متابعة ….أسماء الصفتي
بقلم الاستاذ الدكتور حسن عبد العال
يعنى التجديد الحقيقى فى الثقافة أو فى أى من مجالاتها هدم الماضى بحال من الأحوال ، فالماضى لا يمكن هدمه والقضاء عليه ، انما يعنى العكس من ذلك ، أنه بناء لهذا الماضى ، وإعطاؤه ابعادا جديدة وذلك يتطلب فيما أرى ضرورة التحرر من الأساليب القديمة ، وصياغة أساليب جديدة بمعنى :
خلق ترابط جديد بين الأشياء والأفكار ، بين الأصول التى رسخت فى تراثنا الفكرى وبين الوقائع والأحداث التى تتوالى ولا تنتهى فى زمننا المعاش ، اى خلق نظام جديد من التفكير والتعبير و خلق اطار جامع يتحرك صوب مفهومات جديدة أوسع وأغنى وأشمل من مفهومات تتردد فى تراثنا الفكرى وتضيق عن حركة الواقع ، وكانت ترمز الى شئ سابق ثقافى أو إجتماعى أو سياسى قد تغير الان .
ولا تجديد بغير حرية فى البحث والتفكير ، وهذا يعنى حماية المجددين والمبدعين فى مجتمعنا الذى تطغى عليه نزعة التقليد ، وترتبط فيه هذه النزعة باعتبارات دينية وقومية .
والذين يخافون التجديد عليهم أن يدركوا أن التجديد يعنى أننا نعيش اللحظة.الحاضرة والمعاصرة ، وأننا حين نفقد القدرة على التجديد نصبح فى مستوى الأشياء ، ويغيب عنا الواقع وننفصل عن الحياة ، و من الخطأ أن يظل ايمانهم بمسلمة ” ليس فى الإمكان أبدع مما كان ” فالعقل يملك ابداع الجديد دائما ، ولا يتناقض مع الماضى ايجاد شئ لم يكن فيه ولم يعرفه أهله .
أن كراهية التجديد والخوف منه على الهوية والأصالة أدى إلى تكوين نموذج المثقف العربى والذى يسميه البعض ” المثقف المدرسى ” وهو نفسه النموذج الذى يوجه المدرسة فى بلادنا اليوم ويخطط لمناهجها التربوية
ولا يصدر هذا النموذج فى فهمه وأحكامه الا عما تأسس واستقر سلفا ، ويشيع بالطرق التفسيرية المحافظة مناخا ثقافيا يعنى بالمعلوم لا بالمجهول ، وتسيطر عليه نزعة التلقين لا نزعة الاكتشاف , ونزعة القبول لا نزعة التجاوز
والسؤال الذى يجب أن نجد له جوابا هو : إلى متى نرهب التجديد ونتقاعس عنه ؟