كتب/ محمد ابراهيم مجاهد
تركيبة كفر سليمان السكانية تختلف ربما عن بلاد كثيرة لكنها على أية حال تتشابه مع البلاد المطلة على النيل بفرعيه..
تقع كفر سليمان فى الناحية الغربية من النيل وهنا ملاحظة جديرة بالذكر وهى أن معظم البلاد الواقعة شرق النيل تكون فى الغالب أكثر تحضرا من البلاد الواقعة فى الغرب..
حتى فى الصعيد نفسه تراهم يتخذون مقابرهم فى غرب النيل من أيام الفراعنة ومع ذلك ستجد أن كفر سليمان بلدة متحضرة إلى حد بعيد ،فهى إلى المدينة أقرب منها إلى الريف ..
وقد حباها الله بموقع جغرافى متميز فهى تقع بين مركزى كفر سعد فى الغرب وفارسكور فى الشرق حيث يفصل النيل بينها وبين فارسكور ..
وهذا الموقع جعلها من البلاد التى تستطيع أن تذهب منها إلى أى مكان وفى أى وقت ولكنه أيضا كان نقمة عليها فوقوعها بين المركزين أدى إلى حرمانها من خدمات حكومية كثيرة حيث سبقتها بلاد أقل منها كثافة سكانية وتحضرا فى هذا الجانب.
وتركيبة كفر سليمان السكانية تتكون من الفلاحين والبحارين أو المراكبية وقد انقسمت البلدة على شاطئ النيل إلى قسمين يتمايزان بسهولة ويسر..
ففى الجهة الشمالية الشرقية تقع بيوت الفلاحين وإلى الجنوب الشرقى تقع بيوت المراكبية يتوسط ذلك مسجد البحر الكبير أقدم مساجد البلدة .
وقد وجد هذا التمايز مكانه على الأرض حيث تنتهى بيوت الفلاحين ببيوت عائلات مجاهد وسعيدة وسرايا ويقال أنهم عائلة واحدة ويؤيد ذلك تجاورهم فى السكن.
وتبدأ بيوت المراكبية ببيت عائلة سرايا والنجيرى والبيومى وتنتهى ببيوت عائلة أبى العزم العرابى فى أقصى الجنوب من البلدة القديمة التى كانت حدودها تبدأ بشاطئ النيل وتنتهى بترعة الساحل فهى شبه جزيرة وهى ترتفع من ناحية النيل ويتدرج هذا الارتفاع منحدرا كلما اتجهنا نحو الترعة..
أما شيوخ البلدة فكانوا غالبا من الفلاحين وأحيانا ينبغ من المراكبية أفراد فعائلة حبة وأغلبها من المراكبية نبغ منها الشيخ والعالم الجليل رزق خليل حبة شيخ عموم المقارئ المصرية ومن عائلة بهيج كان أول قاض شرعى وهو الشيخ مسعد بهيج..
وحياة الفلاحين قائمة على الزراعة فقبل السفر فى السبعينيات كانت حياة الفلاحين مستقرة وأعمالهم روتينية ترتبط بفلاحة الأرض وتربية الماشية والرعى ..
وأشهر من عمل بالرعى عائلة مجاهد وعائلة الصاوى…وأبو شرف وقد تخصصت هذه العائلة فى الجزارة….
وأشهر الفلاحين كانوا من عائلة سليم وسليمان وكانت عائلة سليم- وفيهم العمدة حتى اليوم- أصحاب الأرض الزراعية وكانوا قليلى العدد فى بلدنا لكنهم فى طول مصر وعرضها بالملايين أما عائلة سليمان فهم الأكثر عددا فى البلدة فهم يضمون عائلات سليمان والعش وبدر وخليل التوم وغيرهم وكانوا الأقل ملكية للأرض..
