صدرت للكاتبة الجزائرية الواعدة فتيحة نقاب رواية قصيرة بطابع مسرحي شكل وعاءها اللغوي حالة متفردة في الجزائر حيث جنحت في عملها الإبداعي الى توظيف العامية المصرية وبهذا كان لها السبق،وقد وجد منجزها اهتماما من القراء والفئة العمرية التي استهدفها النص بمعرض الكتاب الدولي بالجزائر والمعرض الذي اقامته الدار الناشرة للمؤلف والذي شكل لوحات معنونة في مقتطفات : إلى الحروف البكماء إلى الأصوات الصماء إلى الجسم المشلول و الإحساس المعدوم إلى الخيوط الخفية و العروض الفنية إليك يا عروسة الماريونيت – أنا إسمي أسينات ، كان هذا الإسم الفرعوني القديم هو أول هدية من مامتي ست الحبايب ، إختارت لي هذا الإسم لأنني ولدت و كبرت و ترعرعت في مصر أم الدنيا ، و لأنني ابنة النيل و وريثة الأهرامات فقد فتحت عيني على أصوات القاهرة و عظمة سيناء و عطر الجيزة و رونق الأقصر . – رسالة تحرير الماريونيت ليست لشخص بعينه ، بل للعالم بأسره ليتحرر من الخيوط التي تكبله و الحناجر التي تصرخ نيابة عنه ، و للأيادي التي تملي عليه التحرك على نحو معين ، أنا … أنت … أنت … هو … هي …
ليكن شعارنا جميعا لست عروسة ماريونيت ، فليتحرر العالم أجمع و ليحيا عالمنا بسلام . ملخص : مسرح العرائس – الليلة الكبيرة – هو الإسم الذي انتقيته لمولودي الأدبي الأول ، و اخترت مكان ميلاد قصته ليكون في أم الدنيا مصر ، و راق لي من بين كل الأماكن أحضان الحارات الشعبية في القاهرة و عطرها الأصيل ، أما زمان القصة فقد كان في زمن لا أعرفه لكنني تخيلت كل تفاصيله. و لأن روايتي المسرحية موجهة للأطفال فقد اخترت بطلتي واحدة منهم ، كانت بطلتي مختلفة قليلا عن أبطال قصص الأطفال الأخرى ، شخصيتي الرئيسية تدعى أسينات و كان هذا اسمها لأنه يوحي بطريقة أو بأخرى بعظمة موطن الفراعنة . تعيش أسينات في بيت مزروع في ركن حارة شعبية يفوح منها عبق الأصالة و يذوب في تفاصيلها كل ماهو جميل ، و يرافقنا في أحداث الرواية القصيرة والدا أسينات و شقيقها الأكبر أحمد و التوأمين سناء و هناء ، و دون أن ننسى ( جدو حسن ) . تبدأ القصة بحب أسينات للعرائس كغيرها من الأطفال ، لكن حبها ليس عاديا لأنه محشو بأفكار تغزو عقلها الصغير و توهمها أن العرائس بشر مثلنا و لسبب ما لا شيء يقنعها بغير ذلك . كبرت تساؤلات الطفلة الصغيرة حين صنع لها جدها عروسة إسمها لبلبة ، كانت الأحب إلى قلبها و الأفضل بكل تأكيد من كل العرائس التي أضاعتها من قبل . باقتراب شهر رمضان يرافق الأطفال آبائهم إلى السوق الشعبي لاقتناء مستلزمات الشهر الفضيل و الفوانيس و بالطبع أسينات واحدة منهم ،
لكن … ككل مرة تنجذب الطفلة إلى كل ما يتعلق بالعرائس و يقودها تيهها و تأملها للعرائس في السوق إلى متاعب كبيرة ، فتفقد أثر والدها و لا يغادرها الشرود إلا بعد اختفائه عن أنظارها كليا … بعد كل هذا تحظى أسينات بعروسة جديدة إسمها سكرة و تعتقد أنها ابنة لبلبة المفقودة . كعادة المصريين في رمضان لا غنى عن الحكواتي ، و بطبيعة الحال لا تفوت أسينات و أختيها الإستمتاع بعرض العرائس بعد الإفطار ، لكن تختلف أسينات عن بقية الأطفال المستمتعين بعرض الحكواتي فهي تحاول جاهدة معرفة أسرار الصندوق و تسعى لمعرفة السبب الذي يجعل عروستيها جامدتين في حين تتحرك و تتكلم عرائس الحكواتي أبو رجب . ككل الأطفال هي أسينات تكثر تساؤلاتها ثم تنساها سريعا و تستمر في الإستمتاع باللعب بالعرائس و كأن أمر جمودها لا يعنيها ، لكن قدوم المولد النبوي الشريف كان النقطة الفاصلة فقد كثر تداول الليلة الكبيرة في الحارة على ألسنة الكبار و الصغار و رسم هذا في ذهنها علامات استفهام و أخذت تستفسر عن ماهية الليلة الكبيرة ، و لكن بعد أن شاهدت عرض المسرحية أخذت تبكي لسبب لا تعرفه إلا هي… لقد عرفت في نهاية العرض أن العرائس لا تتحرك وحدها و لا تتكلم من تلقاء نفسها أيضا بل كل ذلك كان من صنع أيادي بشر تختفي خلف الستائر . كان هذا دافعا لأسينات حين كبرت فكانت مصممة عرائس ماريونيت و قدمت عرضا مسرحيا اطلقت عليه عنوان تحرر الماريونيت ، لقد أرادت أن تحرر العرائس من الخيوط التي تكبلها و توصل بذلك رسالة لأبناء بلدها و تدعوهم للتحرر من كل القيود التي من شأنها أن تحد تفكيرهم و آرائهم و تجعل منهم جمادات تختفي أصواتهم خلف الستار بعد التصفيق ، فلا تكن كعروسة الماريونيت .