[ad id=”66258″]
بقلم .. محمد صبري الشامي
أكذوبةأن الفقراء أكثر علما وثقافة
انتهت تلك العبارات الناعسة من أن الفقراء هم أولئك الذين يبزغ منهم الأدباء والعلماء والمفكرون والفلاسفة. لا أنكر أن ذلك حدث بالفعل في حالات إنسانية فريدة حطم فيها البعض القيود، لكني هنا أتحدث عن نهضة المجموع لا الفرد. وحتى لا يتشتت مني الحديث سأركز خاطرتي على ما أفهم فيه وهو تكوين الباحثين الشبان في مجال علوم الأرض. يحتاج هذا المجال إلى إنفاق مالي كبير لا يقدر عليه الأفراد ولا يمكن أن يستمروا فيه دون تمويل من جهات راعية لهم تؤمن بتخصصهم ولا تتركهم يقتطعون من قوت يومهم ليوفروا نفقات التعلم. والمؤسف أن ما نحتاجه ليس بالأمر الذي يستلزم ميزانيات ضخمة، بل مجرد تنظيم ما هو متاح بالفعل والحفاظ عليه وصيانته. إنني لا أطالب مثلا بمكافآت مالية للباحثين (وإن كان ذلك ليس مستبعدا) بل أطالب في المقام الأول بتوفير سيارات صالحة للعمل في الصحراء تكون في عهدة المحافظات أو الجامعات واستراحات آدمية يمكن أن يقضي فيها الباحث بضعة أيام بتكلفة قليلة. أكتب هذه الخاطرة في ظل حالة تدهور ملحوظ للباحثين في الجامعات المصرية في مجال عملي وصعود طبقة من الأساتذة الجدد مستواهم لا يناسب أبدا التعليم الجامعي ويؤسفني أن بعضهم مكانه بالكاد التعليم الإعدادي، جزء من هذه “المصيبة” هم مسؤولون عنه والجزء الآخر ضعف التمويل والرعاية البحثية حين تركتهم الدولة يبحثون عن مصادر رزقهم في أي شيء إلا البحث العلمي.
النتائج على هذه المشكلة لا تخص بضع آلاف من العاملين في هذا المجال بل عشرات (ربما مئات) الآلاف من الطلاب الذين يتعلمون على أيدينا ويحصلون منا في مثل هذه الظروف على تعليم جامعي رديء ومتخلف.
*******
أخذت الصورة المرفقة من مقر إحدى البعثات الأوروبية في صحراء مصر الغربية جنوب الواحات الخارجة. تضم هذه المستعمرة الصغيرة استراحة للباحثين الأجانب وغرفا لأدوات عملهم ويقوم عليها بعض عمال محليين لضمان نظافتها. ورغم أن العمل متوقف في هذه المنطقة منذ أكثر من 7 سنوات إلا أن هذا المقر ما زال يقوم عليه العمال والحراس يحفظونه لحين وصول العلماء الأجانب مجددا ويسمحون لي ولزملائي الباحثين المصريين حين نزور المكان بالجلوس برهة تحت ظل شجرة …خارج المكان.
[ad id=”87287″]