بقلم / الباحثة ميادة عبدالعال
الواقع العملي وما أكدته بعض المصادر والأبحاث والمقالات التي تناولت وصف الإساءة للمرأة التي تقدمها الفضائيات العربية تفتقر إلى معالجة الواقع الحقيقي للمرأة في المجتمع، الواقع الحي الذي تواجهه يومياً، في سياق النزعة الاستهلاكية المفرطة
في السنوات العشر الأخيرة أيضًا اقتحمت بيوتنا من خلال القنوات، صورة نمطية للمرأة تلك الصورة للمرأة الشابة الجميلة الأنيقة بملابس أقل وببشرة برونزية وجسم رشيق بحيث يتم التركيز غالبًا على شكلها وعلى لون عينيها وشعرها دون الاهتمام -إلا أحيانًا- بجوهرها، وبذلك أصبحت صورة نمطية ترسم في مخيلة المتلقي -أي المستهلك- صورة مزيفة تعتمد الترويج لمنتج ما عن طريق الإغراء والإثارة، حتى وإن لم تكن ثمة علاقة بين ما يعرض للاستهلاك الفعلي وما يعرض للاستهلاك المرئي، وبحكم وقع الصورة المؤثر في زمن الصورة، تدفع المرأة ذاتها إلى تبني الصورة السلبية عن نفسها والتماهي مع هذه الصورة للظهور بمظهر المرأة الحديثة من الزاوية الشكلية. وهي صورة لا تعكس الجانب الحقيقي والواقعي لمشاكل المرأة وطموحاتها الحقيقية، ولا تضعها في الصورة المتطرفة للمرأة الغارقة في عواطفها التي تفسد عقلها، أو التي تقتل عواطفها من أجل طموحات غير مشروعة من وجهة النظر الاجتماعية.
لذلك لا نجد في الإعلام العربي صورة للمرأة المتوازنة القادرة على أن تكون أماً حقيقية وصاحبة طموح وموقع لا يتناقض مع دورها كأم، فدور المرأة كفاعل اجتماعي لايقل أهمية عن دورها كأم، ولايمكن وضعهما في مواجهة بعضهما.
فعكس ما ذهبت إليه بلدان غربية في منع المتاجرة بأجساد النساء إعلانيًا واستغلالهن لأغراض إعلانية، فنحن في بلداننا العربية انفتحنا أكثر نحو ظاهرة استغلال المرأة بمفهومه الترويجي، فأن تصبح المرأة مجرد جسد دون النظر لإمكانياتها الفكرية الهائلة التي قد تفوق إمكانيات الرجل في العديد من المجالات، وأن تحصر اهتماماتها في مساحيق تنظيف أو مستحضرات تجميل أو ملابس لماركات عالمية أو تروج لأغاني عبر مئات القنوات التلفزيونية العربية كـ(موديل) بمعايير خاصة، تقع في إطار مسميات الاضطهاد الواقع عليها وإرهابها والانتقاص من مكانتها وإمكاناتها وعدها في أحيان عديدة فى إطار سلعة للترفيه والتدبير المنزلي والفرض عليها قسرا وإكراهها بواجب التعايش مع أنماط عيش لا إرادة لها فيها الأمر الذي أدخل في فلسفة تشييء الإنسان [تحديدا هنا المرأة] والتعامل معه كسلعة تجارية معدة للتسويق، من أجل تحقيق أهداف سياسية وإقتصادية في إطار محاولات تثبيت النظم الاستغلالية وفلسفاتها وخلفياتها.
عرف “أوتوجروت” الألماني الإعلام بأنه (هو التعبير الموضوعي لعقلية الجماهير ولروحها وميولها واتجاهاتها في الوقت نفسه) وهذا تعريف لما ينبغي أن يكون عليه الإعلام، ولكن واقع الإعلام لا يكتمل إلا بوسائل إيصاله حيث يقوم بتزويد الناس بأكبر قدر من المعلومات الصحيحة، أو الحقائق الواضحة، الهادفة الى التنوير والتثقيف ونشر الأخبار والمعلومات الصادقة التي تنساب إلى عقول الناس، وترفع من مستواهم، وتنشر تعاونهم من أجل المصلحة العامة، وحينئذ يخاطب العقول وليس الغرائز بوسائل الاعلام المقرؤة والمسموعة والمرئية وحاليآ تضاف الى الوسائل السابقة وسائل جديدة هي الفضائيات ومواقع الإنترنت وأشكال الاتصال الإعلامي المختلفة الأخرى ان استغلال الإمكانيات المتاحة في انشاء مثل هذه المؤسسات، فرصة ذهبية من اجل النهوض بواقع المرأة المتردي من اجل بناء المجتمع