بقى أن نقول أن هذه الحدود تختص بها البلدة القديمة التى ظلت محصورة بين النيل شرقا وترعة الساحل غربا…
وكشأن أى مجتمع تطورت البلدة تطورا عمرانيا كبيرا منظم فى شكله العام من خلال شوارع شبه منتظمة ولكنها ضيقة بعض الشيء خضعت فى تقسيمها لشىء من النظام العشوائي أو العشوائية المنظمة كما يحلو لطه حسين -رحمه الله-
وقد أنشئ طريق الأسفلت الواصل بين ميت أبو غالب وكفر البطيخ وهو طريق ١٨ المتعرج هكذا يسمونه فسمح هذا الطريق للبلدة أن تتمدد منذ ستينيات القرن الماضى..
فأضيفت إليها عزبة مخيمر نسبة إلى أول من بنى فيها مخيمر أبو يوسف – رحمه الله- وهى المنطقة الممتدة من منزل الحاج سيد عمر جنوبا إلى منزل الحاج جلال شبل شمالا فى شكل ينتهى بمثلث فى الشمال والجنوب…
وتمتد من الترعة شرقا إلى الزراعية الجديدة كما كانوا يسمونها غربا….فى شريط ضيق أكثر مناطقه اتساعا لا يزيد عن خمسين مترا وهو شارع يبدأ ببيت أبو كحلة والحاج طاهر الزهدانى وينتهى بالترعة حيث بيت الأستاذ موسى نوارة (جبريل)والحاج رزق الباشا….
ثم انطلق العمران فى نهاية هذا العقد إلى منطقة المنشية التى تمتد من الزراعية شرقا حتى آخر حدودها اليوم غربا باتجاه مدينة كفر سعد ومن السكة الحديد جنوبا حتى الحملة شمالا وفيها بيوت آل رسلان وسليم وأبو العز اليوم…
وهناك تجمعات سكانية نشأت فى ذلك العهد وهى منطقة النواورة التى لقيت نزاعا طريفا فى تسميتها بين آل سليمان والنواورة حتى كان الخلاف فى اسم مسجد النصر
(لأنه بنى فى أعقاب حرب أكتوبر ٧٣ ) وكذلك الكوبرى الذى أمامه على ترعة الساحل….ويروى أن الحاج إبراهيم نوارة -رحمه الله- أراد أن يثبت فى عقول الناس أن الكوبرى يسمى كوبرى النواورة فادعى ضياع شيء منه ونادى فى الإذاعة على ما ضاع منه بأنه ضاع فى المسافة من كوبرى النواورة إلى كوبرى سعد …
أرأيت هذه الروح المرحة فى عصرنا؟!!
وكان شيخنا الجليل محمود سليمان يسميها سليمان جاردن على طريقة جاردن سيتى
والنواورة هى آخر حدود كفر سليمان من ناحية حسونة المقسمة إداريا بين كفر سليمان وكفر المنازلة.. وهناك تجمعات حديثة بعض الشيء وهى عزبة أحمد على طريق اللوزى فى مواجهة مصنع طوب الحاج عبادة يونس ومنطقة أرض أبو فرح والرمايحة على طريق كفر سليمان المنازلة هى الأحدث فى الكتلة السكنية لكفر سليمان يليها ما بنى على شاطئ النيل فى مواجهة فارسكور حيث كان الشاطئ أرضا زراعية تسر الناظرين ومن خلفها النيل العظيم الذى تم حجبه بغابات من الأسمنت
نعود إلى حديثنا عن المراكبية…..
أما المراكبية فتستقر حياتهم على ظهور المراكب فهم فى رحلة دائمة..
(ظاهرة جديرة بالتسجيل فى حياة المراكبية)
و هذه الظاهرة الجديرة بالتسجيل هى أن المراكبية كانوا يسافرون طوال العام ولا يستقرون فى البلدة إلا فى السدة الشتوية التى كانت تبدأ فى شهر يناير وقد لفت نظرى أحد الإخوة الأعزاء أن أبناء المراكبية يولد أقلهم فى شهر أكتوبر وأكثرهم فى شهر نوفمبر وبعضهم فى شهر ديسمبر ؛ لأنك إذا عددت تسعة أشهر من شهر يناير وهى مدة حمل المرأة ستجد هذه الحقيقة واضحة جلية…
وعالم المراكبية عالم رحب وحكاياتهم رائعة لكن أحدا لم يهتم بتسجيل هذه الحياة وقد انقرضت هذه المهنة أو كادت ومات أكثر الم