الجمهورية اليوم دوت كوم
موقع اخباري شامل اخبار عربية وعالمية وظائف اهرام الجمعة خدمة الاسعار

إنه الموت

- Advertisement -

[ad id=”66258″]
عبدالحميد شومان
الموت تلك الكلمة المرعبة التي تقشعر لهولها الأبدان كلمة مكونة من ثلاثة أحرفٍ موت، ثلاثة أحرفٍ تثير الرعب في قلوب عباد الله، الموت ما ذكر عند جليلٍ إلا وحقره، وما قورن بعظيمٍ إلا وأذله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور ) انه الموت : ذلك المخلوق المرعب الذي ترتعد الفرائص عند ذكره، مخيف، غامض، مرعب، كريه بغيض للنفس الإنسانية بل وحتى للبهائم، إذا شعر الفيل بدنو أجله فإنه يهجر القطيع إلى مكانٍ بعيدٍ ليلقى حتفه هناك، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأسد وبعض الحيوانات الأخرى، وإذا وقع الحيوان في فخ حيوانٍ آخر فإنك ترى في عينيه الرعب والجحوظ والخوف من الموت .

والموت حق على جميع المخلوقات من إنسٍ وجنٍ وملائكة وسائر المخلوقات الأخرى، ومهما طال الزمن أو قصر فلا بد لنا من ولوج بوابة الموت،
والموت يا سادة يا كرام مصيبة وأي مصيبة، سماه الله مصيبة قال تعالى ( فأصابتكم مصيبة الموت ) الموت لا يعرفك ولا يجاملك، يأتيك دونما إنذارٍ في بعض الأوقات، حادث أو طعنة، طلقة أو نوبة قلبية، صعقة كهربائية أو انهيار في وظائف القلب بصورةٍ مفاجئةٍ، وفي بعض الأحيان قد ينذرك أو تنذرك علاماته ( المرض، الشيب، الحرب ) وغيره.

الموت يهجم فجأةً كلصٍ غادر، لكنه هجم عليك بقدر من الله، لا يحتاج الموت إلى واسطة أحدٍ من المخلوقين كما لا يحتاج إلى استئذانٍ منك، ربما بعد قراءتك لهذا المقال سوف تموت، وربما بعد أن تغلق جهاز الحاسب سوف تموت، ربما تموت بعد غدٍ أو في الغد، أو بعد شهرٍ ……… لا تعرف تاريخ نهايتك ولا وقتها أو مكانها ولا يعلم أحد إلا الله سبحانه وتعالى ( وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرضٍ تموت )


[ad id=”1177″]
ذات يومٍِ كنت في إحدى البقالات أشتري أغراضاً لمنزلي، كان بجواري رجل يتحدث في الهاتف ويعلم أصحابه أن أمه قد توفاها الله سبحانه وتعالى، كأنه يطلب العزاء لنفسه منهم، كان أرى انفعالاته من وراء ظهره، كان يقطع الخط الهاتفي ليهاتف شخصاً آخر وهكذا، حتى فرغ من تلك المحادثات، سلمت عليه وسألته عن أمه فأعلمني أنها قد توفيت إلى رحمة الله سبحانه، عزيته وصبرته وطلبت منه الدعاء لها، خرج الرجل من البقالة وانطلق في حال سبيله وأنا أشيعه بنظراتي الحزينة، رأيته يرفع يده اليمنى ويمسح دمعةً نزت من إحدى مقلتيه حتف أنفه، ثم أخذ الظلام يبتلعه شيئاً فشيئاً والعربات تمر بجانبه ولا تعيره انتباهها، لم يكن أحداً يعلم أو يشعر أن هذا الرجل الذي يمشي على قدميه قد توفيت والدته للتو واللحظة، ما أقساك أيتها الحياة .
تذكرت قصةً للأديب الروسي ( أنطوان تشيكوف ) عن أبٍ فقد ولده الشاب بسبب مرضٍ لم يمهله طويلاً، كان الأب يعمل حوذياً يقود عربته القديمة بحصانه العجوز في صقيع روسيا القارس، وكان الأب المكلوم إذا ركب معه أي راكبٍ فإنه كان يبث إليه حزنه ولوعته على ابنه الشاب الذي كان يعول عليه كثيراً، وكان الكثير من الركاب يبدي تبرمه وعدم مبالاته لهذه القصة المأساوية، ما أحوجنا إلى المعاني الإنسانية .

ومثل هذه الغفلة واللامبالاةٍ تحدث لنا عندما نشيع رجلاً ما إلى قبره، أو إلى أول منزلٍ من منازل الآخرة القبر، نكون حينها في تأثرٍ بالغ وحزنٍ عظيم، وما إن نخرج من رحم المقبرة إلى صخب الحياة ولججها حتى يكتنفنا النسيان أو ما يعرف ( بالران ) الغفلة، نترك الميت لمصيره المحتوم ( الحساب )، تماماً مثل ما أخبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف ( إذا مات الميت تبعه ثلاثة أهله وماله وعمله فيرجع اثنان ويبقى واحد يرجع أهله وماله ويبقى عمله )
اللهم احسن بالصالحات خاتمتنا..

[ad id=”87287″]

- Advertisement -

قد يعجبك ايضا
اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق