بقلم /أحمد حسين
يظهر الخطاب الإرهابى في قنوات متعددة، ثم يسرى عبر وسائط مختلفة لكى يصل إلى الجمهور المتلقى له، إذ اتخذ الخطاب الإرهابى في مجمله أشكالا متعددة وتنوعات تعبيرية كبيرة، بدءًا من شكلها البسيط المتمثل في الكلمة العابرة التي يلقيها آحاد الناس باعتبارها نقلا تعبيريًا مزيفًا لأفكار وآمال وطموحات، أو تتخذ شكلها المعقد الممثل في النقل المكتوب سواء من التراث مباشرةً، أو ما قد يصاحبه من إعادة قراءة معاصرة مغلوطة أو بتفسيرها الموجه لتخرج من الحيز المكتوب المنسى إلى المتداول بين قاعدة الجمهور العام، وهو ما يتكفل بنقله وعرضه ونشره القائمون على التنظيمات الإرهابية، سواء في نطاق التبعية الهرمية (الهيراركية) للتنظيم أو من يعملون بطريقة الذئاب المنفردة (أن يتخذ الشخص من نفسه بشكل منفرد بوقًا للدعاية ونشر أفكار التنظيم التي آمن بها وتشربها دون الرجوع إليه).
وفى كلتا الحالتين- العمل التنظيمى أو الفردى- تبقى هناك دوافع نفسية أو شخصية تقف وراء الترويج للخطاب المتطرف، الذي يتم بمعرفة المنظّرين أو القادة التنظيمين، بينما يقع العبء الأكبر على مَنْ لهم قدرة على مخاطبة الجمهور العام والتأثير فيه وهم الدُعاة؛ إذ يدأبون على تبسيط إحداثيات الخطاب المتطرف وإدماج أبعاده للعامة بشكل متوارى.. والأهم أن يكون سلسًا متناغمًا مع أعباء الحياة ومشاكلها وضروراتها اليومية.. ينفث أولئك الدعاة أفكارهم المصاغة بين الناس في وسائل التواصل الاجتماعى وفى المقاهى وأماكن التجمعات والجمعيات الخيرية ومن فوق منابر المساجد.. إلخ، وكل ذلك ليس غرضه الوحيد ضمّ عناصر جديدة إلى التنظيم قَدْر ما يكون بغرض كسب التعاطف أو التحبيذ والتهيئة الفكرية لأكبر قطاع من الرأى العام لمشاريع سياسية مستقبلية تعتمد في جزء كبير منها على مبادئ الخطاب المتطرف المروّج له، أو تزييف الوعى بالتشويه أو تغيير المفاهيم.
يجنح دعاة التطرف في الأساس إلى التأثير على «العقلية الجمعية» للشعب بسياسة السيطرة على القطيع، فهُم- القطيع- من يشكلون السواد الأعظم من العامة، وفى أحيانٍ كثيرة يتخذ الخطاب المتطرف نبرة النقد والتسفيه تجاه منهج مواجهة الفكر بالفن والدراما، مثلما يحدث في تلك الأيام من مواجهة دراما شهر رمضان، إذ يعمل الدعاة المستترون بطريقة الذئاب المنفردة، ويظهرون سواء في شكل مواطنين عاديين أو نقاد، يخلعون على أنفسهم اللقب زورا- مغرضين، يتجهون إلى التأويل المضاد وتصوير العمل الفنى كأنه موجّه بالضرورة لإفساد الدين والدنيا، لخلق حالة عامة من الاستياء لدى الجمهور وإنكار القيمة المعنوية له ولو كانت تتعامل مع الواقع المباشر.
يوظف دعاة التطرف المستترون ألفاظا فخمة يؤازرها دلق معلومات لا دخل لها بالسياق، لتبدو وكأنها من أهل خبرة، ومن ثم تحوز لدى المتلقى القبول المبدئى لتسليم الدماغ وشل الفكر، ما يؤهله بالضرورة لمصادرة رأيه مسبقا، ولا سيما إفساد متعة المشاهدة المجردة إن وجدت.. دعاة التطرف أولئك اعرفوهم عندما تجدونهم يتصيدون ثم يتفذلكون ويصرون ثم يكابرون.. وعليه لابد أن نعثر على عبارات مسيسة تخرج عن سياق النقد الفنى الحقيقى أو حتى لا تناسب رأى مشاهد بسيط في تمثيلية.. لو نوقشوا في سطرٍ واحدٍ مما به يخرفون لتعلثموا.. من وراء شاشة الهاتف يزاولون مهمتهم المسمومة الآن بكل قوة؛ لأنه «موسم»، فاحذروهم بعد أن تعرفوهم!.