لواء د. سمير فرج
متابعة عادل شلبى
مع بداية عام جديد 2022، تخطو مصر خطوات بناءة وعظيمة من أجل بناء الجمهورية الجديدة، التي بدأتها مصر، وهي خطوة هامة في تاريخها الحديث حيث دخلت حقبة جديدة بعد 30 يونية 2013 عندما قامت مظاهرات شعبية في عدد من محافظات مصر معارضة للرئيس محمد مرسي وحكم الإخوان المسلمين حيث طالبت القوي الشعبية برحيل الرئيس مرسي ونتيجة لهذه الثورة الشعبية وقفت القوات المسلحة المصرية الي جانب رغبة هذه القوي الشعبية واعلن وقتها وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي وقوفه مع القوي الشعبية ورغبة القوي الوطنية لأنهاء حكم الرئيس مرسي والإخوان المسلمين وتسليم السلطة الي رئيس المحكمة الدستورية العليا طبقاً للدستور المصري المستشار عدلي منصور خلالها حدثت العديد من التوترات الجيش نجح في السيطرة علي زمام الأمور وتم تنصيب المستشار عدلي منصور رئيساً للبلاد مع إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
وخرجت جموع المصريين بالمظاهرات المؤيدة لهذه القرارات وصلت إلي الملايين في جميع أنحاء مصر حيث تخلصت مصر من حكم جماعة الإخوان المسلمين وبدأت انتخابات الرئاسة سريعاً وفاز الرئيس عبدالفتاح السيسي ليصبح الرئيس السادس في تاريخ مصر في 4 يونية 2014 لتبدأ مصر بعدها حقبة جديدة اطلق عليها في مصر حالياً “الجمهورية الجديدة” حيث بدأ الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ اليوم الأول الي وضع خطة تنمية شاملة بوضع تصور لمصر عام 2050 تنتهي المرحلة الأولي منها عام 2030 وكانت البداية في غاية الصعوبة حيث تعرضت مصر والمجتمع المصري بكافة أركانه الي هزة عنيفة خلال فترة ما يسمي بالربيع العربي ولمدة 20 شهراً بعد رحيل الرئيس الأسبق حسني مبارك حيث سادت البلاد الاضطرابات والمظاهرات والاعتصامات في كل مكان وفقدت خزينة الدولة جزء كبير من احتياطي العملة الصعبة وزاد من سوء الأمور عاماً كاملاً خلال فترة حكم الإخوان المسلمين حيث تدهورت أمور الدولة المصرية داخلياً وخارجياً لذلك تسلم الرئيس عبدالفتاح السيسي أمور الدولة المصرية في ظروف من أسوأ ما تكون في تاريخ مصر في العصر الحديث اقتصادياً، واجتماعياً، وسياسياً، وأمنياً..
ويكفي أن نقول أن علاقات مصر الخارجية كانت في أسوأ حالاتها ولعل أبسط مثال علي ذلك تجميد عضوية مصر في الاتحاد الأفريقي.. لذلك كان أول ما فعله الرئيس عبد الفتاح السيسي فور تسلمه إدارة البلاد أن أعاد علاقات مصر الخارجية مع كل الدول في العالم لوضعها الصحيح طبقاً لمكانة مصر وقام بحضور الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة وألقي كلمة مصر أمام المجتمع الدولي. كذلك كانت أولي زيارته خارج البلاد لحضور مؤتمر القمة الأفريقية في أديس ابابا وعادت مصر الي منظمة الاتحاد الأفريقي وفي العام التالي أصبح الرئيس السيسي رئيساً لمنظمة الاتحاد الأفريقي وبذلك نجح الرئيس السيسي في أعوام قليلة في أن تعود مصر الي مكانتها الدولية كما كانت من قبل بل وأكثر وذلك من خلال زيارته للعديد من الدول الأوروبية وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية.
