بقلم: إيمان ماهر منسى
مقولة شهيرة و متداولة بشكل متكرر و ممل أحيانا فى الحياة اليومية عامة و فى اللقاءات العائلية خاصة .فما إن تطأ قدم الشاب أو الفتاة زفاف أحد الأقارب أو عقد قران أو خطوبة إلى غير ذلك من المناسبات، حتى ينهال عليه الأقارب خاصة من كبار السن، لا سيما، النساء بوابل من المقولات المتعارف عليها فى هذه الأثناء ك “مش حنفرح بيك/بيكى”، “عقبالك”، “ما تشدى حيلك بقى”، “مفيش حاجة و لا ايه؟ (مع الإشارة إلى البنصر حيث يتم ارتداء دبلة الخطوبة)، “إن شاء الله الفرح اللى جاى بتاعك.. انت/انتى عليكى الدور” و غيرها من العبارات الذى يتبارى المجتمع المصرى عامة و النساء خاصة فى سردها على الشباب من الجنسين معتقدين أنهم بعباراتهم تلك يدخلون البهجة و السعادة على قلوب من يستمعون إليها و لكن ذلك المجتمع يجهل وقعها: إذ أنها تتسبب فى الشعور بالضيق و الإحباط. و على ذلك، و بما أننى أنتمى لهذه الشريحة من الشباب، التى تتضطر لتلقى هذه “الاسطوانة المشروخة” بشكل دورى بل و يومى من قبل المحيطين، زملاء عمل كانوا أو أقارب، فقد قررت أن أتناول مع القراء هذه الظاهرة لعلنا نجد الرد المناسب الذى يمكنه فض أفواه المجتمع من مقولة “مش حنفرح بيك/بيكى” و أخواتها. و من ثم، هناك تساؤلات عدة تدور فى رأسي حول فكر المجتمع الذى يود أن يفرح بى أو بأى شاب أو فتاة: ما هو مفهوم الفرحة فى مجتمعنا هذا؟ أيتوقف مفهوم الفرحة عند ذلك الفستان الأبيض المزركش أو ذلك الرداء الأسود أو الأبيض أيضا مع بعض الموسيقى الراقصة و الشربات فضلا عن الأطباق المتنوعة و الحلويات؟ لا يا سادة، فإن تلك هى إحدى أنواع الفرحة و لكن ما لا تعلمه أيها المجتمع أن تلك الفرحة لم تعد تحتل المركز الأول ضمن أولويات الشباب من الجنسين بصفع عامة و الفتيات بصفة خاصة، حيث باتت فرحة شريحة كبيرة من الشباب تكمن أولا فى تكوين الذات، و إرضاء النفس بتحقيق الطموح و بلوغ الأحلام: فعندما يطلب المجتمع إلى الشباب من الجنسين أن يفرح بهم، لم لا يكن سبب تلك الفرحة بعيدا بعض الشىء عن الزواج و الارتباط اللذان يعتمدان على القسمة و النصيب و ما يكتبه الله تعالى و يمتد إلى فرحة أخرى كالحصول على وظيفة جيدة أو منصب ذو شأن، كإتمام دراسة (الماجيستير أو الدكتوراه)، كتنمية موهبة، كالسفر، كالنجاح و التميز فى أحد المجالات؟ أليست كلها أسباب كافية من شأنها أن تجعل المجتمع “يفرح بينا”؟ أم أن الفرحة اقتصرت على الارتباط و الزواج؟ كما تأتى كلمة سداسية، ألا و هى “عقبالك” لتكمل ما بدأته “مش حنفرح بيك/بيكى” فتضفى على نفس متلقيها شعورا بالنقص و الإحباط و كأن المجتمع لا يعترف باكتمال حياة الشباب من الجنسين إلا بالارتباط: الشاب أو الفتاة يبذلون جهودا جمة سعيا للتميز و النجاح ثم تأتى “عقبالك” لتشعرهم بعدم قيمة خطواتهم التى، من وجهة نظر المجتمع، لن تنضج إلا بالارتباط. على الرغم من أن كلمة “عقبالك” ستكون مجدية بشكل أكبر إذا قيلت