عبدالحميد شومان
أعلن وزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني اليوم الأربعاء موافقته رسميًا على منح الطالب المصري رامي شحاتة الجنسية الإيطالية بعد أن أنقذ إيطاليا من كارثة محققة الأربعاء الماضي.
وعلل وزير الداخلية الإيطالي موافقته بأن الشاب المصري الذي يتمم في يوليو القادم عامه الـ14، أظهر تفهمه لقيم إيطاليا وأنه لذلك يمكن عمل استثناء قانوني من أجل أفعال المهارة والشجاعة التي قام بها شحاتة بعد أن أنقذ 51 تلميذًا من أقرانه من الموت حرقًا في ميلانو في 20 مارس بينما قانون الجنسية الإيطالي يسمح فقط للأجانب المولودين في إيطاليا بالتقدم للحصول على الجنسية عندما يصلون سن 18 عامًا وليس قبل ذلك.
وكان الشاب رامي شحاتة مع زملائه في رحلة مدرسية في 20 مارس الجاري، قبل أن يفاجئهم سائق الحافلة أثناء عودتهم بتهديدهم بالقتل حرقاً، وجمع منهم الهواتف المحمولة وبدأ يسكب البنزين، قبل أن يكلم الشرطة من هاتفه الذي أخفاه عن المجرم”.
وقال رامي شحاتة “هاتفت الشرطة التي من الطبيعي أن نكون على دراية بأرقامها، وأغلقت الخط معها واتصلت بأبي وأخبرته سريعًا بما حدث، وأننا في عداد المخطوفين وربما تزهق أرواحنا بعد قليل، وبعدها تنبه السائق فسلّمته هاتفي المحمول حتى لا يشعر بالقلق، وكان الهاتف مغلقاً ببصمة خاصة فلم يستطع مشاهدة آخر المكالمات، وحضرت الشرطة إلى الموقع الذي كنا فيه بعد اتصالي بـ20 دقيقة، قبل أن ينفذ السائق جريمته، واستطاعت تحريرنا”.
بعد الحادث، يقول رامي إنَّ المسؤولين في إيطاليا وعلى رأسهم رئيس الوزراء ووزير الداخلية فضلًا عن السفير المصري والقنصل العام، كلهم حدثوه شخصيًا وأخبروه أنَّه بطل وتصرَّف كشاب وطني، أما والد رامي السيد شحاتة قوشة فقد أعرب خلال حديثه لـ”العين الإخبارية” عن سعادته وفخره بتربيته لابنه الذي تصرف كمسؤول قبل أي شيء، وفكّر في الآخرين قبل نفسه.
ويقول قوشة: “عندما تحدَّثت مع ابني بعد الحادث سألته كيف آتتك الفكرة وغامرت بعدم تسليم الهاتف الخاص بك ولم تتوتر، فقال لي إن كل ما فكر به في هذه اللحظة هو مدرسته وزملاؤه وكيف ينقذهم من هذا الكابوس”.
ويضيف: “إذا وضِع أحدنا بهذا العمر الكبير في الموقف نفسه ربما كنا سنتصرف بسلبية، إلا أن الله سخّر رامي وتفكيره في هذه اللحظة وألهمه التصرف السليم حتى لا تحدث كارثة”.
عن دوره في إحباط هذا العمل الإرهابي، يقول والد رامي: “عندما حدَّثني رامي قال لي إنَّه هاتف الشرطة لكنه كان قلقاً من ألا يؤخذ بلاغه على محمل الجد؛ لأن مقدم البلاغ طفل صغير السن ويظهر ذلك على صوته بوضوح”.
ويتابع: “على الفور حدَّثني وقال (يا أبي نحن مخطوفون افعل شيئًا)، وبالفعل كنت أتصرف وأنا في قمة الخوف والانفعال؛ لأن ابني مهدد ومخطوف ومصيره الموت إن لم أفعل شيئاً، ومعه 50 زميلاً له، وفورًا أبلغت الشرطة وتركت لهم رقم الهاتف الخاص برامي لمتابعة موقع تحركهم من خلال تقنية الجي بي إس، وتحركت أنا بسيارتي إلى الموقع الذي أخبرني به ابني وكان على بعد 4 كيلومترات من المنزل، إلا أن المجرم السائق كان قد تحرك من المكان بنحو 35 كيلومتراً قرب أحد مطارات ميلانو”.
ويكمل الأب أنَّ السائق ذهب بالأطفال إلى ذلك الموقع لقتلهم على منطقة حدودية انتقامًا لأولاده الذين هاجروا إليه من السنغال عبر البحر في هجرة غير شرعية ومنعتهم السلطات من دخول البلاد خاصة بعد تصريحات سابقة لوزير الداخلية بتشديد الرقابة وعدم إدخال المهاجرين غير الشرعيين، وهم بالأساس يهاجرون على مراكب متهالكة كثيراً ما تتعرض للغرق، وكان هذا مصير أبنائه الذين غرقوا على الحدود، وانحسر تفكير السائق في الانتقام لأبنائه بقتل 51 طفلاً لا ذنب لهم عن طريق حرقهم في حافلة المدرسة بمنطقة حدودية.
وعن مصير السائق، يقول قوشة إنَّ السائق ستتم محاكمته وترحيله خارج البلاد وربما يتطور الوضع لسحب الجنسية الإيطالية منه، لا سيما أن وزير الداخلية الإيطالي في لقائه بي وابني وأمام وسائل الإعلام وصف ابني بالبطل، وأنَّه هو مَن يستحق الجنسية الإيطالية وليس نموذجاً مثل هذا السائق الذي كاد أن ينفذ حادثًا عنصريًا بشعًا.
وعن الجنسية الإيطالية يقول والد رامي إن ابنه مولود في إيطاليا وعلى كل حال كان يستحق الجنسية بإتمامه 18 عامًا إلا أن المعلومة المؤكدة أن السلطات وافقت على منحه الجنسية من الآن، ووصفته بالبطل، وسيحظى بالتكريم بعد أيام أمام العالم من جانب السلطات الإيطالية والسفارة المصرية والقنصل المصري، فضلًا عن أن الجميع يشكرني على حسن التربية التي يتمتع بها ابني الصغير رامي، ويؤكدون أن ما فعله في السجل الإيطالي يسمى (معجزة) بكل المقاييس.