ومع تولي الرئيس السيسي مقاليد البلاد بدأ في إعادة تدعيم القوات المسلحة المصرية لتكون قادرة علي حماية أمنها القومي واستثماراتها في البحر المتوسط والبحر الأحمر حيث قامت مصر بشراء أحدث 4 غواصات من المانيا وحاملات المروحيات الميسترال وطائرات الرافال من فرنسا وطائرات الميج الحديثة من روسيا والفرقاطات من إيطاليا وأسلحة ومعدات من الصين مع تطوير الصناعات الحربية التي لم تشهد تطويراً يذكر منذ إنشاؤها في عهد الرئيس الراحل عبدالناصر وفي عهده أصبح الجيش المصري ترتيبه التاسع عالمياً لكن كان هناك ما أسعد رجال القوات المسلحة المصرية قرار الرئيس السيسي بتنويع مصادر السلاح وأصبح شعار مصر في ذلك الوقت أن القوة العسكرية هي التي تحقق السلام..
ولقد شهدت مصر طفرة كبيرة في المجال الاقتصادي حيث اتخذ الرئيس السيسي أصعب قرار لم يتخذه من قبل رؤساء مصر السابقين لمدة 40 عاماً وهو قرار الإصلاح الاقتصادي حيث قام بإصلاح الهيكل الاقتصادي للدولة وإلغاء الدعم الذي كان يلتهم جزء كبير من ميزانية الدولة رغم معارضة كل مستشاريه من حوله خوفاً من غضب الشعب المصري ولكنه كان يراهن علي هذا الشعب وأنه قادر علي تحمل النتائج من خطة الإصلاح الاقتصادي خاصة من ارتفاع الأسعار وبالفعل تم زيادة أسعار المحروقات وباقي الأصناف التي تدعمها الدولة وترهق ميزانيتها وكانت المفاجأة بأن الشعب تقبل هذه الإصلاحات والزيادات في الأسعار وبدأ الميزان التجاري للدولة في الانضباط وبدأ حجم الاحتياطي من النقد الأجنبي يعود الي ما كان عليه قبل أحداث الربيع العربي بل وزاد أكثر بعد أن كان قد تآكل في تلك الفترة الصعبة من أحداث 25 يناير 2011 وظهرت فائدة خطة الإصلاح الاقتصادي ونتائجها عندما جاءت جائحة الكورونا وتعرض اقتصاد مصر لصعوبات مثل باقي دول العالم لكن تحمل الاقتصاد المصري الجديد كافة عقبات وأثار جائحة الكورونا بفضل هذه الإصلاحات الاقتصادية التي تمت.
وفي مجال التنمية البشرية ركز الرئيس عبد الفتاح السيسي علي مجال التعليم والصحة فالطفرة الكبيرة في النواحي التعليمية سواء في تعديل المناهج وأساليب الامتحانات التي أصبحت تعتمد علي الفهم وليس الحفظ واستخدام التابلت لطلاب المراحل الثانوية والدراسة عبر الانترنت عن بعد كانت طفرة رائعة في هذا المجال وتم الاستفادة من تجربة التعليم في اليابان بإنشاء مدارس يابانية في كافة محافظات مصر.
وفي مجال التعليم الجامعي حدثت طفرة كبيرة حيث تم إنشاء جامعات في كل محافظة في مصر وتم الغاء اغتراب الطلاب للذهاب للجامعات في محافظات أخري كما تم إنشاء جامعات خاصة حكومية تتبع الجامعات العالمية في الخارج لتكون متخصصة في مجالات جديدة في التكنولوجيا الحديثة ونظم المعلومات وبالتالي انعدم سفر الشباب المصري للدراسة في الجامعات في الخارج.
وفي مجال الصحة شهدت مصر طفرة كبيرة لعل أهمها تحقيق أمل المصريين في تنفيذ منظومة التأمين الصحي ليكون حق لكل مواطن.. وبدأت في محافظة بورسعيد والأقصر وجاري تنفيذ باقي المحافظات كما تم تنفيذ عدة مبادرات صحية منها القضاء علي فيروس سي ذلك المرض اللعين الذي أنهك الشعب المصري خلال الأعوام الماضية ونجحت مبادرة الرئيس السيسي في القضاء عليه لمدة عام علي نفقة الدولة المصرية كما نفذت الدولة عدة مبادرات صحية هامة مثل الكشف المبكر علي أورام الثدي للسيدات ومبادرة نور العيون للكشف علي أبصار الأطفال في كل محافظات مصر.
