الزهار : مصر والشرق الأوسط: معضلة القوة الصاعدة في مواجهة مخططات التقسيم

 

متابعة هاجر أحمد

منذ عقود طويلة، يُنظر إلى الشرق الأوسط على أنه منطقة شديدة الحساسية والإستراتيجية ، ليس فقط بسبب موقعه الجغرافي الفريد، بل وأيضاً لما يحتويه من موارد طبيعية هائلة كالبترول والغاز الطبيعي. ورغم أن خطط تقسيم المنطقة ليست جديدة، إلا أن مصر كانت وما زالت تمثل معضلة رئيسية أمام المخططات التي تستهدف إضعاف أو تفتيت المنطقة.
فعن القوة المصرية التي تجددت بعد أحداث 2011، والتي أعتقد البعض أنها ستكون بداية النهاية لها، بل أظهرت العكس تماماً.
كان لنا لقاء مع الدكتور محمد الزهار الخبير في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
وأمين الأمانة المركزية للعلاقات الخارجية بحزب حماه آلوطن
ومقرر لجنة المواطنة ببيت العائلة المصرية وإلى نص الحوار

المعضلة المصرية: ما بين خطط التقسيم وقوة الصمود؟

تحليل المخططات التي تستهدف إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، بما في ذلك ما يُعرف بـ”الشرق الأوسط الجديد”، يُظهر أن هناك معضلة رئيسية تكمن في موقع ودور مصر. كانت التوقعات الغربية، وخاصة من جهات استخباراتية مثل الموساد والمخابرات الأمريكية، تتنبأ بأن مصر، بعد أحداث 2011، ستظل ضعيفة، وربما تضعف أكثر أو تبقى في حالة من التدهور السياسي والاقتصادي.

لكن مصر نجحت في إرباك هذه التوقعات، حيث شهدت تحولات كبيرة على كافة الأصعدة العسكرية والسياسية والاقتصادية. فقد أصبحت مصر قوة مركزية في المنطقة، ليس فقط بفضل جيشها القوي ولكن أيضًا بفضل دورها القيادي في مقاومة تنفيذ مخططات التقسيم.

الجيش المصري: العمود الفقري للقوة ؟

الجيش المصري، والذي يُعتبر حجر الزاوية في قوة مصر، أصبح أقوى مما كان عليه قبل 2011. بينما كانت الحسابات الغربية تفترض أن مصر ستظل في حالة ضعف أو ربما تنهار تحت الضغوط، جاء الواقع مغايرًا. الجيش المصري اليوم لا يقتصر وجوده على الحدود الداخلية فقط، بل يمتد إلى خارج الحدود لحماية المصالح القومية المصرية، سواء في ليبيا أو السودان أو حتى البحر الأحمر. هذا التوسع يعكس دور مصر الإقليمي المتزايد، وقدرتها على التصدي لأي تهديدات أمنية تأتي من الخارج.

الأمر الأكثر أهمية هو أن مصر لم تعد مجرد دولة دفاعية، بل أصبحت تعتمد على استراتيجيات الهجوم الوقائي، ما يعني توجيه ضربات استباقية لأي جهة تهدد أمنها القومي. وأمام المجتمع الدولي، وخاصة من خلال مناصبها القيادية في مجلس الأمن ولجان مكافحة الإرهاب، عززت مصر من شرعيتها الدولية في اتخاذ إجراءات حازمة لحماية أمنها القومي.

العقبات الغربية: هل يستطيعون تجاوز المعضلة المصرية؟

في ظل هذا التنامي في قوة مصر، يجد المخططون الغربيون أنفسهم في ورطة كبيرة. إذ أن نجاح مخططاتهم في إعادة تقسيم الشرق الأوسط يعتمد بشكل كبير على إضعاف مصر. لكن كيف يمكنهم تنفيذ هذا المخطط في ظل وجود مصر كقوة عظمى صاعدة؟ هنا تظهر المعضلة الكبرى: هل يمكن للغرب أن يستمر في خططه مع قبول مصر كقوة عظمى في المنطقة؟

إحدى الاستراتيجيات التي قد يلجأ إليها الغرب هي زيادة الضغوط الاقتصادية على مصر، ومحاولة إثارة الفوضى الداخلية من خلال نشر الإشاعات والفتن. لكن هذه المحاولات، حتى الآن، لم تؤتِ ثمارها، إذ أظهرت مصر مرونة كبيرة في مواجهة هذه التحديات.

مصر والأمن الدولي: هل يكون الصدام الحل الأخير؟

الحديث عن مواجهة مباشرة مع مصر، سواء عسكرياً أو اقتصادياً، يبدو معقداً للغاية. فمصر لا تشكل قوة إقليمية فقط، بل هي جزء من توازنات دولية كبرى تشمل روسيا والصين والكتلة الشرقية. أي مواجهة مباشرة مع مصر قد تعني اندلاع حرب عالمية جديدة، وهو ما تحاول الدول الكبرى تجنبه بأي ثمن.

ولهذا السبب، تُفضل هذه القوى، حتى الآن، اللجوء إلى وسائل غير تقليدية مثل الضغوط الاقتصادية والسياسية، لكن مع كل محاولة تتعقد الأمور أكثر، وتزداد مصر قوة وإصرارًا على مواصلة نهضتها وتحقيق أهدافها الاستراتيجية.

الخاتمة: مصر بين القوة والتحديات المستقبلية

في النهاية، تبقى مصر معضلة حقيقية في مخططات التقسيم التي تستهدف الشرق الأوسط. لقد أثبتت مصر أنها قوة لا يمكن تجاوزها، وأنها تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق مزيد من التقدم والقوة. وعلى الرغم من التحديات الكبيرة، سواء من الداخل أو الخارج، إلا أن قدرة مصر على الصمود والاستمرار في طريقها نحو أن تصبح قوة عظمى تبدو مؤكدة.

حفظ الله مصر قيادةً وشعبًا، وجيشًا قادرًا على حماية أمنها واستقرارها.

Related posts

Leave a Comment