الدكتور هاني عبد الظاهر //يتحدث عن مرض الجذام .. أسبابه وأعراضه المختلفة وطرق علاجه

اصدقائي ، متابعي الافاضل , اليوم اتحدث اليكم عن احد الامراض الخطره ,وقانا الله واياكم شروره واعازنا منه ، ألا وهو مرض الجزام

يعتبر الجذام (الذي كان يطلق عليه قديمًا اسم البَرَص) من أكثر الأمراض التي أحدثت رعبًا للإنسانية منذ عهود سحيقة؛ وذلك لما يحدثه الجذام في كثير من الأحيان من تشوهات في الجسم، وبتر للأطراف، وشلل في الأعصاب الطرفية.
والجذام عبارة عن مرضٍ تسببه بكتيريا المتفطرة الجذامية والتي تحدث ضرراً في الجلد والجهاز العصبي المحيطي، ويتميز المرض بأنه يتطور ببطءٍ شديد في مدة طويلة قد تصل إلى 40 سنة، مما قد ينتج عنه آفات وتشوهات جلدية، وغالباً ما تؤثر على الأماكن الأكثر برودة في الجسم مثل العينين والأنف وشحمة الأذنين واليدين والقدمين والخصيتيتن، مما قد يجعل الأشخاص المصابين بهذا المرض منبوذين في بعض الثقافات.
وعلى الرغم من أن المريض هو المصدر الرئيسي للعدوى، فإنه قد ينتقل عبر حيوان الشمبانزي والقرد، كما يطلق على المرض أيضاً “داء الورم الحبيبي” حيث أنه يعمل على إصابة الجلد بالتهابات على هيئة حبيبات في الجلد والأعصاب مع مرور الوقت. 
ماذا تعرف عن الجذام ؟ وهل كان المرض معروفاً على مدار التاريخ؟ 
من سوء الحظ أن يكون فهم تاريخ الجذام وتفاعله مع جسم الإنسان أمرٌ يشكل معاناة من سوء تفهم لهذه المرحلة، ولقد أشارت أبحاث حديثة إلى امتداد مرض الجذام لـ4 آلاف سنة قبل الميلاد، وجاري القيام بالعديد من الدراسات التحليلة للتأكد من هذا الأمر.
 في حين تم العثور على أوراق بردية أثرية ترجع للعصر الفرعوني المصري عام 1550 قبل الميلاد، تؤكد وجود المرض في هذا التوقيت، كما تم الاعتراف بالمرض في الصين والهند، إضافة إلى الوصف القديم لمرحلة التطور الخاصة بالمرض بدقة عالية من بطء تطور المرض، والتشويهات التي سببها، ولكن سوء فهم هذا المرض جعل الجميع قديماً ينظرون إليه على أساس كونه لعنة إلهية، مما جعل معالجة هذا المرض ينحصر بين الكهنة وليس الأطباء. 
ومن الناس من يعتقد أن المرض ينتمي إلى فئة الأمراض الوراثية، في حين تأكيد الخبراء أن الاتصال القليل مع المُصابين لن يؤدي إطلاقاً إلى أية إصابة،  ومن هذا المنطلق إضافة إلى الشكل الخارجي للمريض، فإن أناساً في بعض الثقافات تعتبر أقاربهم من المصابين بأنهم “غير نظيفين”  مما جعل المرضي مقتنعين بعدم وجود مجال للاختلاط بالآخرين، ونتيجة لهذا، فقد تم تخصيص ملابس خاصة يرتديها المُصابون تحتوي على أجراس، حتى يستطيع الناس تفادي الاختلاط بالمُصابين بالمرض. 
ويؤكد الخبراء أن المرض قدم إلى أوروبا من خلال الرومان والصليبيين، مما جعله في نفس السياق يصل إلى الأمريكتين عام1873م، وحينها اكتشف الأطباء احتواء المرض على البكتيريا مما جعلهم متأكدين من دخول المرض إلى فئة الأمراض المعدية، وليس وراثياً أو عقاباً من الآلهة كما ادعى القدماء، مما جعلهم منبوذين من جميع من حولهم، إلا أنه تم الاعتناء بهم من قبل أفراد البعثات الدينية، ولقد عكف المرضى حتى عام 1940 م على البقاء في عزلة تامة بعيداً عن الناس وذلك بسبب عدم توافر العلاجات المناسبة للمرض.
واستمرت تجارب البحث عن علاج  للمرض منذ عام 1900 حتى عام  1940، وفي عام 1941 تم اكتشاف علاج عن طريق الحقن أثبت فعالية عالية و لكنها كانت مؤلمة جداً، وفي  عام 1950م وجد أحد الخبراء، ولكن في عام 1960 – 1970م  لاحظ العملاء تطور المقاومة الجنسية للمرض.
ولكن لحسن الحظ عام 1970م أظهر الجمع بين ثلاثة أدوية في جزيرة مالطا على إثبات فعالية شديدة في القضاء على البكتيريا، ولقد أوصت منظمة الصحة العالمية عام 1981 بهذا العقار، مع إحداث تغييرات طفيفة على الدواء، ومع ذلك فإن الأضرار التي أصابت الفرد لن تتغير، بل العلاج فقط للبكتيريا وليس لأعراضه. 