ولأن الطرق هي شرايين الحياة أقامت مصر عبر 6 سنوات شبكة طرق هائلة وحديثة لتربط مصر بالكامل من شمالها وجنوبها ولتصل كافة موانئ الجمهورية لتحقيق أكبر قدر من دعم الاستثمار والتجارة حتي أن الطرق الجديدة وصلت الي عمق أفريقيا وليبيا وتم تطوير مترو الانفاق ليغطي كافة اتجاهات مصر وشبكة المونوريل للمدن الجديدة وخاصة العاصمة الإدارية الجديدة.. وفي مجال السكة الحديد حيث مصر هي ثاني دولة في العالم من حيث أطوال وقوة خطوط السكة الحديد والتي تعرضت الي إهمال شديد في الفترة السابقة لذلك نال قطاع السكة الحديد في مصر أكبر قدر من الدعم من الرئيس السيسي حيث تم ميكنة جميع المزلقانات وشراء قاطرات وجرارات جديدة لتحل محل القديمة وعربات للركاب علي أعلي مستوي وتقوم مصر حالياً بتصنيع عربات السكة الحديد.
وفي مجال الزراعة اهتم الرئيس عبد الفتاح السيسي بهذا المجال حيث أن مصر كانت قد فقدت آلاف من أجود الأراضي الزراعية خلال الأعوام السابقة وإنشاء دلتا جديدة زراعية في الصحراء الغربية وقام ببدء مشروع استصلاح 1,5 مليون فدان لتعويض النقص في الأراضي الزراعية كما قام باستصلاح 400 ألف فدان في سيناء تعتمد علي المياه الصادرة من معالجة مياه الصرف الصحي في منطقة بحر البقر وهي أكبر محطة معالجة مياه صرف صحي في الشرق الأوسط كما تم إنشاء مشروع تسمين البتلو لمليون ونصف رأس ماشية.
وفي مجال الثروة السمكية قام بإنشاء أكبر مزارع للثروة السمكية في الشرق الأوسط في محافظة كفر الشيخ وفي منطقة بحيرة البردويل في شمال سيناء كما تم تطوير ودعم اسطول الصيد المصري بالسفن الصيد الحديثة التي تعمل بأعلي نظم التكنولوجيا والرادارات للصيد في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر ولقد قام الرئيس السيسي بعمل مشروع قومي ضخم وهو تطوير وتنقية بحيرات مثر بعدد 11 بحيرة وهي ثروة قومية كبيرة لمصر كادت مصر أن تفقدها حيث تم إزالة كافة التعديات وتعميق البحيرات وفتح البواغيز علي البحر المتوسط وعمل نظام للصيد طبقاً للقوانين الدولية وحماية الطيور المهاجرة التي تهبط الي مصر كل عام في مواسم الهجرة.
وفي مجال الكهرباء شهدت مصر نهضة غير مسبوقة فلقد كانت الكهرباء تنقطع يومياً في كافة أنحاء الجمهورية لذلك من خلال توقيع عقود مع الشركات العالمية في المانيا لتوليد الكهرباء ونجحت مصر في توفير14 ألفًا و 400 ميجا وات، بتكلفة 6 مليارات يورو لتحقيق لأول مرة فائض في تاريخها وتبدأ الآن في تصدير الطاقة والكهرباء الي الدول الأخرى ودعم محطات توليد الكهرباء بمزارع الطاقة الشمسية في جنوب مصر في منطقة أسوان كذلك نجحت مصر من خلال خطة التنمية الشاملة 2030 في إنشاء أكبر مدينة دوائية في الشرق الأوسط وجاءت فكرة حياه كريمة لتكون من أهم خطط الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطة التنمية الشاملة لعام 2030 والتي اعتمدت علي رفع مستوي الطبقات الفقيرة من الشعب المصري في الريف حيث أنهم يمثلون حوالي 60% من تعداد الشعب المصري.
