بقلم الدكتور حسن عبد العال كلية التربية جامعة طنطا
متابعة عبده البربري. احمد عبد الحميد
ظلت لفترة طويلة استمع لمصطلح ” المدن الذكية ” وأقرأ ذلك المصطلح ، دون أن أقف على تحديد لمعناه ، وما المقصود بالمدينة الذكية ، وأسائل نفسى : هل هناك مدن ذكية وأخرى غبية . وكل ما دار بذهنى عنها أنها هى مانراه من المدن فى أفلام الخيال العلمى التى تستهوينى فعلا . ودفعنى الفضول المعرفى لتعقب ما يكتب عنها لعلى أزيل جهلى بمفهوم ” المدينة الذكية ” حتى كنت أقرأ عن موضوع التنمية الشاملة ، إذ هو موضوع محاضرة أقدمها لبرنامج ” اعداد معلم الجامعة ” بعنوان ” الجامعة والتنمية الشاملة ” فى الكلية ، فوقعت عيناى على مقال عنوانه ” المدن الذكية أحد مداخل التنمية الشاملة والمستدامة للدول ” للأستاذ ايهاب خليفة فى مجلة ” لغة العصر ” .
وعرفت فى معنى ” المدينة الذكية ” أنها ليست هى المدينة التى تصورها أفلام الخيال العلمى كما كنت أظن ، المدينة التى تسبح فيها عشرات السيارات فى الفضاء ومئات الروبوتات فى الأرض، وتنتشر السيارات ذاتية القيادة فى كل مكان كما يبدو فى أفلام الخيال العلمى ، وانما يقول الخبراء عنها إنها هى نمط وأسلوب حياة كامل قائم على الاستفادة من الثورات التكنولوجية من نظم الذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياء والبيانات العملاقة، ويهدف إلى تعظيم الاستفادة من الموارد المتاحة ، وتقليل الاستهلاك والهدر فى الطاقة ، وتهيئة مناخ مناسب للابتكار والإبداع ، وتوفير آليات ووسائل تجعل حياة الإنسان أيسر وأقل كلفة وأكثر أمانا ، بما يؤدى فى النهاية إلى تحسين جودة الحياة .
ولا تتحول المدن ذكية بضغطة زر كمبيوتر ، ولكن تبدأ بمراحل تشمل بوجود بنية تحتية قائمة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، ومن ثم أجهزة استشعارات وجمع معلومات فى كافة أرجاء المدينة ، ثم ادخال تقنيات الذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياء . . . وأشياء كثيرة حتى نصل فى النهاية إلى مدينة تتسم بارتفاع معدل الأمان بداخلها ، قادرة على إعادة تدوير نفسها فتحصل على الطاقة من أكوام القمامة ، وتعيد استخدام المياة فى الرى والزراعة ، وتتميز بالاستدامة من حيث الاحتفاظ على الموارد بداخلها لأجيال قادمة ، ولا يضطر فيها الأفراد للتحرك لكل شىء ، فقد يمكنهم انجاز أعمالهم من المنزل ، والحصول على خدماتهم الحكومية عبر الهاتف الذكى .
لكن الخبراء يرون أن الأمر ليس مثاليا وبهذه السهولة ، فقد تتسبب الهجمات الإلكترونية على البنية التحتية للمدينة الذكية فى قتل أعداد كبيرة من الأفراد فى دقائق معدودة ، مثل الهجمات الإلكترونية التى تصيب قطاع الطيران أو السكك الحديدية ، أو السيارات ذاتية القيادة أو الكبارى آلية الفتح والغلق أو اشارات المرور أو المستشفيات .
ومن ناحية أخرى فالمدينة الذكية مركز جاذب للجرائم الإلكترونية من تزوير أو قرصنة أو تحرش أو ابتزاز .. . الخ . ولكن هذه التهديدات فى رأى الخبراء لا تمثل عائقا فى إنشاء المدن الذكية لأن المكاسب والميزات تفوقها .
ويبقى السؤال هل سنعيش لنرى مدن مصر ذكية ولكن بلا أخطار ، نأمل وما ذلك على الله وإرادة البشر وعزيمتهم بتوفيق الله بعزيز .