د . أحلام الحسن
يعاتبني وكأن الأيام
كانت بمشيئتي
كأنّني كتبت مقاديري
وأمليتُها فوق صفحتي
و أنّ بوصلة الدّهر
رهنُ وإصبعي
و أنّ شفاه الإبتسامات
تكدّست في حقيبتي
أيا معاتبي خفّ العتاب
عن قلبي وعن مدمعي
تفننتْ الأيامُ
في كؤوسِ مرارتي
و لم تنصفني
و بالجمر رمت روائعي
وباتتْ أعين الجمرِ
تنزعُ الحياة من أمنيتي
وتسعى لإحتراقي
واحتراق كلٍّ قناديلي
لتحترقَ رآياتي
وعند المساء تخرسُ مواويلي
وتصمتُ أُغنيتي
وبتُّ كيوسفَ غريق الجبِّ
ّ رُميتُ طفلًا
صبرتُ حتّى ملّ الصّبر منّي
دون جدوى
أجمعُ قوايَ وقدرتي
و باتَ جُبّي
يسقي كلّ العابرينَ
غريبٌ لستُ كالأوطان أنا
في خرائطِ العالم
صحرائي وواحتي
ومنْ قميصيَ الملطخِ
بإكذوبة دمي
كثرتْ أكاذيبٌ
وعلى أنياب ذئبي المُحكى عنه
تربّعتْ صفوفُ أُخوتي !
وضاعتٔ مع هبوب الرّياح
جميعَ مطالبي
صرختُ وبحّ صوتي
ولم تصل لكم صرختي
وخلف القضبان أُزجُّ
بالحبّ اليوسفي الملوٍّع ِ
وأُصلبُ بقميصي
الممزقِ وأبنائي يصفقون
وبين أيديهم
خُنقتْ وطنيتي
تَوزعَ أُخوَتي
في سوريا و لبنانَ وليبيا
و باليمن الجريح
وفي أزقّةِ حجاز الأمّةِ
شمالاً .. جنوباً .. شرقًا
وغربًا وبين السهول والهضاب
تنازعوا على قِطعِ قميصي
ودم يوسفيتي
و تُسرعُ خناجرُ
إلى خريطتي تُمزّقها إربًا
ويتغدى العربيُ بالعربي
ويتعشى المسلم بالمسلم
كأنّهم هندٌ (للحمزة ِ )
و مصر الأمومة
وفي جراحات النّيلِ
تولولُ صارخةً إرحموا
بقايا من أمومتي
قتلتموني مرارًا
وأثكلتموني في فلذاتي
وأحرقتم قلبي
يا أحمق أبنائي وذريتي
وفي صنعاء ومجد اليمن
نزيف جراحاتي
نزيف جرحي الدّامي
قتال أخوتي
بين أضلعي ورئتي
وفوق شواطئ الخليج الزّرقاء
تكاثرت نوارسُ جوعى
حكاية خريطة تتمزق
وتمزّقُ معها مهجتي
وبالكرم العظيم
فكم يُسكبُ الزّيتُ
ويُشعلُ الفتيل
بكلّ أولادي
وأطرافِ خريطتي
وبالعراق الجريح
ضاعتْ حساباتي وأرقامي
يعود مرارٌ مضى
ليحرقَ زهوري وحديقتي
و في الآم سوريا
قطّعتْ أوصال بلادي
لعبتْ بنو قينقاع
بلحمة وطنيتي
أنيني هل تسمعوه
تصرخُ شرايني نادبةً
كفاكم سفك دمي
فمتى تُبرُّ أمومتي
وثانيةً تُزهرُ خريطتي