الدكتور حسن عبدالعال كلية التربية جامعة طنطا
متابعة _ احمد عبد الحميد
” أنا الرجل المستطيع بغيره “. . بهذه العبارة وصف عميد الأدب العربى الدكنور طه حسين نفسه ذات مرة ، قالها يرحمه الله بألم ، تعبيرا واعترافا منه بحاجته للآخر ، فى التغلب على معوقات الطبيعة ، ولم يدر هذا الرجل العظيم ، أن أجيالا عديدة من المثقفين العرب أنهم المستطيعون به ، وأنهم ما كانوا يستطيعون أن يتغلبوا على الفقر الفكرى والبؤس الروحى لو لم يقرؤا طه حسين ،. . وانا واحد من آلاف الناس الذين أثر فيهم ، فبقراءتى لطه حسين شغفت بالقراءة وحب البحث والكتابة ، لقد علم طه حسين الباحثين من بين ماعلمهم التفكير النقدي ، والاحتكام إلى معايير العقل والمنطق ، ومكانة العقل وحريته فى المعرفة والسؤال والبحث ، وإمكانيات الذات فى التجاوز والتحرر الانعتاق ،وأعتقد عن يقين أننا لا يمكننا الحديث عن الفكر العربى الحديث والمعاصر ، من غير أن نتحدث عن مساهمات واجتهادات هذا العملاق الذى فتح آفاقا رحبة للبحث فى قضايا الفكر العربى وقضايا الأدب والتاريخ والسياسة .
وما من مرة جلست لأقرأ له ، إلا واختلطت فى وجدأنى وعقلى حقائق عدة لهذا الرجل العظيم ، حقيقة الأديب الفنان ، التى تكاد تغنى لغته ويرقص أسلوبه ، وحقيقة المفكر العالم الذى تعمق نظرته وتحلق أفكاره ، ويراودنى السؤال : أين حقيقة الدكتور طه حسين وراء طه حسين الأديب ، طه حسين الباحث ، طه حسين العالم ، طه حسين العميد ، طه حسين الوزير . . ؟ أين طه حسين من هذا كله . . ؟
إن هذا الرجل العظيم الذى قال بألم عظيم : ” أنا الرجل المسبطيع بغيره ” هو الذى خلف آثارا قال عنها المفكر محمد أركون ” آثارا تضم وحدها جميع صيغ النهضة ” لقد فرض أسلوبا فى البحث والكتابة لا يرضخ للتزمت ، وأخضع تراثنا الفكرى للنقد ، وخلق ذوقا عربيا تأثر بثقافة الآخر، ونشر طرازا من الفهم العقلى الذى يقضى على الخرافة ويميز بين الحقيقة والأسطورة
أن طه حسين باب كبير . . كبير لتحديث الفكر العربى ، وللمشروع التجديدى والاصلاحى ، ورائدا عربيا من رواد النقد والبحث العلمى الصحيح ومع كل هذا . . وبعد كل هذا . . يقول الرجل العظيم الدكتور طه حسين ” أنا الرجل المستطيع بغيره ” فماذا نقول نحن ؟ ؟