حيث حرص هذا المشروع الذي سيتم خلال عامين وينتهي 2023 بتحقيق تركيب الأبواب والشبابيك والاسقف ثم توصيل المياه النظيفة والكهرباء والصرف الصحي وتزويد هذه القري الفقيرة بوحدات صحية وتطوير المدارس بها ومناطق مراكز رياضية للشباب كل ذلك بهدف توفير حياة كريمة لهذه الطبقة الفقيرة من شعب مصر في الريف.. كما جاءت خطة التنمية الشاملة 2030 لتعطي دفعة قوية لتنمية شبه جزيرة سيناء التي كانت معزولة تماماً عن الوطن الأم حيث تم إنشاء 5 أنفاق تحت قناة السويس بأحدث علوم التكنولوجيا وبهذا أصبحت سيناء جزءاً من الوطن الأم وتم إنشاء 5 مصانع للرخام بعد أن كان يصدر من قبل خام في صورة بللوكات كذلك إنشاء مصانع أسمنت كل ذلك لتوفير فرص عمالة لأبناء سيناء وفي مجال توطين بدو سيناء تم لأول مرة إنشاء قري بدوية لهم علي أساس حفر آبار المياه أولاً وبعدها تبني لهم المنازل وتوفير 10 أفدنة لزراعتها لكل أسرة وحولها الوحدة الصحية والمدرسة.. ومن خلال خطة التنمية الشاملة لمصر 2030، قامت البنوك المصرية بالكامل بفتح أبوابها لإعطاء القروض لصغار المستثمرين من الشباب للعمل في المشروعات الصغيرة طبقاً لخطة عامة وبفائدة أرباح بنكية بسيطة للغاية مع وضع خطة استلام إنتاج هذه المشروعات الصغيرة لإعادة تسويقها لهم.
كما اعتمدت خطة التنمية الشاملة لمصر 2030 علي إنشاء مدن جديدة بعد أن اكتظت المدن القديمة بالسكان خاصة أن شعب مصر يعيش علي 10% فقط من حجم المساحة لذلك خرجت هذه المدن الجديدة لاستغلال الظهير الصحراوي لتقام هذه المدن علي أحدث النظم العالمية من حيث اعتمادها علي التكنولوجيا من حيث التخطيط والإدارة مع وجود كافة متطلباتها من المدارس والجامعات والمستشفيات والأندية الرياضية.. وجاءت الفكرة الحاسمة بخصوص القاهرة عاصمة مصر التاريخية التي وصل تعداد سكانها الي أكثر من خمسة عشر مليون مواطن لذلك ظهرت الحاجة لإنشاء عاصمة إدارية جديدة لمصر يتم تخطيطها وإنشاؤها بأحدث الطرق العلمية والتكنولوجية في العصر الحديث وتستحق أن تكون عاصمة مصر صاحبة أعظم حضارة في تاريخ البشرية.. حيث سيتم تجميع كافة وزارات الدولة والهيئات والمؤسسات الحكومية ودار أوبرا ومتحف حديث ومطار ومدارس وجامعات ومستشفيات ومدينة رياضية كاملة تستقبل المسابقات الدولية ثم مناطق خضراء ومتنزهات ومناطق إدارية وسكنية بحيث تحقق متطلبات المدينة الحديثة وتم إنشاء شبكة من الطرق لكي تصل لهذه العاصمة الإدارية الجديدة مع خط مونوريل سيتصل بخطوط مترو الانفاق لتتصل بكافة أنحاء القاهرة القديمة التي سوف يتم تطويرها وتصبح مركزاً للسياحة.
ومع كل هذا التطوير يتم حالياً بناء أكبر متحف في العالم في منطقة أهرام الجيزة وأبو الهول حيث يتجمع في هذا المتحف تاريخ مصر القديم والفرعوني واليوناني والقبطي والإسلامي والعصر الحديث ويكفي أن نقول أن كفوز الملك الفرعوني الشاب توت عنخ آمون ستكون في هذا المكان وكانت احتفالات افتتاح طريق الكباش بالأقصر ونقل المومياوات الملكية بالمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط أحداث هامة سوف تساعد في النهضة السياحية في الفترة القادمة لمصر..
أن ما تشهده مصر حالياً من نهضة تنموية في كافة المجالات التي تعتمد علي تنمية البشر قبل تنمية الحجر لكي تغطي كافة المجالات التي كانت مصر والمصريين محرومين منها لسنوات طويلة وسوف تستمر هذه النهضة التنموية لمصر خلال عام 2022 لتكون استكمالاً لبناء الجمهورية الجديدة التي تحقق أحلام شعب مصر العظيم.