فى مناسبات كالنجاح دراسيا أو عمليا و الذى يتطلب مجهودا من الشباب لتحقيقه و هنا ستكون تلك الكلمة بمثابة عنصرا محفزا على التقدم و السعى بخطوات ثابتة لتحقيق الهدف. و ما أن ينتهى دور “عقبالك” التى لا تقوم عادة بالدور الفعال المنتظر حتى يلجأ المجتمع إلى عبارات أكثر قسوة، لعلها تحقق المراد كعبارة “ما تشدى حيلك بقى” و هى خطة مجتمعية أخرى هدفها معاتبة الشاب أو الفتاة من خلال تأنيب الضمير و إلقاء اللوم عليه. فالشباب، كما يراهم المجتمع، مقصرون و لم يقوموا بالخطوات اللازمة التى ستجعلهم يجدون فتاة الأحلام أو فارس الأحلام!! و على ذلك يراودنى تساؤل أود أن أطرحه على مجتمعنا الذي يفتقد إلى الفرحة و الذي يعتمد على شبابه كى يحقق له الفرحة: ما هى الخطوات العملية التى يتعين علينا اتباعها للارتباط و الحصول على شريك الحياة المناسب فى زمن قياسي؟ متى يجيب المجتمع على سؤالى سأبادر بتنفيذ تلك الخطوات و سأعمل على قدم و ساق لتحقيق أفضل النتائج! و لكن “ما تشدى حيلك بقى” لا تؤدى المهمة المنشودة و على الرغم من ذلك فإن مجتمعنا لا تنفذ جعبته و لا يعلن استسلامه فيستعين بسلاح أقوى و هو الأمر الواقع فتكون النتيجة عبارة استفزازية “الفرح اللى جاى بتاعك.. الدور عليك/عليكى” (مع الإشارة بالسبابة للتحذير أو التهديد) و هنا قد أصدر المجتمع حكمه فستكون أنت العريس القادم أو ستكونين أنت العروس القادمة شئت أم أبيت فلا مفر! ما هذا الهراء؟ هل أصبح الزواج و الارتباط “بالدور”؟ إذا كان الأمر كذلك فأنا و غيرى من الكثير و الكثير من الشباب لا نود الوقوف فى الطابور! مجتمعى العزيز.. تحية طيبة و بعد، فلتكف عن عباراتك السخيفة الغير مجدية و لتبدلها بعبارات حكيمة ك “ربنا يوفقك”، “ربنا يكتب لك الخير”، “ربنا يجعلك تحقق آمالك”. فلتقل خيرا أو لتصمت كما قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة و السلام. فالارتباط و الزواج ليس بالأمور أو القرارات التى تتخذ فى عجالة و إنما تحتاج إلى التروي التأني. كما أن تلك الأمور هى من ترتيب البارىء عزوجل الذي يعطى كل نصيبه و حقه فى توقيت معلوم فلا تحتاج إلى سعى أو مجهود أو خطوات. و فيما يخصنى، و اسمحوا لى قرائى الأفاضل، أن أشارككم وجهة نظرى المتواضعة فيما يتعلق بالزواج و الارتباط: – لا ترتبط قبل أن تحقق ذاتك و تشعر بالرضا عن نفسك و تفخر بها. – عند الارتباط يجب إعمال العقل و القلب كلاهما: فلا ترتبط قبل أن تجد الشخص المناسب فى كل شيء ماديا و اجتماعيا و أخلاقيا و فكريا، و الذي ستشعر معه بالفخر و الأمان – لا تلتفت لقول الناس أو المجتمع الذى يجعل للارتباط أو الزواج سن محدد فما الفائدة من زواج فى العشرينات حكم عليه بالانفصال و الطلاق لاسيما مع وجود أطفال؟ فلن أتزوج سوى شخص يدق له قلبى و ينجذب له عقلى حتى إذا رزقنى الله بذرية صالحة يخفرون بى أولا و باختيارى لوالدهم ثانيا.. فلن أخضع على الإطلاق ل”مش حنفرح بيكى و أخواتها”!