[ad id=”66258″]
كتب…..عبده البربري
منذ تنفس صبح طفولته يخنقه الضجيج والزحام، دوما يفر من حجرة يزاحمه فيهاأخوته التسعة، بينما الرضيع العاشر يقاسم والديه غرفة أخرى مزدحمة بالملابس و الأواني والأغطية و فأس و عدد من المقاطف الجلدية فى ركنها القبلى، أما ما يتبقى فتحتله أجولة القمح والأرز و بعض الدقيق، وكومة من الكراكيب التى كانت تضغط على رئتيه و تعيق تنفسه.
دائما يضيق بتطفل الجيران على بيتهم واستباحة أشيائهم الخاصة بحجة واهية اسمها العشم، بالاضافة إلى أولاد عمومته الذين يشاركونهم نفس البيت الطينى وأبائهم، والذين وعى على الدنيا ليجد نفسه يناديهم (أبويا فلان و أبويا علان).
منذ تنفس صبح طفولته يخنقه الضجيج والزحام، دوما يفر من حجرة يزاحمه فيهاأخوته التسعة، بينما الرضيع العاشر يقاسم والديه غرفة أخرى مزدحمة بالملابس و الأواني والأغطية و فأس و عدد من المقاطف الجلدية فى ركنها القبلى، أما ما يتبقى فتحتله أجولة القمح والأرز و بعض الدقيق، وكومة من الكراكيب التى كانت تضغط على رئتيه و تعيق تنفسه.
دائما يضيق بتطفل الجيران على بيتهم واستباحة أشيائهم الخاصة بحجة واهية اسمها العشم، بالاضافة إلى أولاد عمومته الذين يشاركونهم نفس البيت الطينى وأبائهم، والذين وعى على الدنيا ليجد نفسه يناديهم (أبويا فلان و أبويا علان).
[ad id=”1177″]
(المسطبة) الكبيرة خارج المنزل تتسع لكومة كبيرة من اللحم فى الليالى المقمرة، يضيق بتجهيز قلل الماء قبل هذا السمر الفقير إلا من بعض لب عباد الشمس و شاى أسود تصنعه أمه على الكانون و توكل إليه تقديمه للساهرين فلا يستمتع بسماع الراديو أثناء حفلة الست، و فى أخر السهرة كان عليه و أخوته تنظيف المسطبة و جمع الأكواب و القلل الفارغة استعدادا لغسلها. هذا ما يعود عليه من اللمة والعزوة كما كان يسميها والده .
فى وسط الدار تتهادى أجمل بنات عمه تغدو وتروح لتشعل قلبه رقصاً مع خطوها، لكن الزحام الذى يملأ الدار يعوق انفراده بها لحظات، حتى أفاق على ضجيج موكب عرسها، شارك فيه لكونه فقط واحدا من أبناء عمومتها وأهلها، انكفأ بعدها على بعض كتب يشتريها عند نزوله النادر إلى المدينة من بائع الكتب القديمة بقروش قليلة لعله يجد فيها السلوى، إلى أن عاد يوما فتعثر فى أشلاء الأوراق والأغلفة بعد عدوان أطفال العائلة على كتبه ،أصبح لا يعرف من ابن من؟ ومن أخو من؟
(المسطبة) الكبيرة خارج المنزل تتسع لكومة كبيرة من اللحم فى الليالى المقمرة، يضيق بتجهيز قلل الماء قبل هذا السمر الفقير إلا من بعض لب عباد الشمس و شاى أسود تصنعه أمه على الكانون و توكل إليه تقديمه للساهرين فلا يستمتع بسماع الراديو أثناء حفلة الست، و فى أخر السهرة كان عليه و أخوته تنظيف المسطبة و جمع الأكواب و القلل الفارغة استعدادا لغسلها. هذا ما يعود عليه من اللمة والعزوة كما كان يسميها والده .
