-للدكتور حسن عبدالعال كلية التربية جامعة طنطا متابعة احمد عبد الحميد
كنت أظن أن عمل المصريين لكعك العيد عادة انتقلت إليهم من الفاطميين حين أسسوادولتهم فى مصر ، ودعم ظنى هذا ما عرف عن الفاطميين من أبرز مظاهر الاحتفال عندهم فى كل مناسبة كان تقديم أنواع الطعام المختلفة ، وبخاصة الحلوى ، ومن آثارهم فى ثقافة المصريين حتى اليوم أن احتفالاتنا بالأعياد وبالمناسبات الدينية ( المواسم) تتركز بشكل أساسى فى تقديم الأطعمة حتى بتنا نربط بين المناسبة وبين الطعام الدسم الشهى ، أو أصناف الحلوى المختلفة . فمنذ عهد الفاطميين ونحن نحتفل بمولد النبى صلى الله عليه وسلم بأكل أقراص الحلوى ( السمسمية والحمصية السودانية ) . . . وغيرها ، وأصبح من مظاهر اختفائها برمضان القطايف والكنافة ، وهكذا كلمة موسم عند المصريين تحمل دلالة الطعام والحلوى .
ولهذا رسخ فى فكرى أن كعك العيد هو أيضا ميراث المصريين من الفاطميين ، وظللت على هذا الظن حتى ساقتنى الأقدار لقراءة مقال عن الأعياد فى مصر الفرعونية للكاتب المهتم بالشأن الفرعوني فى مقالاته حسين عبد البصير ، وإذا بظنى عن نسبة كعك العيد الفاطميين كميراث للمصريين بجانب الحقيقة ، وأعرف أن المصريين القدماء هم أصحاب عادة تقديم الكعك فى الأعياد ، ومعروف تاريخيا أن المصريين لحبهم للحياة كانوا أكثر الشعوب أعيادا ، حتى لقد قال عنهم أبو التاريخ هيريدوت ” ان المصريين القدماء اخترعوا الأعياد ” واهتم الفراعنة اهتماما كبيرا بالأعياد التى ارتبطت بالتقويم الفلكى والتقويم القمرى وبالالهة وعالم السماء . واستخدم المصرى القديم كلمة (حب ) بمعنى عيد وعبارة ( حب نفر ) بمعنى عيد سعيد .
ومن أقدم العادات التى ارتبطت باحتفال المصريين القدام بعيد رأس السنة صناعة الكعك ، ثم انتقلت هذه العادة لتصبح سنة عامة فى الاحتفال بكل الأعياد التى كانت تبدأ الاحتفال بها بعمل الكعك وسميت الكعكة بالرقص لأنها كانت مرتبطة فى عقيدة المصريين القدماء بقرص الشمس المقدس ، ومن هنا أخذ الكعك شكله المستدير ، وكان يتم نقشه وتزيينه بخطوط مستقيمة أشبه بأشعة الشمس فى استقامتها .
وفى الاحتفالات بالأعياد كان الكعك يقدم الآلهة فى المعابد والكهنة قرابين ، وقد عثر على جدران المقابر والمعابد صورا الكعك ، ويروى المقال المصدر أن مقبرة الوزير رخميرع فى الأقصر من عصر الأسرة الثامنة عشرة كانت صور الكعك على جدرانها ، وغيرها من جدران المقابر والمعابد .
أما كيف كان المصريون القدماء يصنعون الكعك ، فيروى أنهم كانوا يحضرون عسل النحل الصافى يضيفون إليه السمن ، ويوضعان على النار ثم يضاف اليهما الدقيق ، تقلب هذه المواد على النار حتى تتحول الى عجينة يمكن تشكيلها ، ثم يتم بعد ذلك حذوها بالتمر (العجوة ) وتنقش وكان يتم نقش الكعك بأكثر من مائة نقشة ويزيين ببعض الفواكه ، ويتم تشكيل الكعك بأشكال هندسية أو على صورة حيوانات أو زهور ، ثم ترص على ألواح من الاردواز ويخبز .
وقد تطورت صناعة الكعك عبر العصور . المهم أن المصريين عرفوا عمل الكعك منذ أكثر من 5 آلاف سنة ، وهو عادة أبدعها المصريون القدماء . وامتدت هذه العادة من عصر الأسرات مرورا بمصر القبطية ثم مصر الإسلامية وصولا الى مصر فى القرن الحادى والعشرين .
وكل كعك عيد وأنتم بخير .