بقلم / الباحثة ميادة عبدالعال
ثقافة الحوار وليس الجدل, والانتشار الواسع لمظاهر الإتباع وغلبتها على مظاهر الإبداع، وشيوع نزعة التقليد في مقابل انحسار رغبةُ الابتكار، وتجريم حق الاختلاف بصفته خروجاً عن الرأى المجتمعى، إن تلك المظاهر والمعوقات، التي إن بقيت فسوف تقودنا في نهاية الأمر إلى الهاوية، ولن يكون بمقدورنا التخلص منها، وإزالة أثارها التي حفرت عميقاً في حياة الناس، إلا من خلال نشر ثقافة الحوار المبنية على التسليم بحقّ الاختلاف والتنوع، التى تقودنا الى ثقافة الحقيقة, و ينبذ ثقافة التصيد بالاشاعة والاتهام و يعزز تسوية الاختلافات بالحوار والتوافق والتفاهم, والنأي عن تكريس الخلافات, ويأتى دور الاعلام الذى يؤمن بالتقدم الدائم إيمانَه بالمعرفة التي تزدهر بحرية التفكير والتجريب، من خلال تأسيس ونشر أخلاق الحوار، وممارسة حقّ الاختلاف، بصفته مبدأً أصيلاً من مبادئ الديمقراطية.
إعلام المستقبل الذي يواكب الاصلاح والتغير في المجتمع, ويمهد للتطور الديمقراطي ويعمل على تجذير معاني الحرية والفكر الايجابي وقيم الديمقراطية والحقوق المشروعة للمواطنة المسؤولة, ويساهم في تأسيس حالة من الاحترام , والثقة, بين الفرد والمجتمع ويعظم المعاني والروابط المشتركة بين المواطنين انفسهم , وينأى عن خطاب العبث والتنقير والتنفير والمعلومات التي تستثمر في الاشاعة والظن والاتهام .
يكمن دور الإعلام أن يساهم بالفكر والحجة والحقائق والموضوعية, واحترام الرأي والرأي الاخر , لإعلاء القيم التي تبني الواقع الجديد والحالة الديمقراطية وتُرسخ قيم العمل الجماعي, دوره أن يكشف الممارسات التي تخدم الفوضى والتخريب ليكون الإعلام أداة التفاعل والتواصل والوعي لتشكيل الواقع الجديد الذي يقود إلى التغيير ,ومع تزايد قنوات التواصل والإعلام الاجتماعي, وتزايد إمكانية تواصل المواطنين بتلقي المعلومات وإيصالها عبر هذه الوسائل مباشرة ,
أصبح الإعلام سلاح العصر, ليس في مواكبة الأحداث وحسب ولكن في تفعيلها, وخلق الأجواء التي تدفع بها وملجأ المطالبين بالإصلاح والتغيير الاجتماعي, وساحة التدافع الفكري, حيث تصاغ الحالة الجديدة وتختمر عبر الرؤى والأفكار, إلا أن الإعلام سلاح ذو حدين .
يمكن أن يواكب عملية الإصلاح والتغيير, ويفسح المجال لجميع ألوان الطيف السياسي, والفكري, وأن يدفع بالتوافق, وصياغة الأفكار الإيجابية, و التكنولوجيا الحديثة تجاوزت حدود الأخلاقيات حيث بات من الواجب علينا وفي ظل انتشار الإنترنت تعلم كيفية التعامل العقلاني مع المعلومات مشيراً إلى أن وسائل الإعلام التقليدية لا تواكب التطور. وفي ظل انتشار هذه التكنولوجيا وتسارع وتيرة تطورها لا بد من أخلاقيات تواكب هذا التطور وتسهم في توسيع آفاقنا وتطوير قدراتنا لتكون أكثر كفاءة في التعامل مع هذه المتغيرات السريعة ومع هذه المتغيرات التكنولوجية المتسارعة لن يكون سهلاً كما يعتقد البعض، فهذا التطور التكنولوجي كان عاملاً في إيجاد نوع من التضارب والتباين في المعلومات أدت إلى ابتعاد المتلقي عن الواقع كثيراً في بعض الأحيان، وهو ما أفرز تطرفاً في تبني الأفكار لدى بعض فئات المجتمع.