بقلم / الباحثة ميادة عبدالعال
قوة المجتمعات لا تقاس بمساحة و حجم، ولا ذلك المقدار من الانتشار في التفكير، بل بنوع ما يتمتع به أفرادها المتفانون والمبدعون من ثراء، إذ الثراء ليس مفردة للغنى، إنما هي مفردة للعقول المبدعة تلك التي بها تبنى أنظمة الحياة.
وهنا يصبح للترابط الاجتماعي شرطا اخرا غير تلك الشروط التي بحثها قدماء فلاسفة الاجتماع، كونه منوطا بنمط ما يفكر به صاحب العقل والجبروت، الإنسان كان يعتمد على منطق خرافي لفهم الكون ،وهكذا فكل عقل عرفه التاريخ إلا ولازمها منطق معين إذ لا وجود للمنطق في غياب العقل باعتبار المنطق نتاج للعقل . ذلك الكيان الذي لا تحده عن العالم الفسيح سوى خارطة تفكيره التي تأبى أن تحاط بحدود وحواجز ما يتطلع إليه الآخرون .
الفرد كان يستعمل ويعتمد على منطق معين في تفسيره للحقائق المحيطة به ،مما جعل المنطق والعقل يسيران وفق خطين متوازيين ،إذ أن كل منطق عرفه التاريخ وازاه عقل معين ،ففي المرحلة التي كان يعتمد فيها الانسان على التفسير الخرافي لا يمكن إلا أن نقول إن الإنسان كان هو محاولة فهم كل ما يحيط به ،فتارة كان الإنسان يلتجىء إلى تفسير خرفية تتألف وتختلف وتسمو والانفصال عن قوانين الغير هنا يمثل أعلى درجات الاتصال أو الارتباط مع قانون الذات، هذا الذي به يتحد الوجود الإنساني مع أعلى درجات جبروته ليصبح ساميا متعاليا وفقا لمنطق العقل. فإن القوة ليست موضوعا للكسب، بل للعطاء، أي أن يواصل الإنسان طريقه الشائك، لعله يحض بذلك القدر من الامتياز أن يعتمد على منطق خرافي لفهم الكون ,وهكذا بدأ الانسان يطرح أسئلة تتأرجح بين الغرابة من الواقع ومحاولة فهم هذا الواقع،وهدف هذه الأسئلة افي للواقع وللكوارث التي تلحقه ،وتارة أخرى يلتجىء إلى الميتافزيقا أو إرجاع جميع الأمور إلى قوة غيبية .
وما يميز الانسان عن غيره هو ماهيته التكوينية وحقيقته النوعية ، وهو مصدر القوة والضعف التي بها تتميز الكيانات البشرية عن بعضها البعض.