[ad id=”66258″]
ولد يوم الإثنين ٩ مايو ١٨٨٢ و إنتقل إلي رحاب ربه يوم الإثنين ٩ مايو ١٩٥٠ !!
إنه سيد المقرئين و المرتلين و المؤذنين ،أمير القراء و سادن القرأن ،قيثارة السماء و الصوت الملائكي و سفير الإسلام خالد الذكر الشيخ /محمد رفعت .
حياته كانت حافلة بالمأساة و المعاناة و الصبر و الكفاح و النجاح و الشهرة ،و أثمر ذلك في عودة الناس إلي كتاب الله و في الخشوع و الإيمان و في تدعيم الدعوة الإسلامية و رفع معنويات الأمة في عهد الإحتلال .
فقد بصره في الثانية من عمره لكنه حفظ القرأن و أتم حفظه في سن التاسعة و أصبح قارئآ للسورة في سن الخامسة عشرة في مسجد فاضل باشا بالسيدة زينب بالقاهرة .
و عند بلوغه العشرين كان أشهر قارئ في مصر .
[ad id=”1177″]
تتلخص عبقرية الشيخ الجليل في كلمة واحدة ( الرسالة ) حيث كان يشعر أنه صاحب رسالة و أن عليه ( تبليغ ) القرأن الكريم إلي الناس نصآ و روحآ في أكمل صورة يستطيعها ،لأنه كان يدرك قدر و قيمة و عظمة كتاب الله ولم لا وهو أخر خطاب إلهي إلي أهل الأرض ،فالقرأن هو الصدق المطلق و الكنز الذي لا ينضب .
يتميز صوت الشيخ بتعدد مقاماتة ال٢١ و خلوه من الخطأ و بقدرتة الفائقة علي الإنتقال من مقام إلي أخر دون عناء .
فوق ذلك لصوت الشيخ نبرة قدسية مؤثرة تمكنه من إدخال المستمع معه في معية القرأن و إدماجه في دراما تجعله يبين المعاني و الحوارات و الأحداث .
فكانت قراءته شرحآ و تفسيرآ و تصويرآ مع التأكيد علي
الإشارات الإلهية و المدلولات الموجودة في الأيات ليستفيد بها الناس .
كان الشيخ يقرأ القرأن بصوت خاشع دامع حزين و الرسول ص يقول “إن هذا القرأن نزل بحزن فأقرؤه بحزن” ورغم ذلك تميز صوته بالإبداع و الإثراء الشديدين ،فكان سيد التصوير للقصص القرأني ( كما في سورة البقرة و الكهف و يوسف و طه و مريم و القمر ) .
وكان سيد الحوار المعبر الدقيق ( حوار رب العزة و موسي في سورة طه و حوار موسي و الخضر في سورة الكهف و حوار يوسف و أبيه و إخوته في سورة يوسف و حوار السيدة مريم و قومها في سورة مريم ) .
[ad id=”1177″]
و كان الشيخ هو سيد التكرار الجميل الهادف وغير الممل و المتنوع ( وأما الذين سعدوا ففي الجنة …. يكررها ٧ مرات في سورة هود ) كذلك في سورة الطور ( و الذين أمنوا و اتبعتهم ذريتهم بإيمان …. يكررها ٦ مرات ) وغيرها كثير .
كان الشيخ هو سيد النغم القرآني السامي و الروح القدسية للأيات.
إنه يتحكم في أحاسيسك و تعيش معه في روحانيات مؤثرة يتغير معها الزمان و المكان ،فإن إستمعت إليه في أي شهر شعرت أنك في رمضان و علي مائدة الإفطار تغمرك السكينة و الخشوع و الرضا و الإيمان .
لم يقرأ أحد أبدآ سور البقرة و آل عمران و النساء و المائدة و الأنعام و التوبة و يونس و هود و يوسف و الرعد و الإسراء و الكهف و مريم و طه و النور و الفرقان و الفتح و الطور و القمر و الرحمن و الواقعة و الجن و المزمل و القيامة و الإنسان و النبإ مثلما قرأها الشيخ محمد رفعت .
الشيخ هو سيد المؤذنين أيضآ فهو صاحب ( الأذان الأعظم ) الذي يبدل فيه النمط الموسيقي التقليدي ليأتي بالقرار أعلي من الجواب في ( الله أكبر ) لأن القرار هو إسم الجلالة الأعظم والذي يبدؤه بتهليلة هائلة ترتج لها السموات و الأرض .