وكثيراً ما وصف الأطباء مرض الجذام “بمرض هانسن” في محاولة منهم لإبعاد النظر عن أعراض الجذام المؤلمة. 
أسباب الإصابة بمرض الجذام :
من أسباب الإصابة بالجذام هي بكتيريا المتفطرة الجذامية، والتي تنمو خلاياها داخل الجسم البشري فقط. 
ووصف البكتيريا الجذامية بهذا الإسم، إنها تحتوي على حامض كيميائي سريع التأثير، فعند الكشف عن هذه البكتيريا بواسطة الميكروسكوب ستجد لون حمض mycolic في جدران خلاياها وهو اللون الأحمر. 
والبكتيريا تستغرق وقتاً طويلاً من أجل إنتاج الخلايا داخل الجسم ما يتراوح بين 12 – 14 يوماً مقارنة بمعظم البكتيريا الأخرى.
كما تنمو البكتيريا في درجة حرارة تتراوح بين 80.9 – 86 فهرنهايت، كما أن العدوى تتطور في المناطث الأكثر برودة داخل الجسم، كما تنمو البكتيريا بشكل جيد جداً في الخلايا العصبية، وكما هو الحال مع الملاريا، فإن المرضى يعانون من مكافحة الأجسام المضادة التي ينتجها المرض مع الأجسام المضادة الموجودة في بطانة الأوعية الدموية، لكن دور هذه الأجسام المضادة التي ينتجها المرض لا يزال قيد التحقيق.
ما هي أعراض وعلامات مرض الجُذام؟ 
من سوء الحظ، فإن بوادر وأعراض المرض خفية جداً، وتحدث ببطء وتظهر بعد أكثر من سنة من دخول البكتيريا إلى الجسم، ومن الأعراض الأولى للمرض التخدر وانعدام الإحساس بدرجة الحرارة من حيث فقدان الإحساس بدرجات الحرارة الباردة والساخنة.
وفي حالة التقدم، سيحدث انخفاض عميق في ضغط الدم وفقدان القدرة على الإحساس، ثم تظهر آفات جديدة غير مؤلمة على الجلد، وشحوب البشرة وحدوث ضرر وجفاف في العين، ووجود تشوهات متطورة في الوجه، وسيستمر حدوث هذه التطورات في جميع المناطق الباردة في الجسم، مثل اليدين والقدمين والوجه والركبتين. 
هل هناك عدة أشكال و تصنيفات مختلفة للجذام؟ 
في مجال الأدب، هناك عدة أشكال مختلفة لمرض الجذام، ويعتمد ظهور كل شكل من أشكال الجذام على الجهاز المناعي للجسم، وكاستجابة جيدة للجهاز المناعي في جسم أي انسان أن ينتج أجساماً تمنع حدوث تشوهات وتمنع ظهور الشكل الجذامي على الجلد. 
أما بالنسبة للجهاز المناعي الضعيف فسيظهر التأثير الجذامي واضحاً على الجلد.
كما يعتمد تصنيف أنواع الجذام على زيادة شدة الأعراض مثل:
– الجذام الغير مُحدد :
وهو الذي يمكن الشفاء منه عفوياً. 
– الجُذام السليني :
 ويظهر من خلاله بعض الأعراض مثل فقدان الاحساس والتخدر وقد يطول الأمر الجهاز العصبي، وإن استمر الأمر فقد يتحول إلى جزام درني. 
– الجذام Mid-Borderline : 
تظهر بقع حمراء كثيرة تُوزع بصورة غير متماثلة على الجلد، والإصابة بالتخدر إضافة إلى تضخم الغدد الليمفاوية، وقد يتراجع الأمر لشكلٍ أخف من المرض أو يتطور. 
– جذام Borderline :
 يظهر معه العديد من الآفات الجلدية والعديد العقيدات الجلدية وأحيانا تكون هناك اصابة بتخدر، وقد يستمر الأمر حتى يتطور إلى الشكل التالي. 
– الجُذام الجُذاميني:
يشمل تساقط الشعر و ما يشمله من الحواجب والرموش أيضاً، كما يصل الأمر إلى إلحاق الضرر بالأطراف العصبية، إضافة إلى موت الأنسجة بسبب نقص الدم في بعض مناطق الجسم. 
ويُعتبر هذا التصنيف هو الأشهر من نوعه حول العالم، ولكن يوجد تصنيف آخر اعترفت به منظمة الصحة العالمية عام 2009 وهو :
الجُذام قليل العصيات:
ظهور آفات على الجلد مع عدم وجود عصيات تعمل على تشوه الجلد.
الجُذام متعدد العصيات:
ظهور آفات على الجلد مع وجود عصيات تعمل على تشويه الجلد بطريقة مفزعة. 
