المال السايب يعلم السرقه تنقصه ثلاث كلمات

عبدالحميدشومان

هذا المثل الشعبي القديم الذي توارثناه وكثيرا ما يتردد ان المؤسسه هذه اتسرقت مثلا… هذا المثل الذي به دعوة إلى فرض الرقابة والتدقيق على الأموال ويلقي ضمنياً اللوم على أصحاب الأموال في كثير من حالات السرقة باعتبار أنهم سهّلوا من مهام السارق بتركهم المال من دون حماية أو رقابة.

المقصد من المثل هي التوعية فأنا اعتقد كل الاعتقاد انه مثل سليم ولكن يحوم في ذاكرتي اعتقاد ان هذا المثل تنقصه ثلاث كلمات رئيسة فمن باب أولى أن يقول المثل المال السايب يعلّم (صاحب النفس الضعيفة) السرقة لأن السرقة غير مرتبطة بوضعية المال بقدر ما ترتبط بنوعية النفس البشرية فهناك نفوس أمينة متّزنة لا تقبل المال الحرام حتى لو أعطيت مسؤولية مفاتيح خزائن المصرف المركزي مليئة بالموجودات الأصلية والإضافية من دون أي رقابة أو تدقيق وعلى النقيض تماماً هناك من تطمع نفسه بامتلاك المال بسرعة شديدة وبمجرد أن يحصل على الفرصة للاقتناص والسرقة!!

إنها ليست دعوة إلى الإهمال وليست دعوة إلى التخلي عن أقسام الرقابة والتدقيق لكنها دعوة إلى عدم التعميم او إساءة الظن بالجميع إنها دعوة إلى اختيار الأشخاص المناسبين ووضعهم في الأماكن المناسبة حسب نفوسهم صحيح أن المسألة ليست سهلة واكتشاف نوعية النفس البشرية إن كانت من نوع المطمئنّة أو اللوّامة أو الأمّارة بالسوء يحتاج إلى وقت وجهد لكنه مهم جداً وهو المؤشر الذي من خلاله يمكن بناء الثقة التي تحدد اختيار المسؤول وترقيته ورفعه إلى أعلى المستويات لا تقلّ أبداً عن بقية المؤهلات والإمكانات بل إنها أهم من جميع تلك المؤهلات الورقية التي تعكس جانباً واحداً فقط، وتُخفي جوانب عديدة من دواخل النفس والمواصفات الشخصية وطبيعة «النفس البشرية!!

«المال السايب» سبب مهم في ارتكاب المخالفات المالية لا ننكر ذلك إطلاقاً لكن الدراسات تشير إلى وجود أربعة أسباب رئيسة لارتكاب جريمة الاحتيال للحصول على المال خلال العام الماضي يأتي الطمع في مقدمة هذه الأسباب ثم الرغبة في الحياة المترفة تليها الالتزامات المالية ثم الأعباء الأسرية يعني النفس البشرية هي السبب الأكثر تأثيراً في قضايا الاحتيال والسرقة..

أعود وأكرّر ليست هذه دعوة إلى الإهمال خصوصاً في وضع القوانين الرقابية والتدقيق المالي الصارم فهو الأساس الذي يجب أن ننطلق منه لحماية المال العام لكنها مجرّد كلمات لإعادة الطمأنينة والاستقرار إلى كثير من النفوس التي بدأت تساورها الشكوك في كل من حولها وحتى نكون منطقيين أكثر دعونا نعقد مقارنة بين أعداد من ثبت تورّطهم على مدى الأعوام الطويلة الماضية في قضايا احتيال أو فساد سواء على مستوى الشركات أو الدوائر الحكومية وبين عدد الشرفاء الذين قضوا سنوات حياتهم وهم يخدمون ويعملون بكل أمانة ونزاهة وإخلاص من دون أن تمتد أيديهم إلى المال على الرغم من قربهم منه وتعاملهم معه بشكل ربما يكون يومياً إلى حين تقاعدهم عن العمل نكتشف دون شك من هذه المقارنة أن المال السايب يعلّم النفس البشرية الضعيفة فقط السرقة أمّا النفس العفيفة فلن يعلّمها المال السايب أو حتى المرمى على قارعة الطريق سوى الأمانة والنزاهة والشرف!!

Related posts

Leave a Comment