بقلم الاستاذ كمال بلعتروس
ان العلم من افضل الاعمال التي يتقرب بها العبد الى ربه ,وينفع بها نفسه ,ويصلح بها شانه,ولا بديل عن العلم الا الجهل ,ولا بديل عن الفهم الا الحمق,واللبيب من ادرك قيمة هذا العلم فسارع الى طلبه وتحصيله ,وتحصين نفسه به من اسوار الجهل والظلمات,وعلى العاقل ان يشتغل بالعلم منذ ولوج باب المدرسة الى اخر ايام حياته ,ولا يكتفي بعلم واحد,بل الاوجب ان يعدد,فالعلوم كثيرة ومجالاته واسعة غزيرة,خاصة في زمننا هذا زمن التكنولوجيا .وزمن اكتشاف باطن الارض ,وادراك السموات العليا,والذي يلاحظ على اقراننا من البشر في الجهة الغربية من هذا العالم يستيقن اشد اليقين ان العلم يبني الدول ,ويشيد الحضارات ,وينظم الحياة ويصلح شؤون الافراد والمجتمعات,فالعلم في اوروبا وامريكا قد منحهما السيادة والريادة,فهم الذين غاصوا في اسراره ,وادركوا فضله ,وجعلوه مقدسا لا يستهان به ,ولا يتسامح في التفريط فيه ,ويعاقب من يطعن فيه,فنرى هؤلاء القوم قد اعطوا للعلم مقامه ,فشيدوا صروحه من مدارس وجامعات ومخابر ومراكز بحث ,وشجعوا طلاب العلم ,فبذلوا الاموال والجاه ,وكونوا عقولا في شتى المجالات ,غاصوا به في باطن الارض وارتقوا في جو الفضاء ,وبحثوا عن حقيقة الانسان, فابدعوا في ذلك ايما ابداع ,وسخرو هذا العلم للابحاث العسكرية ,وكيفية تسيير المعارك والحروب ,وصنعوا الالات حربية ضخمة وفتاكة ,واستبعدوا بهذه القوة الشعوب والامم ,فهم يستعمرون ويحررون ,ويخفضون ويرفعون,ويعزون ويذ لون, وكل ذلك بمشيئتهم ,فالعلم جعل منهم الاسياد الامرين ,والامراء الناهين في هذه الحياة.
وحال العرب في مجال العلم ظاهر ,وماساتهم فيه بارزة ,وجهل الكثير منهم لا ينكره الا منكر,فانهم لم يعظموا هذا العلم ,ولم يقدروا اهله,ولم يبذلوا لاجله الغالي والرخيص ,فهم يتخبطون في براثن الجهل ,ويعانون الامية واجتاحتهم البطالة العقلية والجسدية ,فهاهم يتنازعون ويتحاربون, فافسدوا العباد واهلكوا البلاد ,وترتيبهم في ذيل ترتيب الشعوب من حيث مكانة العلم والاهتمام به,فهم عبيد للاسياد ,وتبع للاقوياء ,لا راي لهم يسمع ,ولا حكم لهم ينفع,وقد قدموا الجهال للقيادة فضلوا واضلوا ,وابعدوا اهل العلم واستصغروهم فما ابدعوا ولا ارتقوا ,وانفقوا الاموال في الملذات والشهوات ,ومنعوا اليد عن اصحاب الشهادات والمؤهلات.
فلا مناص من طلب العلم ,وتشريف اهله ,وتعظيم امره, فهو النجاة في الدنيا وصلاحها ,.وهو الفلاح في الاخرة وخيراتها,فهلموا اليه راغبين غير منكرين,وجادين غير مستهزئين,
تسعدوا به ,وتعزوا به ,وتنالوا شرف الانتساب اليه,وتكونوا القادة والسادة في شتى شؤون الحياة.