متابعة …اسماء الصفتي
بقلم الدكتور محمد ابراهيم طه
كلية التربية جامعة طنطا
..قرأت ما تم تداوله اليوم في وسائل التواصل الاجتماعي عن قرار ادخال اللغة الصينية في المناهج الدراسية في المملكة العربية السعودية، ثم قرأت ما تبع هذا القرار من ردود افعال تمايزت بين معطياتها ولكنها اجتمعت على سياق واحد وهو ان اللغة الصينية هي لغة المستقبل، ومنهم من برر هذه النظرة بكثرة تعداد سكان الجمهورية الصينية الشعبية وانها الدولة الاولى عالميا من حيث عدد السكان، والثانية عالمياً من حيث الناتج المحلي الاجمالي، وان الصين اصبحت تصنع للعالم اجمع، واذا ما اردنا التقدم والتطور فإن علينا مواكبة التنين الصيني ويبدأ ذلك بتعلم لغتهم.ولا اعلم حقيقة كيف ستكون الية هذا القرار وطريقة تطبيقه ولكن دعونا نستشرف المستقبل في ضوء معطيات الحاضر لنعلم هل نحن حقاً بحاجة لتعلم اللغة الصينية أم لا.
بداية فإني اقول ان من يدعي بأن اللغة الصينية سوف تغزو العالم بسبب الصناعة هو كالذي يدعي ان اليوان سوف يحل محل الدولار ، وكلاهما احلام بعيدة المنال والتحقق. لقد بدانا نعيش زمن الثورة الصناعية الرابعة، الثورة التي سيطرت على العالم وفرضت نفسها وفرضت مفاهيم جديدة مثل:
ML (machine learning)
IoT (internet of things)
AI(Artificile intelligent)
Blockchain
Programming languages
Big Data
وغيرها ، وكلها تقنيات مبنية على اللغة الانجليزية.ماعادت الصناعة التقليدية مسيطرة، فالان عصر الصناعة التكنلوجية، الان عصر الاتمتة Automaton والتقنية Technology، ففي المستقبل القريب جدا لن احتاج لاتحدث مع المصنع الصيني باللغة الصينية ليصنع لي سلعة ما، بل سوف احتاج بشكل اكبر لأن اتعلم لغة الالة ولغة البرمجة اكثر من تعلمي للغة الصينية، فإن غالب الصناعات وخطوط الانتاج ستحل محلها الطابعة ثلاثية الابعاد 3D printer، هذه التقنية التي ستختصر وتختزل خطوط انتاج كاملة وتزيحها عن المنافسة، وكذلك سلسلة التوريدات supply chain فإن جزء كبير سيتحول ليكون مبني على مفهوم الـ C2C) customer to customer)، وفي اسوأ الاحوال فأني ساتمكن من استخدام جهاز او تطبيق لاتحدث بلغتي والتي تترجم حديثي لحظيا الى اللغة التي اريد.اما من برر ذلك بكبر حجم التعداد السكاني الصيني، فاذا كان تعداد الصين السكاني والبالغ تقريبا مليار ونصف المليار نسمة يعزز مبدأ تعلم لغتهم، فإن التعداد الان للالات المتصلة بالانترنت يتجاور السبعة عشر مليار جهاز Connected Devices، وتشير التنبؤات انه قريبا جدا ستتجاوز عددها الخمسين مليار آلة، فعلى نفس المبدأ فإن تعلم لغات الالة المشار لها سابقاْ هو الاجدر والاولى. ثم ان الصينين انفسهم تخلوا “تجاريا” عن اللغة الصينية واستبدلوها باللغة الانجليزية، فلا تكاد تدخل مصنع او شركة او فندق في الصين الا و تجد من يتحدث الانجليزية ويتقنها، بل ان معرض كانتون بالكامل يتحدث جميع العارضين فيه باللغة الانجليزية، وكان تعلمهم للغة الانجليزية من اهم عوامل هيمنة الصناعة الصينية وانتشارها بين الصين والعالم اجمع.
ماذا لو حلت الصناعة الهندية محل الصينية، فالهند الان تنافس على صعود اقتصادها، واصبح ينمو بشكل كبير ، وكثير من المصانع بدأت تتحول للهند، فهل يفترض بنا ان نتعلم اللغة الهندية!! لنبني قرارا مستقبلياْ فإن علينا ان نعلم إلى أين يتجه المستقبل، ثم نواكب توجهاته، لا ان نبني خططنا المستقبلية على ماضي آيل للزوال.
كنت سأرقص فرحا لو كان القرار هو ادخال لغة البرمجة في المناهج الدراسة، واعتقد انه مازال في الوقت فسحة للمطالبة بادخال لغة البرمجة الى المناهج الدراسية من المراحل الاولى، لا سيما و ان لغات البرمجة يمكن تعليمها بطرق متعددة ومتدرجة، تبدأ بمستوى بسيط مناسب للاطفال وتتدرج لتصل لمستويات متقدمة جدا، وتعزيز ذلك بتعلم تقنيات اخرى تصب في نفس الهدف وتخدم ذات المصلحة.