إن الشيخ رفعت ثروة مصرية عبقرية و فريدة ولا مثيل له في أي بلد إسلامي أخر وهو مازال يملأ حياتنا رغم مرور ٦٧ عام علي رحيله وهو يستحق منا الوفاء و التكريم .
لقد إفتتح الإذاعة المصرية في ١٤ مايو ١٩٣٤ بسورة ( الفتح ) و ظل يقرأ بها ١٠ سنوات و قرأ ألاف الساعات و مع ذلك لم تسجل له الإذاعة سوي ساعة واحدة من سورتي الكهف و مريم و تبددت ألاف الساعات الثمينة في الهواء ومع أن لدينا الأن نحو ٢٠ ساعة مسجلة إلا أن الفضل في ذلك يعود إلي أحد عشاقه وهو ( زكريا مهران باشا ) ( نائب طلعت حرب في بنك مصر ) والذي قام بالتسجيل من الراديو دون أن يقابل الشيخ مرة واحدة .
إنتهت حياة الشيخ بمأساتين كما بدأت ،مأساة فقدان إبنه الأكبر ( محمد ) ثم إحتياس صوته لمرض في حنجرته و رفض التبرعات الكثيرة لعلاجه و أعادها إلي أصحابها و قال لا أريد سوي ( مقعد صدق عند مليك مقتدر ) .
لقد زرت ضريحه في السيدة نفيسة سنة ٢٠٠٣ و رأيت باب الضريح قديمآ فوفقني الله لعمل باب جديد يليق بالشيخ و أخذته من بلدي في سيارة خاصة و معي نجار خاص وتم تركيبه و تجديد اللوحة الرخامية الكبيرة علي مدخل الضريح و هذا أقل شئ للشيخ الجليل .
ولقد تشرفت وقتها بمعرفة أسرة الشيخ الكريمة و قاموا بجهود كبيرة معنا في السعي لجمع التراث و عمل الإحتفاليات السنوية و علي رأسها السيدة الفاضلة ( هناء رفعت ) و الأستاذ ( إبراهيم رفعت ) أحفاد الشيخ الجليل في الأوبرا و الأزهر و ساقية الصاوي و مسجد فاضل باشا .
لقد قمنا وقتها بعمل جمعية بإسم الشيخ الهدف منها جمع تراثه حيث أن ما لدينا هو أقل من نصف سور القرأن و أقل من ربع حجم القرأن و حصلنا علي بعض التراث المفقود و منها أيات من سور الحج و الحشر و الممتحنة و غيرها ،و نأمل أن تخاطب الدولة المصرية الإذاعات الأجنبية في لندن و باريس و برلين و روما و موسكو والتي كانت تذيع قراءات الشيخ بإستمرار أثناء الحرب العالمية الثانية لكسب العالم الإسلامي وهذه دول تحتفظ و تهتم بالتراث .
[ad id=”1177″]
في سنة ٢٠٠٧ ترأس إذاعة القرأن رجل لا يعرف قدر الشيخ وقام فجاة بإلغاء نصف قراءة الشيخ في الساعة السابعة من صباح كل يوم لتكون القراءة يومآ بعد يوم بدل ( يوميآ ) وذلك بحجة ( التجديد ) لم أصدق و راجعته في ذلك ولم يستجب أبدآ و نسي تاريخ الشيخ المجيد و ألغي تقليدآ منذ عشرات السنين علمآ بأن إتفاق الشيخ كان بإذاعة قرأنه ( يوميآ ) و بلا أجر .
خاطبت جميع المسؤلين الكبار في الدولة و رجال الإعلام و الصحافة و ذهبت إلي جميع الصحف و تكلمت في الفضائيات مرات عديدة و تعبت كثيرآ لإعادة قرأن الشيخ ولم يستجب أحد أبدآ كانت الدولة ميتة تمامآ ،ولم يعد الشيخ إلا بمساعدة بعض شباب ثورة ٢٥ يناير بفضل الله .
إن الحديث عن الشيخ يحتاج إلي كتاب كبير فهو موسوعة عظيمة في فن القراءة و اللغة و العلم و الأخلاقيات .
و إني إذا أدركتني رحمة الله و أدخلني بفضله الجنة فإن أول ما أطلبه هو سماع صوت الشيخ يقرأ القرآن كاملآ وهو في شبابه ،فكل ما نسمعه و نطرب به الأن قد قرأه الشيخ وهو فوق سن ال ٥٢ ،فما بالك عندما كان في شبابه ؟!!
رحم الله الشيخ رفعت و أثابه عنا و عن الإسلام و القرأن خير الجزاء .