بقلم / د . ميادة عبدالعال
المُجتمعات الإنسانيّة لم تستغنِ عن الإعلام ومارسته منذ الأزل، منذُ وجود الإنسان على هذه الأرض ومن أيام الكهوفِ والقبائل البدائيّة، حيثُ اهتدى لذلك بفطرته لكونه كائناً اجتماعيّاً يُحبّ تبادل الأخبار ضمنَ أُطر معرفته وظروفه ومع التواصل الحديث دورٌ كبير في المجتمع، من خلال كلّ ما تقدّمه لأفراده من معلومات، وإرشادات في كافة مجالات الحياة، ولقد ازدادت أهمية وسائل الإعلام، والتواصل الحديثة في الفترة الأخيرة نظراً لميّزاتها الكثيرة، وقدرتها على جعل هذا العالم كقرية صغيرة، حيث أتاحت إمكانية التواصل بين العديد من الأفراد في مختلف أنحاء العالم، فعملت على توطيد العلاقات، والحفاظ عليها.
مع بروز الإعلام الإلكتروني شكل اختراقًا لحصون الإعلام التقليدي، خصوصًا في الدول التي تضع قيودًا كبيرة على حرية ترخيص وسائل الإعلام التقليدية، وشكل في الوقت نفسه متنفسًا لنسبة كبيرة من الجمهور للتعبير عن آرائهم بصورة أسهل، وهذا ساعد الإعلام الإلكتروني الناشئ في المنطقة على جذب جمهور واسع، وشكل بالفعل تهديدًا لوسائل الإعلام التقليدية التي باتت تخسر نفرًا غير قليل من جمهورها، وهذا ما دفع الكثير من وسائل الإعلام التقليدية إلى دخول حقل الإعلام الإلكتروني من خلال إنشاء المواقع الإلكترونية.
اننا بصدد تحديد أبعادها وأسبابها وانعكاساتها السلبية على المجتمع من حيث أصبح الحضور اليوم لا يقاس بمجرد الوجود المادي، فقد يجتمع أفراد الأسرة تحت سقف واحد، لكن كل يعيش في عالم افتراضي خاص به، يكون فيه علاقات مع أفراد آخرين قد يفصله عنهم الواقع الجغرافي من بحار ومحيطات، لكن بالنسبة له لا حواجز إلا مجرد شاشة، بعد أن أتاحت شبكات التواصل الاجتماعي والمنتديات التعارف على أوسع نطاق، فأصبح الفرد يقضي معظم وقته أمام شاشة حاسوبه متناسيًا ما يحيط به،يحسب لشبكات التواصل الاجتماعي أنها تتعامل مع المعلومة والخبر والحدث لحظة وقوعها .
ويمكن تبادل هذه المعلومات بين الأصدقاء معززة بالصور ومقاطع الفيديو والتعليق والرد على بعضها، وهذا ما لم تتمكن منه وسائل الإعلام الحديثة، فإنها ولو قدمت الخبر تحت مسمى (عاجل أو مباشر)، فإنها تقوم فقط بدور المرسل من خلال وسيلتها الإعلامية كالفضائيات مثلاً، ولم تتمكن من أن تجعل المشاهد يتفاعل معها في لحظة بثها لتلك الأحداث، إلا بعد فترة من الوقت عندما تكون تلك الأخبار قد نشرت على موقعها الإلكتروني،