متابعي الافاضل ، الزملاء والزميلات
خالص تقديري لجمعكم الكريم ، اليوم اعود واذكر نفسي واذكركم ، بتلك القضيه الشنعاء التي تشغل بالنا جميعا نحن الصيادله المخلصون لهذا الوطن العاشقون لترابه ، المؤمنون بحقوق المريض المصري ، ان يحصل علي دوائه في يسر وسهوله دون ان يتعرض لأزمات شح الدواء او احتكاره ليقع المريض فريسه في يد بعض السماسره واصحاب النفوس الضعيفه ، الذين وصل بهم الامر الي اللعب بمصائر المرضي الي مراحل متقدمه لغش الدواء ، الامر الذي قد يؤدي الي فقدان حياتهم في لحظه بسبب جشع هؤلاء المجرمون.
لهذا السبب متابعي الافاضل اردت في مقالي هذا ان اسرد لحضراتكم مقال سابق للأساذنا الدكتور / احمد خالد توفيق ، حيث تحدث في تلك القضيه ، الهامه وفندها بالشرح والتحليل ، حيث استهل كلماته في البدايه عن صناعة الدواء المغشوش … حيث قال..
لقد قرأت الكثير عن الأدوية المغشوشة التي تطرح في السوق، وصناعات ما تحت السلم كما يسمونها، فلم أفهم خطورة المشكلة إلا عندما مارست الطب السريري. المريض الذي ارتفعت حرارته يتعاطى جرعات هائلة من مخفض الحرارة والمضادات الحيوية، فلا تنقص درجة حرارته شرطة واحدة. هنا يجب أن أعترف بأنَّ الرقابة الدوائية في الخليج ممتازة، لهذا أجرب أن أعطي المريض قرصاً من نفس مخفض الحرارة، لكنَّه ذلك الذي يباع في الخليج.. معجزة! شفاء تام مع ضمان ألا يمرض لمدة عشرة أعوام قادمة. ويسترسل الدكتور احمد خالد ضاربا لنا مثلا… قائلا
ذات مرة أخطأت ممرضة في مستشفي ما، وحقنت مريضاً بأمبول كامل من مادة الأدرينالين في الوريد. دخلت عليها لأجدها تخرج المحقن من وريد المريض شاعرة بالرضا. أصابني الهلع.. الأدرينالين لا يؤخذ مباشرة في الوريد، وإنَّما يخفف ويعطي تحت الجلد أو في عضلة القلب. ما فعلته هذه الممرضة – حسب ما تعلمته في الطب- هو جريمة قتل خطأ بالمعنى الحرفي. فحصت المريض فبدا لي على ما يرام.. بعد ساعة كان في حالة ممتازة، وقال لي إنَّه يأخذ هذه الحقنة من وقت لآخر لأنها تريح صدره كثيراً! بعد يومين كان في المستشفى يطلب المزيد من هذا العلاج الرائع! لا تفسير عندي سوى أنَّ العقار تالف.. هذا ليس أمبول أدرينالين، ولكنَّه أمبول ماء.. لهذا لم يؤذه على الإطلاق. من جديد شعرت بامتنان لهذا الغش الدوائي عندما أصبت بارتفاع في ضغط الدم، وكنت أتعاطى أقراصاً خطرة شديدة الفعالية لتخفيض الضغط. تقول النشرة بوضوح تام إنه لا يمكن أخذ أكثر من قرص واحد يومياً، وإلا فهو الموت والزوال والخراب. لما كنت إنساناً بلا ذاكرة تقريباً، فإنني أبتلع القرص ثم بعد ربع ساعة أتذكر موعد الدواء فأبتلع قرصاً آخر.. ثم بعد ربع ساعة أتذكر موعد الدواء فأبتلع قرصاً آخر. فقط عند المساء أجد أن العلبة تنقص ثلاثة أقراص وأنا ابتعتها اليوم.. هكذا أكتب وصيتي، وأقبل أطفالي، وأطلب من زوجتي أن تسامحني على كوني وغداً .. وأدخل السرير، وأتلو الشهادتين. في الصباح أستيقظ من النوم منتعشاً لأبدأ يوماً جديداً. وبالطبع سوف أبتلع أربعة أو خمسة أقراص عند الظهيرة. عندما فطنت إلى أنَّ العلبة لا تعيش معي سوى ثلاثة أيام، أدركت أنني أبتلع كميات مخيفة من هذه الأقراص. ليس سبب نجاتي هو إنني سوبرمان .. سبب نجاتي هو أن الأقراص خالية من المادة الفعالة، ولا لزوم لها على الإطلاق. لحظة لأن هذا الصديق يتصل بي.. ما هي المشكلة؟ صديقي يقول لي إنه مصاب بالبرد.. لذا ابتاع أقراصاً مضادة للبرد، ولما وجد أن القرص صغير دقيق وشكله غير مقنع، ابتلع عشرة أقراص خلال ساعة. قلت له ألا يقلق بتاتاً.. كل ما هنالك هو أنه سيصاب بارتفاع ضغط دموي مروع يؤدي غالباً لنزف في المخ. هذا ما تخبرنا به كتب علم الأدوية. لكن أصاحبي بخير حال.. مر يوم ويومان وكل شيء على ما يرام.. فقط تحسنت أعراض البرد كثيراً. طبعاً لا يوجد عندي تفسير سوى ما قلته لك.. الدواء لا يحوي مادة فعالة على الإطلاق. غش الأدوية.. الأمل الوحيد المشرق لهؤلاء الذين يتعاملون مع الأدوية بخرق، أو ينسون أنهم أخذوا الجرعة اليومية.. لولاه لانتهى أمرنا جميعاً واختتم الدكتور احمد خالد بقوله منذ زمن. غش الأدوية! أين كنا سنكون من دونه؟ عندما أقارن بين مشكلة دواء لا يعالج، ودواء يقتل لو زادت جرعته قليلاً، فإنني لن أتردد كثيراً في الاختيار.
والله الموفق والمستعان..
دكتور /هاني عبد الظاهر