء إرتكاب الجريمة، وعقب تقنين الإجراءات تم ضبطها ، وبمواجهتها اعترفتن وتم اتخاذ الإجراءات القانونية.