فى وسط الدار تتهادى أجمل بنات عمه تغدو وتروح لتشعل قلبه رقصاً مع خطوها، لكن الزحام الذى يملأ الدار يعوق انفراده بها لحظات، حتى أفاق على ضجيج موكب عرسها، شارك فيه لكونه فقط واحدا من أبناء عمومتها وأهلها، انكفأ بعدها على بعض كتب يشتريها عند نزوله النادر إلى المدينة من بائع الكتب القديمة بقروش قليلة لعله يجد فيها السلوى، إلى أن عاد يوما فتعثر فى أشلاء الأوراق والأغلفة بعد عدوان أطفال العائلة على كتبه ،أصبح لا يعرف من ابن من؟ ومن أخو من؟
[ad id=”1177″]
ضاق بتلك المستعمرة و ضوضائها وقرر الهروب منها علّه يستطيع التنفس بارتياح ، يستعين بأحد أخوته وأحد أصدقائه فى جلب البوص؛ ليصنع عشته و يثبتها في أخر البركة المردومة على أطراف القرية، ينقل إليها ملابسه و بقايا من كتبه ولم ينس القلم و الناى…
يتنفس و الصبح ليوقظ العصافير بنايه، ليشاركوه نشيد البكور المعطر بندى النسيم ، ترسل إليه الشمس قبلات بأشعتها الصباحية، يخف إلى عمله، يتنفس بارتياح وتتمدد رئتاه من بعد الضغط والانكماش قهراً،
يعود إلى الخُص ذات مرة فيصدمه مشهد الأعمدة الخرسانيه التى أنغرست كقضبان تحاصره فجأة لإقامة تجمع سكانى جديد، يتسع يوما بعد يوم ، فقرر أن ينتقل بمملكته إلى أبعد مدى،
تتكرر الضوضاء و يتكرر الزحف و يضيق صدره مرات و مرات، يسد أذنه بالقطن، يرصد كل ذلك فى أوراقه، وتستمر البيوت والضوضاء والزحام فى زحفها؛ يختنق، يرتدى الخص فوق جلده و يجرى فى اتجاه البراح؛ عله يجد مكاناً أخر يلوذ به من زحف البيوت…
يفيق فزعاً :
– أين أوراقي والقلم؟
تناوله إياهم الممرضة حيث تعود أنفاسه إلى طبيعتها، وأجهزة العناية المركزة تشير إلى أنه نجا من الأزمة.
ضاق بتلك المستعمرة و ضوضائها وقرر الهروب منها علّه يستطيع التنفس بارتياح ، يستعين بأحد أخوته وأحد أصدقائه فى جلب البوص؛ ليصنع عشته و يثبتها في أخر البركة المردومة على أطراف القرية، ينقل إليها ملابسه و بقايا من كتبه ولم ينس القلم و الناى…
يتنفس و الصبح ليوقظ العصافير بنايه، ليشاركوه نشيد البكور المعطر بندى النسيم ، ترسل إليه الشمس قبلات بأشعتها الصباحية، يخف إلى عمله، يتنفس بارتياح وتتمدد رئتاه من بعد الضغط والانكماش قهراً،
يعود إلى الخُص ذات مرة فيصدمه مشهد الأعمدة الخرسانيه التى أنغرست كقضبان تحاصره فجأة لإقامة تجمع سكانى جديد، يتسع يوما بعد يوم ، فقرر أن ينتقل بمملكته إلى أبعد مدى،
تتكرر الضوضاء و يتكرر الزحف و يضيق صدره مرات و مرات، يسد أذنه بالقطن، يرصد كل ذلك فى أوراقه، وتستمر البيوت والضوضاء والزحام فى زحفها؛ يختنق، يرتدى الخص فوق جلده و يجرى فى اتجاه البراح؛ عله يجد مكاناً أخر يلوذ به من زحف البيوت…
يفيق فزعاً :
– أين أوراقي والقلم؟
تناوله إياهم الممرضة حيث تعود أنفاسه إلى طبيعتها، وأجهزة العناية المركزة تشير إلى أنه نجا من الأزمة.
[ad id=”1177″]
[ad id=”66258″]