سها جاد الله…
جداريات عشوائية ، تختصر القضية ،حكايا حيطان تعبرعن واقع غزة الجميلة الثائرة.
هي غزة الحرب والسلام ،غزة الألم والأمل والإبداع ،غزة حلم ضائع مرسوم على جدران زمن منسي.
فكانت فكرة ،لتصبح واقع لانطلاق مشروع حكايا حيطان من قلب غزة المتمردة ، ليجسد قصة مجتمع أنهكته الحروب وقيدته جدران الصمت.
شباب يافع، واستاذ فنان مبدع “وسام عابد”،انبثقت من خلالهم فكرة حكايا حيطان، وبدأت تنفذ على أرض الواقع ، واحتضنتها مؤسسة عبد المحسن القطان في مدينة غزة.
فانطلق المشروع التعليمي في منتصف 2017 بهدف التعلم، عبر استقصاء وفهم فعل الكتابة في حياة المجتمع، حيث بدأ الطلاب ومعلمهم الاستاذ وسام ، بالشراكة مع البرنامج في مؤسسة القطان ، باستقصاء أصول الكتابة و نشأتها وفعلها في حياة الناس، وتتبعوا تطور أبجدياتها ورموزها لدى عدد من الحضارات القديمة.
كما عملوا على تفسير بنية الرموز وتطورها ، بناءً على ما توصلوا اليه ، فقاموا بابتكار رموز كنعانية لثمانية أحرف ،لا يوجد بها مقابل اللغة العربية.
يقول الاستاذ وسام عابد : الكتابة تعد من أهم مرتكزات المتعلم ،ولا يوجد مشروع إلا ويحتاج للكتابة والتوثيق .
واضاف الاستاذ ، انا شخصيا مهتم بالكتابة شكلا ومضمونا ، ولدي مشكلة واجهتها مع طلابي ،وهي عدم رغبتهم في الكتابة، ويرجع ذلك إلى تراكمات تربية سلبية.
وبالنسبة للطلاب الكتابة مرتبطة بالعقاب وهذا يحتاج إلى وقفة جادة للعلاج ، وبناء توجهات ايجابية نحو الكتابية
فكانت الاشارة الاولى لاسم المشروع كتابات طرحت الفكرة مع الطلاب ، وتم انخراط مجموعة منهم في المشروع ،وتم بناء الخطة حسب حاجاتهم كطلاب ورغبتي كمعلم .
وأوضح عابد ، حتي نتعلم يجب ان نبحث عن الأصول في الماضي ،حتى نستطيع ان نرسم الحاضر ونخاطب المستقبل ،ولا نقف على صخرة الماضي .
وبدأت رحلة البحث في الكتابة التاريخية ،وكانت البداية مع الكتابة الهيروغليفية بأشكالها المصورة ، واستنباط شكل الحياة المصرية القديمة منها ، وهكذا مع الكتابة المسمارية ورموزها الكتابية،
وتابع عابد ،لقد اجتهدنا وتعمقت الفكرة والرؤية لدينا ، وقمنا بالبحث وقارنا بين الحروف ،والرموز، والكتابات القديمة، وتعرفنا على الحضارات بالبحث في الكتابات .
وخرجنا بأشكال متناسقة من الحروف الكنعانية ،واكملنا الحروف الثمانية من الحروف المفقودة ،لنجعل من هذه الابجدية صالحة للاستخدام ضمن حياتنا المعاصرة الى جانب لغتنا العربية الأم ، لتدلل على عمق تاريخنا ،وامتداد حضارتنا ،وكنا مهتمين باللغة الكنعانية وتراثنا.
واستمر عابد في حديثه ، لقد تطور عمل الفريق الي الوصول لكتابات الحيطان، وتم توثيق الكثير منها ،وكانت كل مرة تظهر حكايات تكمل المشهد من حكايات شوارع وهموم شعب.
وبين عابد، أن البداية العملية للفريق انطلقت في عام 2018 ، حيث بدأ الفريق يستقصي كتابات الجدران في قطاع غزة، و يلتقط لها الصور، ويعمل على فهمها ،وتحليلها وإنتاج قصص لها، ومن ثم خاض الفريق رحلة تعليمية جديدة، دارت حول تحويل مجموعة من عبارات الجدران إلى أنشطة تفاعلية تهدف إلى مشاركة مجتمعهم، عبر تصميم الأنشطة وتجريبها فيما بينهم، وإعادة العمل عليها وتطويرها، انتهاءً بالعمل مع مؤسسة “مشارق” في إنتاجها، حتى وصلت الأمور إلى المعرض اليوم.
ويذكر أن زوايا “حكايا حيطان” ضم معرضاً مخصصاً للصور وأنشطة عدة، منها “أحلام باريسية”، و”كيف بتشوف غزة”، و”عيشوني بقصة حلوة”، و”اللي منغص حياتي”، و”زابط ومش زابط”، و”رسالة مصالحة”، و”اضحك لو مش زابطة معك”، إلى جانب زوايا صور من مشروع الكتابات وزاوية من منتجات الطلبة.
وبدروه، قال أحد الشباب المشاركين في المشروع، أنه اختار مجموعة من الصور، والكتابات والجداريات التي كتبها أبناء فلسطين بقهر ومعاناة، وهي كتابات حملت الأمل والحب والعزيمة، معبراً عن فخره بهذه المشاركة، آملاً أن تتحقق آمال الشباب وعموم الشعب الفلسطيني.
مشروع حكايا لم ينته ، فالقضية مازالت تنبض ،وكل يوم لها الف حكاية وحكاية.
مشروع ماضٍ من أجل فلسطين، وتحقيق كافة الاحلام الضائعة ..حلم صناعة الأمل …حلم أجيال غادرت.. أجيال ستأتي …أجيال تصنع لها مكانها تحت الشمس ,,,لم يكن مشروع كتابات مجرد مشروع تعلم بل مشروع مستقبل إنسان ووطن .