بقلم / نـــور علم الدين
كُنا أطفالا نرتعب إن رأينا قطعة خُبزٍ مُلقاةٌ علي الأرض نركض ونحملُها لمكانٍ عالى ثم نرسل قبلة إعتذار إلى الله .. الآن لم نعُد نُبالي رؤيتُها .. أى أرواحً طاهرة خسرناها فى الطريق .. فأنا لا أبغض العالم الذى أعيش فيه ولكن أشعُر بأننى متضامن مع من يعانون فيه .. فمنذ مُدةُ طويلة وأنا أحاول إسترجاعي …
فأحداث ٌ كثيرة لم تتقبلها أعيُننا وثقيله على أرواحنا من مشاهد مؤلمة وإحتفالاتٍ عبثية ….. مشاهد تعصُر القلب آلماً وحزناً .. فلولا صلابة الأضلع لخرج القلب من مكانهِ مما نحن عليهِ .. والمُخيف في الأمر أن القلوب لا تصدر صوتا عندما تتألم .. لذلك جمود مشاعرنا لم يأتِ أبدًا من فراغ .. فلقد نالت قلوبنا من الصرعات مايكفيها لتقسوا .. فنحن لم نولد بلا قلب ولكن كل الأشياء التى قبلناها برحمة داهمتنا بقسوة و ظلم .. هذا كل مافى الأمر وسيظل غارق الإنسان فى عبثية أفكارهِ … حتىّ إن داهمهُ الأفكار جيوشًأ .. فلم نعد نعرف مع من نُحارب ..؟
لذا لم يعد لدينا أدنى إستعداد لشرح وتحليل وتبرير لأى شئ حتى ضاق خاطرنا ونفذت طاقتُنا .. فكل شئ يمر ولكن يترك آثرهِ ولاينسى .. فالتّخَطّي كذبةٌ نكذبُها على أنفسنا لِنُخمِد نيران الذاكرة .. ونحنُ نُدرك أننا لا نستطيع أن نمحو تفاصيل اللحظات التي نُزعَت منّا سلامنا وأماننا وملأت صدورَنا بالآلم واليأس .. لا أحد يُنسى كيف سُرِقَت الطمأنينة من صدرهِ .. وكيفَ إختنقَ وسط صخب أفكارهٍ .. وحاول عبثاً أن يُقنِع نفسهِ بأنّ الألم صار ماضياً ..
فنُدير وجوهنا عن كل حزن لكن وجه القلب كيف يُدار … ؟! فمسكين من سُكب فى زيف أحدُهم كل حقيقتةُ ….
فالتّخطّي ليسَ سوى إلا قناعٍ هَش فإن الألم فيه لا يرحل .. بل يتربّص في زوايا الروح ويظهر كُلّما أوشكَت قلوبنا أن تُنسَى كيفَ كانت الطّعن موجعاً ..
( فدائمًأ البعيد عن ساحة المعركة يتباهى بسيفهِ ) ….
إذا فلا تغتر بإستقامتك فأنت لا تعلم كيف سيكون حالك غدًا .. والعالم الآن لا يُدار بالنوايا الطيبة .. و لم يستدعي أبدًا أن نقف أمام أنفُسنا لحظة فى موقف إتهام ونحن أبرياء لأننا صمتنا .. حينها فقد نَنَسي ألف كتابٍ قرأنهُ عن الحرية ..
فالحياة الآن لا يحكُمها مفهوم الحق والباطل كما كان و لا أيضا مفهوم الأخلاق .. والمبادئ أو المثُل العُليا .. الحياة للإسف يحكُمها مفهوم القوة والضعف .. الذكاء .. والغباء .. التكيف أو الإندثار .. حقًا الحياة مؤلمة عندما تصدمك بواقع يزداد سوءًا …
وما كان ينبغى علينا أن نأخذ الوعود على محمل الجد .. لأننا وصلنا إلى حال أنه سينتهي المطاف بالإنسان الشريف بأنهُ لايعرف أين يعيش .. فالبشرية فى مرحلة إنحطاط تام …
فالحياه حرب وصلبة وإبن العاطفه لن يعيش طويلا … وويًلُ للناعمين فيها … و يوجد لدينا دليل على مانقولهُ .. ولكننا نشعُر .. فبصيرة الإنسان إحساسه الداخلي دائمًا ..
