[ad id=”66258″]
بقلم/عبدالحميد شومان
بينما جلسنا من ندعي علي انفسنا المثقفين خرج احدنا عن الحديث وقال لقد وصلنا الي الحضيض .. وعلي غير عادتي من الانفعال وعدم ضبط النفس وانفعلت فمنذ عشرات العقود ونحن نقول لقد وصلنا للحضيض وسنموت ونترك الحضيض لابنائنا ليورثوه لابنائهم ان لم تستقيم الامور .
وما بجعلني اتساءل اين الحضيض والي اي عمق نزلنا. وكيف النجاه?
ما اتحدث عنه هنا امتنا العربية والاسلامية ككل لا اقصد مكان بحدوده وجغرافياته ..الحديث عن ما آلت إليه أمورها من تدهور اقتصادي واجتماعي انعكس على كل المنظومات والتي من أهمها المنظومة التربوية التعليمية والأخلاقية.
انكار الذات والانفتاح على الآخر وقبول التغيرات والتمتع بمرونة التعامل معها هي بداية الحل للخروج من الأحقاد والكراهية التي أودت بنا لما نحن فيه، والأخطار المقبلة أكبر وأخطر إذا لم نتغير روحا وعقلا وعملا ونراجع كل ما نقوم به.
والمقلق في الأمر اليوم ليست المشاكل والمصاعب والأزمات التي تمر بها أمتنا بقدر الجهل الذي تتخبط فيه عقولها.
[ad id=”87287″]
حديث المقاهي وتناقل الشائعات التي لا صحة لها ليس مقلقا بقدر ما يعتبر خطرا اليوم هو جهل “النخبة وتقاعسهم عن التواصل والتعاون مع الاخر. .
ما يلاحظ اليوم هو تركيز النخب على تصيد
الاخطاء وتحين الفرص لمهاجمة أي رأي يخالفهم، في ظل غياب أبسط قواعد الانفتاح والتفهم، كيف يمكن لهؤلاء تفهم هموم أمتهم والبحث معا عن الحلول؟.
واليوم الإرهاب والفكر الإخونجي الداعم له أممنا تشتت الشعوب وسقطت المؤسسات والدول مما زادنا تفرقة ورفضا لبعضنا البعض، تخوفا على أمن دولنا مما قد يحمل إخواننا الوافدون “الغرباء” عنا من دولهم المنكوبة.
وليست المخاوف من المتاع والأمتعة بقدر ما هي مخاوف مما في “العقول” الوافدة، ولا لوم على أحد أو نظام يحاول حماية بلاده وأمن شعبه.
لأن الخطر تجاوز الأشخاص وما يحملون وتجاوز المكان والزمان ونخبنا تعمل بسياسة الفعل ورد الفعل، متربصون ببعضهم البعض يتبادلون إلقاء تهم مخزية في زمن غابت فيه الحكمة والعقل والحياء.
بغض النظر عن المشاكل الحقيقية يمكن أن يعكس مجموعة من الأسباب تختلف باختلاف المكان والزمان والتوجه.
لكن الخطر الحقيقي هو اللغط الذي يعيشه المثقفون العرب والمسلمون في الغرب على وجه التحديد، والذين يعيشون في جو من الكره والتفرقة فرضوه على أنفسهم وينوون توريثه.
بين يساريين وإخونجية انقسموا…وضاع الليبراليون المعتدلون بينهم فهم يفكرون بسياسة من ليس معي فهو ضدي وهنا الخطأ الثاني.
[ad id=”1177″]
بالإضافة إلى التفرقة الطائفية التي نقلوها إلى دول الغرب أيضا وأذكر انني كنت يوما في احدي الدول العربية وكنت مدعوا كضيف لاقدم محاضرة وعندما دخلت فلم اجد احدا فاخذت اتجول بين طرقات الجناح الاداري الي ان التقيت شاب في مقتبل العمر يرتدي ملابس ظ سوداء وسٱلته عن سبب عدم غياب من تم دعوتهم لمحاضرتي فٱجاب يادكتور انها عاشوراء فأخبرته أنها عاشوراء بالنسبة لي أيضا لكن المعهد مفتوح وانا ضيف وما اقدمه لكم ان فاتكم لا احد غيري يعطيه لكم مينفعش يا اخي لاجل عاسوراء… الا انه قاطعني بحده عاشوراء بالنسبة لنا غير….
فالخلافات الأيديولوجية والطائفية غيبت العقل والحكمة، والمشكلة الرئيسية اليوم هي تهرب النخب من مسؤولياتهم، كل من موقعه.
ولا يمكن أن نتغلب على هموم أممنا وعلى المخاطر فيها والتي على رأسها الإرهاب بدون التوصل إلى توافق وإيمان حقيقي بأن مصيرنا واحد، وعلينا تجاوز كل خلافاتنا والشروع في وضع استراتيجيات على المستوى القصير والمتوسط والبعيد بحسب الأولويات والمخاطر.
ونحتاج هنا إلى تحريك الآلة الإعلامية وصناعة وسائل تسير في الاتجاه الصحيح، كل دولة من جانبها لنصل في النهاية إلي فكر موحد.
والبحث عن حلول تخص الدول العربية والإسلامية التي تمر بأزمات في الوقت الراهن، لا يمنع بل يستوجب الاستعانة بالنماذج الناجحة وكذلك الاستعانة بالدول الغربية التي لا تمتنع عن التعاون.
فالاستفادة من تجارب الآخرين الناجحة هي ضرورة لا خيار، كما أن هذه الدول وفي مناسبات متعددة أعربت عن استعدادها لدعم دولنا في وضع برامج تعليمية خاصة أو في تعزيز الروح القيادية لدى الشباب وغيرها من المشاريع، ومنها خاصة كندا التي تبدي حرصا متواصلا على عرض برامج التعاون خاصة بالنسبة للمجالات العلمية والتعليمية، ولا نفهم فعلا أسباب تردد مسؤولينا وقياداتنا في قبول أو على الأقل النظر في مثل هذه المقترحات والشروع فيها.
لكن يبدو أن عدم الاستقرار الذي تمر به المنطقة، والتغيرات السياسية السريعة تجعل أصحاب المناصب حذرين في اتخاذ أية قرارات لأنهم لا ضمانات لديهم في استمرارهم في مناصبهم، وهذه معضلة أخرى مرعبة إذا ما نظرنا إلى الجيل المقبل ومستقبله.
فانكار الذات والانفتاح على الآخر وقبول التغيرات والتمتع بمرونة التعامل معها هي بداية الحل للخروج من الأحقاد والكراهية التي أودت بنا لما نحن فيه، والأخطار المقبلة أكبر وأخطر إذا لم نتغير روحا وعقلا وعملا ونراجع كل ما نقوم به، وليس عيبا أبدا الاعتراف بأخطائنا لأن الحقيقة والحق والعدل هي الطريق الوحيد نحو الخلاص.