عقبالك يوم ميلادك!

أتذكر دائما جملة من أغنية “عقبالك يوم ميلادك” للعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ كتبها العبقري حسين السيد : “قالولي يوم ميلادك لما تنول اللي شغل بالك”، ربما كان محقاً أن المرء يولد عندما ينال ما يشغل باله وقلبه لسنوات عديدة ، لكن كان هناك دائما سؤال يراودني؛ متى تسللت لحياتي واستوطنت كل ركن؟ ، ومتى سمحت أنا لقلبي أن يبقيك داخله ويحرسك رغم كل الأعاصير التي مرت به؟ هل كان ذلك اليوم الذي رأيتك فيه عند سُلم مكتبة الكلية، فحين مررت بجانبي، أنت لم تشعر بي تماما ، ولكن في تلك اللحظة أدركت أنه سيكون هناك قصة أخرى ، لما أدري متى ستبدأ وكيف ستنتهي؟

https://www.google.com/search?q=%D8%B9%D9%82%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%83+%D9%8A%D9%88%D9%85+%D9%85%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%AF%D9%83&oq=%D8%B9%D9%82%D8%A8%D8%A7%D9%84&aqs=chrome.0.69i59j69i57j0i512l8.2864j0j15&sourceid=chrome&ie=UTF-8

لكن تذكرت حينها كلمات أمي الراحلة رحمها الله التي كانت تشعرني بالأمل دائما “محدش عارف بكره مخبي ايه؟!” ، “يا جحا عد موج البحر ..قاله الجايات أكتر من الرايحات”.

لم أكن أعرف اسمه ولكن ظلت صورته في ذهني محفورة ، بعد سنوات الجامعة، استخدمت خبرتي الصحفية في البحث على أن أصل اليه بالرغم من انني لا أملك أي معلومة أبحث عنها سوى الصورة التي في ذاكرتي ، وبالفعل قمت بالبحث ونجحت في الوصول إليه ..لكن لم أصل لقلبه في ذلك الوقت ..

مرت السنوات التي كانت تحمل في طياتها انكسار قلبي كانت كالحرب الضروس، وأصبحت أنا شخصا آخر يؤلمه الماضي كثيرا ويخاف أن يتكرر معه مرة أخرى، لكن القدر دائما يفاجئنا على قدر الألم الذي شعرنا به من قبل ، فقد كانت عودته إلى قلبي تحمل الكثير من التفاصيل كعودة المغترب إلى وطنه ، اليوم أنا أملك ركن صغير في قلبه ، وأتمنى أن أسرق البقية يوما ما.

ولكن دعني أخبرك عزيزي أنني أستمتع عندما تخبرني عن عائلتك وأصدقائك ويوميات عملك، وحبك الأول، ووالدتك الجميلة، ووالدك العظيم، أشعر بالأمان وأن أتسلل نحو قلبك على أطراف أصابعي، أخشى القيادة مسرعة داخله، والاصطدام بالمطبات التي صنعتها النساء قبلي، والفجوات غير المسدودة التي تركوها ورحلوا..أخاف على هذا القلب كثيرا، وأخاف منه حبيبي أكثر.

دعني أخبرك أيضا أنني أبحث في الصباح عن صوتك بين البشر ، أستجدي الأمان في نبرتك الدافئة ، أبحث عن كلمة “اشتقت إليكي” ربما تزداد دقات القلب دقة، أخبرني كيف ألا أبحث عن هذا الكيان الذي يأخذني بعيدا عن عالم البشر ويأسرني في عالمه بين السياسة وكرة القدم (الأهلي والزمالك)، وأتشارك معك تفاصيل يومي؛ وكل حكايات الحب المزعومة قبلك، تقفز في عقلي تفصيلة صغيرة ليست على مقاس كل العقول ولا أريد الثرثرة بها مع أحد غيرك ، معنى جديد للحميمية؛ هو مشاركة التفاصيل غير المهمة في الأوقات غير المناسبة.

أبحث عن مناسبة للاحتفال بالطهي معك؛ أقف في المطبخ بجانبك ، وتتهامس علينا الخضروات، فتغمز لبعضها عن القبلة المحتملة وتنتظرها، وربما اختلفنا متى نضع قطع اللحم قبل غليان الماء أو بعده، وربما تجادلنا ومهما كانت الطريقة فهو طعام ممزوج بالحب.

في المساء نتأنق لحفلة موسيقية أو عشاء مع الأصدقاء ، اختار ملابسك بعناية، أعشق القميص الأبيض مع لون بشرتك وربما الأسود يناسبك أكثر..أضيع بين ملابسك وكأنه ليس يكفيني الضياع في عينيك ، تنمو لي أجنحة عندما تخبرني كم أبدو جميلة.

أحلم بفنجان قهوتي من صنع يدك، فلنشرب قهوتنا معا في الصبح على شرفة مملؤة بالنباتات ، ونقرأ الجرائد ، ونتبادلها  ونتشاور في أمور السياسة ، فهى متشابهة إلى حد ما لكن احيانا نختلف.. وهل من الممكن أحصل على قبلة وأنسى لماذا اختلفنا؟!

يأسرني السفر معك ، فسأنتظر ذلك اليوم الذي ستفاجئني به ببطاقات السفر لمديتنا المفضلة “روما” ، ونزور سويا تمثال “فم الحقيقة” الذي أخبرتك عنه من قبل ، وتمزح معي كالمشهد في فيلم “ROMAN holiday”  لأودري هيبرون، لكني أكره السفر الذي يأخذك بعيدا عني منذ أن تعرفت عليك، أشتاق أن أعرف هل تشتاق إلى صوتي الطفولي ، وهل تعتبرني حقا طفلة أم أنني فقط قطتك المدللة وتمازحني ، وهل تغار ؟ .. أتمنى لو أخبرك كم أغار عليك لكني لن أعترف ، ربما تتآمر عيناي يوما وتخبرك.

لذا سأخبرك أن الاقتراب من عينيك يزيد احتراق غابات قلبي اشتياقا ، و أنك أجمل صدفة عبرت بجانبي فاستوطنت قلبي لسنوات، قريب كشعاع الشمس وبعيد كالحلم لكن، وجودك قدري، وأنا لا أشكو القدر بل أشتهي الدفء في عينيك كل مساء ، وأنا سأرتب لك الكرة الأرضية داخل قلبي وسأنقل بلاد و بحار وجبال.. أينما ذهبت شرقا أو غربا ستسكن فيه وستنتمي إليه وتصحو داخله كل صباح ..فأحبني اليوم أكثر!!

في النهاية.. سأهدي لك أغنية “عقبالك يوم ميلادك لما تنول اللي شغل بالك ياقلبي”  كل عام وأنت بخير يا عزيزي.. يا مولود ليالي ديسمبر الساحرة..دُمت محموداً دائماً في الأرض والسماء.

 

فرناس حفظي

Related posts

Leave a Comment