نص من كتاب تراتيل الناي لأحمد البياسي.
جعلها ترتجف في يوم عيد الميلاد ..
ذلك الصوت المنبعث من ذكريات صور العائلة المعلقة على حائط منزلها المتصدع ..
قفز ليعانق الصور فلملمته متناثرًا من الأرض ..
رتبته على هيئته السابقة قدر المستطاع ، لم يعد كما هو من كثرة السقوط ، كما لم يعد يجدي مع كسوره اللاصق فمررت دموعها عليه عله يتماسك
” لقد كان قلبها ” ..
” وضعته جانبًا ” ..
وجدت الألوان كلها قد يبست عندما تفقدت مرسمها المهجور منذ عشرات الأعوام ..
نزعت بعضًا منه
“ذاك الشعر الفضي من كثرة فقد الأحبة” ..
وضعته في حامل الألوان ، رفعت يدها عن صدرها وسكبت بعضًا من نزف دماء الثقب الفارغ في الحامل ، وبعضًا أخر على شيبها المنزوع
” لقد طحنه القهر عوضًا عنها ! ” ..
استعارت من ليلها بعض السواد ووضعته كذلك في بالتة ألوان أوجاعها ..
ثم مزجت منه بعضًا أخر بدموعها فأعطاها لون
” الوحدة الرمادي ” ..
وقفت أمام اللوحة وغطتها كلها باللون الأحمر المتلألئ ..
في شرفة منزلها رسمت نفسها بالأبيض طفلة صغيرة تلهو حاملة دمية هالها الفزع !! ..
على قارعة شارعهم رسمت الموت رجلًا متشحًا بالسواد يرصد أنفاسها المتبقية مبتسمًا ابتسامة ” أين المفر ” ؟!
رسمت بالرماد سنوات صبرها ذلك الشيخ الطاعن بالعمر يزحف على الأرض بعيدًا عنه عكاز الأمل ..
كان ملتفتًا للخلف ، جاحظ العينين ، كان بخار برد يوم عيد الميلاد ينبعث من فمه
” فهل ذكركم بدفء تضامنكم المزيف ، أم آثرتم وضع وقر الحياة في آذانكم ؟ ” ..
أما الثلوج المتساقطة على الأرض كانت بديلًا عن صوت أجراس كنيسة القيامة ..
تستطيعون سماعها بوضوح عند مشاهدة
” لوحة صامدة رسمتها امرأة من غزة ” .
” لوحة صامدة ” نص من كتاب تراتيل الناي لأحمد البياسي.