بقلم الشيخ عاطف شحاته
من الأوصاف القرآنية العظيمة لحضرة النبي صلى الله عليه وسلم أنه نور وسراجاً منيراً ، هذه الأوصاف التى لا يمكن ولا يعقل أبداً أن تكون مجرد ألقاب فخرية كما لا يليق بمن نزل عليهم القرآن أن يهملوا التأمل في هذه الألفاظ المعنية والمنتقاة والتي يقصد بها جوهر الكلام وليس مظهره فقط.
حينما نقرأ لفظة النور فلابد أن يتبادر إلى أذهاننا أن هناك ظلام وحينما يوصف النور بالسراج المنير فهذه إشارة إلى أن عتمة الظلمات وظلمة المعاصي التي كان يعيشها الناس كانت لا تحتاج إلى نور عادي وإنما تحتاج إلى نور الأنوار والسراج المنير الذي يدل على شدة السطوع مع الاستمرارية في بث الضوء الذي يقضي على هذا الظلام.
وهكذا كان سيدي رسول الله نور الأنوار والسراج المنير الذي بعث في وقت اشتد فيه الظلام وأصبحت ظلمات الشرك والظلم والقهر بعضها فوق بعض فكان علاجها ودواؤها الشافي ومزيل ضبابها ومشع أنوارها هو رسول الإنسانية والرحمة صلى الله عليه وسلم.
وفي هذه الأيام التى فاقت فيها بعض الذنوب ما كان يفعله أهل الجاهلية بل وتاهت فيها بعض القيم التي كان يتمسك بها أهل الجاهلية وارتفعت فيها نبرة التبرج في كثير من مجالات حياتنا على تبرج الجاهلية الأولى ووقعت الأمة في قاع بئر عميق من الجهل والتخلف عن ركب الدين فأصبح حالنا كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ۚ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ.
نعم ظلمات المعاصى والذنوب في بحر لجي من الفتن والحيرة والتخبط يغشاه موج البعد عن الله والعياذ بالله مما جعل العتمة شديدة والظلام حالكاً والأمر جد خطير يحتاج وبضرورة شديدة إلى النور وليس أي نور يحتاج إلى نور الأنوار والسراج المنير صلى الله عليه وسلم.
ما أحوجنا وهذا حالنا أن نستفيق ونبحث عن النور الذي ذكره ربنا “قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين”
في ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم نتذكره ( مولده ونشأته وشبابه ورسالته ومعاملاته مع جميع الأطياف من حوله ) نتذكر سيرته وسنته وأحاديثة دراسة وتطبيقاً وحباً واقتداءً وثناءً وصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في كل وقت وحين فعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي ؟ فَقَالَ : مَا شِئْتَ . قَالَ قُلْتُ الرُبُعَ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ . قُلْتُ النِّصْفَ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ . قَالَ قُلْتُ فَالثُّلُثَيْنِ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ . قُلْتُ أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا ؟ قَالَ : إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ .
ما أحوجنا جميعاً أن يكفينا الله همومنا ويغفر ذنوبنا وينير لنا طرقنا ويهد لنا أولادنا ويزيل ما بيننا وبين غيرنا من ضغائن وأحقاد سواء على المستوى الفردي أو المستوي الجماعي المجتمعي ولا يكون ذلك إلا بتتبع سيرة نور الأنوار محمد صلى الله عليه وسلم بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم وفي سيرة المصطفى الأمين محمد صلى الله عليه وسلم.