فيا كفيف القلب ما فادك البصر … ؟! إن لم ترى الإنجاز الحقيقي فى ذاك الزمن .. ألا وهو أن تبقي ثغرة ضيقة بينك وبين العالم ترى منها ما يحدث ولا تشوهك أحداثهُ .. وتضع يدك علي ما تستطيع فعلهُ فتحسنهُ دون أن تتورط فيما لا تملك إصلاحهُ .. للأسف يُحاصرنا واقع لا يُجيد بعضُنا قراتهُ ( فلولا الخيط مستقر في منتصف الشمعة لما إستطاع إحراقها ) .. وتكرار المشهد فى عقولنا أصعب بكثير من المشهد نفسهِ .. لذلك فلا تقابل الناس بأزرع مفتوحة حتمًا سيسهل صلبك .. ولنعلم أن عندما تكون نوايانا نقية .. لاتُرى نقية بل تتلوث بإعتقادات الآخريين ….
وعلي المرء دائمًا أن يمر علي الأقل مرة واحدة فى حياتهِ من حدث يدمرهُ كُليًا وتُغير نظرتهِ إلى الحياه وبالتالي هذا يدفعهُ ليكتشف ذاتهِ … لكي لا يجعل بلاءًا واحدًا يُعيده صفرًا .. فأعظم ما تقدمهُ لغيرك هى أن تكون أنت الفكرة الآمنه ولا تكُن ذلك الإنسان الحالم لأن ليس فى ذلك خيرًا .. فإنتظر حتى يذهب الإنبهار بما تؤمن به ثم قرر .. فالحياة الآن تجعلنا ندفع ثمن طيبتُنا أكثر من أن ندفع ثمن أخطاؤنا .. فلم يكن أحد ثابت .. لقد مال الجمــــيع …..
وليس بوسعنا أن نتواجد مع أشخاص هم فقط حقل ألغام ونكون مُطالبين بأن نتوخى الحذر في حديثُنا ونتخلى عن عفويتُنا ..فكم شوهتنا تلك السعادات العابرة …؟
فكان يجب علينا أن نتذكر حينها بأن نقطة البداية هى أسهل محطة يمكنك الرجوع فيها عن قرارك .. وإياك والدخول فى أمر إستنكرتهُ فطرتك منذ اللحظات الأولى لبدايتة … فلا أريد الإنتباه مُجددًا .. هذة الفطنة كلفتني الكثير ………
من هنا كان و لابد من شرخٍ ما كي يتسلل النور أو ثم يتسلل إليك يومٍ قديم يفسد كل شئ ويخبرك أنك لازلت عالقًا ولم تتجاوز بعد .. لإن بعضُنا مُقيم برُكنً حبيس بالزوايا .. تلك الزوايا التى كنت أنصح بها من حولي بعدم الأقتراب منها .. ها أنا عالقةُ بها .. ويظل في الرأس مقبرة يستيقظ موتاها ليلا ….. ومن هنا ينطفئ الإنسان علي مهل فالفراغ فيه يقتل أنبل مافى الإنسان وهذا أكثر مشهد حزين يمكن أن تراهُ أو تشعُر به أدركت حينها أن الغرفة المظلمة هذة .. ليست مُخيفة لكنها هادئة وحتمًا سوف تنجو فيها ولكن ستصبح شخصًا آخر …..
… (فالانسان بناء الله .. فويل لمن هدمهُ ) ….
أعلم أن الكتابة ليست سبيلاً لمحو آلامنا .. لذلك ليس بعد الصفحة الأخيرة إلا الهوامش ….وها نحن عالقين بالهوامش ….
وأخيراً …….
لم يبقى من الذكريات سِوىّ لونها الرمادي ِ .. لذلك هدأت .. وهذا إنتقامُها لِنفسها ..
_______________________