بقلم المستشار محمد الشامي
فى حفل زفاف أحد «المأسوف عليهم» من مناضلى الشعارات، كانت أغنية الفرح «يسقط يسقط حكم العسكر»، واقتصرت الدعوة على أصحاب اللحى، ووكلاء النضال الكاذب، والاشتراكيين الثوريين، و6 إبريل، وكان الهدف هو المساس بهيبة الجيش ومكانته واحترامه فى قلوب المصريين، لكنهم حرقوا أنفسهم، ولفظهم الناس، وكل من فكّر فى النزول منهم إلى الشارع، كان يتعرض للضرب والإهانة من المواطنين البسطاء، الذين يحبون الجيش ويعرفون قيمته، وارتفعت أعلامه خفاقة، وحصد هؤلاء الخزى العار والكراهية.
أولًا: جيش مصر صورة طبق الأصل من شعب مصر
تركيبته تضم كل أبناء الشعب المصرى، دون مذهبية أو ألوان سياسية أو توجهات دينية أو محاصصة، أبناء العمال والفلاحين والموظفين وغيرهم، وهذا هو سر القوة والتماسك والانسجام، وغيرها من عوامل التفرد التى ترفع قامته وهامته بين المصريين جميعًا، فكرامة الشعب والجيش شىء واحد ولا تتجزأ، وإصرار الجيش على أن يحفظ عناصر قوته خط أحمر، فقد أفشل كل محاولات الأخونة، عندما أراد «مرسى» وأهله وعشيرته أن يدسوا بين صفوفه عناصر إخوانية، وتصدى لهم وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى، ورفض دخول أى عنصر الكلية الحربية على أساس دينى.
ثانيًا: جيش مصر لا يقف فى صف أحد إلا شعب مصر
وقالها محمد نجيب للملك فاروق وهو يودعه على يخت المحروسة بعد ثورة يوليو: «لقد وقفنا معك ضد الإنجليز لأنك كنت مع الشعب، والآن نقف ضدك لصالح الشعب»، وتجسدت هذة الحقيقة بشدة بعد 25 يناير، وأدار الجيش الأحداث بمهارة وحكمة وحنكة، حتى وصل بالبلاد إلى بر الأمان، وأجهض مؤامرات كبرى استهدفت أمن الوطن واستقراره وسلامة مواطنيه، وانحاز الجيش للشعب منذ بداية الأحداث، ووقف الشعب ظهيرًا للجيش، وتمكنت البلاد بفضل هذا التلاحم الرائع من اجتياز المحن والأزمات، وإفساد مؤامرات الشر.
ثالثًا: الجيش دائمًا هو المنقذ
عندما تستحكم الأزمات يظهر الجيش، هو المنقذ والدرع والسيف، ليس فقط فى أحداث يناير، ولكن قبلها بسنوات طويلة، أذكر منها أحداث 18 و19 يناير، والأمن المركزى فى الثمانينيات، وظهر الجيش على المسرح بهدوء وثقة وحزم، واستطاع أن يؤمّن الشعب، ويمنع حرق وتخريب المنشآت العامة والخاصة، ولم يطلق رصاصة أو يصيب مواطنًا، ووضع نصب عينيه الحفاظ على حياة الناس، وعدم تعرضهم للخطر، وسلامة المواطنين هى نقطة الضعف التى تمنع الجيش من أن يدك سيناء فوق رأس الإرهابيين، وإحكام السيطرة على كل شبر من التراب الوطنى.
رابعًا: الأرض سر البقاء والخلود
لم تنم مصر وشعبها ساعة واحدة بعد حرب 67، واحتلال إسرائيل لسيناء الحبيبة، طهّر الجيش صفوفه، وسخّر الشعب كل إمكانياته لإعادة بناء القوات المسلحة، وقبل أن تمضى أيام على الهزيمة بدأت حرب الاستنزاف، وأشعلها جندى مصرى تجرى فى عروقه دماء الشهامة والكرامة والغيرة والوطنية، وأطلق الرصاص على مجندين ومجندات إسرائيليين يسبحون فى مياه القناة، وانفتحت على إسرائيل نار جهنم، وأدركت أن بقاءها مستحيل، وأن أرض مصر كانت على مر التاريخ مقبرة للغزاة، ودخل الجيش فى سباق مع الزمن لبناء نفسه، واستعادة كل شبر من أراضيه المحتلة، فالأرض عرض وحياة وبقاء وخلود.
خامسًا: ماذا كان يحدث لو انهار الجيش؟
نحن فى حاجة إلى جرعة لتنشيط الذاكرة من وقت لآخر، حتى لا ننسى أحلك السنوات التى مرت على مصر، حين حاولت الجماعة الإرهابية اختطاف الجيش وأخونته، ورسمت سيناريو تفكيكه، على غرار ما يفعله أردوغان فى تركيا، وأسسوا ميليشيات تشبه الحرس الثورى فى إيران، وأعلنوها صريحة بأنهم سيضحون بمئات الآلاف ليعيش الآخرون، وكانوا يخططون لمذبحة دموية لصفوة المجتمع فى مختلف المجالات، فانشقت الأرض مرة أخرى عن الجيش، وعاهد قادته الشعب أنهم لن يتركوا البلاد فى أيدى الخونة والإرهابيين والعملاء، والتحمت إرادة الأمة بجيشها وشعبها فى 30 يونيو، وما تلاها من أحداث.
سادسًا: لنا الفخر.. والعار للمتآمرين!
لا أريد أن أشغل بالى بدويلة وصفها كاتبنا الكبير أحمد رجب بالزائدة الدودية، التى تزعج الجسد دون أن يكون لها أى فائدة، فنحن فى زمن الفتنة، حين يتصور أراذل البشر أنهم يستطيعون أن يحركوا الأحداث، وأن الصغير يمكن أن يكبر حجمه إذا تطاول على الكبار، واستغلوا سماحة مصر وارتفاعها فوق الصغائر، فى التطاول على جيشنا العظيم، غير مدركين أنهم يشيدون سدودًا عالية من الكراهية فى نفوس المصريين، تجاه حكامهم المتآمرين، وأنهم يخاطبون فقط بعض فلول الجماعة الإرهابية، التى انتزعها الشعب من فوق مقاعد السلطة، وأن رسالتهم الإعلامية المفضوحة ضلت طريقها، وارتدت إلى صدورهم، ولن يحققوا منها سوى الخزى والعار.
سابعًا: «داعش».. فئران تختبئ بالجحور!
الداعشيون الذين تهلل لهم قناة الشر، ليسوا أكثر من فئران تسكن الجحور فى بعض المناطق فى سيناء، لا يستطيعون المواجهة، ولا يتسلحون بأخلاقيات الحروب، ولا يجيدون إلا الظهور المفاجئ ثم الفرار السريع، خوفًا من مطاردة القوات المصرية لهم، وكل ما يعنيهم فى التقاط تصوير بالفيديو، وهم يهدمون منزلًا أو يروعون مواطنين عزلًا من السلاح، أو ينصبون كمائنهم القذرة على الطرق، ويبعثون بالفيديو لقناة الشر القطرية، لتبثه وتخلق منه ضجة مفتعلة، للإيحاء بأن «داعش» له وجود فى سيناء، مثل سوريا والعراق، دون أن يخرج داعشى واحد فوق الأرض، ويقتصر الأمر على عصابات إرهابية خسيسة، مصيرها إلى زوال.