بقلم / الباحثة ميادة عبدالعال
عفواً يا نفسي فلستُ أنا الذي أصدرت عليكِ هنا الحكم بل أصدره عليكِ الذي ( أوجدكِ ) وهو أدرى بكِ :
” إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ” لماذا نبقى دائماً.. نقع في مصيدة الخذلان ممن نسدي لهم المعروف؟.. هل لابد أن نعرف كيف نقيّم الآخر حتى لا نقع ضحية خذلانه وإنكاره لمعروفنا؟، أم أن المعروف لا يجب أن ينتظر مقابل لنسعد به؟.
فليس هناك أصعب من نكران الجميل لإنسان لا يحسن سوى أن يكون وفياً، صادقاً، ليس له أن يخدش اليد التي تمتد إليه، فيتصور أن الجميع يطابقونه في ذلك المبدأ، ويقاسمونه ما يؤمن به في الحياة من الوفاء.. وتحمّل مسؤولية أن تبقى دائماً مقدراً ومخلصاً لمن أسدى إليك معروف.. فنحن نبقى أوفياء.. لمن قدّم لنا الجميل في الحياة.. حتى إن أساء، وحتى إن بدرت منه الأخطاء.. فنبقى دائماً مرتبطين به بمعاني المعروف لجميل صنعه لنا في فترة من الفترات.. فكيف بمن يرمي جميع ذلك خلف ظهره.. وينكر المعروف؟.
الإنسان عليه بعد أن يُصدم من نكران االجميل , أن يقرر أن يتفرّس بالقدرة على تصنيف الأشخاص, ومن يستحق العطاء ومن لا يستحق، فالخذلان الأمر موجع قد يفقد الإنسان الثقة بمن حوله، ولذلك علينا دائماً أن نختار من نقدّم لهم في الحياة الجميل، ومن نقف موقف المحايدة معه، حتى لا نتألم، المشكلة ليست فيمن أنكر المعروف؛ فنحن لا نستطيع أن نُعيد تربية الآخرين، أو علاج جميع المرضى ومنهم من ينكر المعروف، بل لابد من التركيز على تطوير الذات في مواجهة هذه الأنماط في الشخصية بشجاعة، فبدل أن نحمي أنفسنا وقد ننهزم، نشعر بالشفقة على من ينكر المعروف حتى نصبح أقوياء وبنفسية مختلفة؛ لأن الرؤية هنا أبعد، فعلاج نكران المعروف يختلف باختلاف علاقتنا بمن أنكر المعروف، ونحن دائماً بحاجة إلى الانتصار الذاتي، وتقدير الذات، وتلك لا تأتي من عشوائية، بل لابد من العمل على النفس بشكل مكثف.
قال ابن الأثير في النهاية: من كان عادته وطبعه كفران نعمة الناس وترك شكره لهم كان من عادته كفر نعمة الله- عز وجل- وترك الشكر له.
و قال المتنبي: إذا أنت أكرمت الكريم ملكته.. وإن أنت أكرمت اللئيم تمرداً.