ومع ذلك فإن منظمة الصحة العالمية تعدل هذين التصنيفين من خلال استمرار واختلاف المعايير السريرية بمرور الوقت، لهذا فقد اختلف تقسيم أنواع المرض وأشكاله، إضافة إلى اختلاف الأدوية المُستخدمة في علاجه وفقاً لكل تقسيم على حدة. 
كيف ينتقل مرض الجُذام عن طريق العدوى ؟ 
يشير الباحثون إلى أن المرض ينتقل من شخص إلى آخر عن طريق إفرازات الأنف ورذاذ الفم، وقد تصل القطرات المحملة بالبكتيريا إلى أنف الشخص الآخر ثم تبدأ العدوى، وقد تصل مرحلة العدوى إلى أن يمس الجلد المُصاب شخصاً آخر، فينتقل المرض، ولا تزال طرق البحث مستمرة للكشف عن طرق أخرى لانتقال المرض. 
كيف يتم تشخيص مرض الجُذام؟ 
يتم تشخيص المرض عن طريق النتائج السريرية، أما أدلة البقع الحمراء على الجلد وفقدان الإحساس على الأطراف العطبية فيتم الكشف عنها أيضاً كدليل للذام عن طريق النتائج السريرية. 
إضافة إلى إجراء عدة اختبارات أخرى لتحديد ما إن كان وقع ضرراً على أجهزة الجسم الأخرى مثل اختبار CBC واختبارات وظائف الكبد واختبار الكريتنين. 
طرق العلاج:
إن العلاج الشائع للجذام هو المضادات الحيوية، ولكن تعتمد مدة الجرعة وطرق تناولها على تصنيف الحالة المُصاب بها المريض، وفي الحالات العامة فإنه يتم وصف المضادات الحيوية “دابسون وريفامبيسين”، بينما يتم معالجة جُذام العُصيات عن طريق إضافة المضاد الحيوي “كلوفازيمين” إلى ما سبق. 
وعادة ما تتراوح مدة تناول الجرعة ما بين 6 – 12 شهراً، وتختلف المدة كما ذكرنا أعلاه من معايير، ويقوم الطبيب بوصف العلاج بناءً على التشخيص الصحيح للمرض ونوعه. 
وللمضادات الحيوية تأثير قوي على الجذام قليل العصيات، بل وتعمل على إزالة الأعراض الجانبية له أو معظمها، أما الجُذام متعدد العصيات فمن الأرجح ألا تعمل المضادات الحيوية على مقاومته أو القضاء عليه والعلاج منه، ولكن لا زالت البحوث جارية للكشف عن المضادات الحيوية المناسبة لمقاومة المرض. 
ويمكن اللجوء للعمليات الجراحية مع المضادات الحيوية، في حالة تطور الحالة ووصولها لمراحل متقدمة، وغالباً ما يكون الهدف من الجراحة التحسينات التجميلية، إضافة إلى إستعادة وظيفة الأطراف العصيبية التي فُقدت بسبب المرض إن أمكن. 
كيف يتم الوقــاية من الجُذام ؟ 
1- يجب منع الإتصال مع المرضى وتجنب الرذاذ الخارج من الفم والأنف.
2- يجب علاج المرضى بالمضادات الحيوية لمنع انتشار المرض عن طريق العدوى. 
3- ويعتبر أفراد أسرة المريض الذي تتم معالجته، عرضة ثمانية أضعاف للإصابة بالمرض، حيث أكد المحققين على تعرض أفراد أسرة المريض للإصابة بالمرض بسبب وجود الرذاذ المعدي، ولكن الأمر ليس وراثياً بالمرة. 
تشير الأبحاث إلى تعرض كثير من الناس للإصابة بالجُذام، حيث سجلت الولايات المتحدة ما يتراوح بين 200-300 حالة سنوياً معظمهم قادمين من الخارج خاصة  المناطق الاستوائية أو شبه الاستوائية مثل “البرازيل و الهند و إندونيسيا”، وتفيد منظمة الصحة العالمية تسجيل ما يتراوح بين 5 لى 7 ملايين حالة سنوياً مع علاج حوالي 14 مليون حالة منذ عام 1984.
ويقول الخبراء أنه لا يوجد لقاح محدد للوقاية من مرض الجذام، إضافة إلى انتقال المرض من الحيوان إلى الانسان نادراً، ولكنه من الأفضل تجنب تلك الحيوانات.
وإليكم ملخص ما ذكرناه عن الجُذام :
– الجُذام يتطور ببطء و يعمل على تلف البشرة والجهاز العصبي. 
– الجُذام يتسبب عن طريق العدوى ببكتيريا المتفطرة الجذامية. 
– تبدأ الأعراض في المناطق الأكثر برودة، وتشمل فقدان الإحساس. 
– علامات المرض غير مؤلمة لكنها عند تطورها قد تؤدي إلى تشوهات في الوجه. 
– ينتقل المرض بالعدوى عن طريق افرازات الأنف ورذاذ الفم. 
– يتم استخدام المضادات الحيوية في علاج الجذام.  
     
والله الموفق والمستعان..
دكتور /هاني عبد الظاهر
 

Related posts