بقلم / الباحثة ميادة عبدالعال
الصداقة هي علاقة متبادلة بين الأشخاص ، وتماثلٌ في الاهتمامات والظروف الاجتماعيّة،تتميز الصداقة بأنها بيت للأسرار، ولا يجوز الوشاية والإفصاح عنها، فهنا يكمن العهد والوعد بأنّ كلاً منهما مفتاحُ أسرار الآخر، ولا بدّ من الحرص على عدم دخول الفتنة بينهما، وأن تكون الحكمة هي أساس الصداقة، فلا يجوز للآخر التخلّي عن صديقه، ولا فضح أسراره للآخرين، فقد وضع كلُّ شخص كامل ثقته بالآخر، فإذا تزعزعت هذه الثقة انتهت الصداقة، ويُثمّن الصديق بسؤال صديقه عنه وقت غيابه، ويحفظه أيضاً وقت غيابه، ويدافع عنه في وجه من أراد به السوء، فالصديق في النهاية هو أخٌ لم تلده الأم ,فالصديق الوفي هو من يشارك صديقه في أفراحه وأحزانه ومناسباته بأنواعها، يؤنسه في وجوده، يفتقده في غيابه، يثني عليه إن أصاب، ينصحه إن أخطأ، ويشجّعه على تجاوز الصعاب واجتيازها. ومن مَلَك صديقاً صدوقاً في هذه الأيام الصعبة عليه أن يحرص على صداقته لأنها كنزٌ لا يُقَدَّر بثمن.فإذا ما دقّق الصديق على كل هفوة تبدر من صديقه، يستحيل مع ذلك استمرار العلاقة، لأنّ البشر بطبعهم خطّاؤون،المحافظه عليها، والعمل على بقائها واستمرارها ،إنها كالمال سهل أن تكسبه ، صعب أن تحافظ عليه ، إن الصداقه هي طاقه تحسب بمقدار الصفح ، والتسامح ، والتضحيه ، والمجامله ،فالصداقه الحقيقيه تقوم على الأخذ والعطاء بنفس القدر .رغم أن ” شكسبير ” قال عن الصداقه معظمها زائف ،ورغم ان العثور على الصديق الطيب ، الودود يحتاج الى أن نبحث كثيرا حتى نجده ،ورغم أيضا أن الطريق الضيق لا يوجد به أصدقاء لأن الصديق المزيف كالظل يقترب عندما نمشي بالضؤ ،ويغيب عندما يغطينا الظلام …
إلا أن الصداقه حقيقه وواقع ، ملموس ،نحتاج فقط الى أن نفهم الحكمة اللاتينية التي تقول :” من كان صديق نفسه أصبح الجميع أصدقاءه ” بمعنى أن المرء إذا كان يريد أن يكون له أصدقاء يحبونه ، ويحرصون عليه ، يجب ان يبدا من نفسه، فيزرع فيها حب الخير، والمبادئ النبيلة ، وأن يحاول الأبتعاد عن سؤ الظن ، وتصيد الأخطاء، والهفوات ، فالمجامله تكسب الأصدقاء ، كما أنه من الذكاء مدح الصديق علنا ، ومعاتبته سرا ، فالصديق يحتاج دائما الى المعاملة اللطيفه ، حتى يبقى بجوارنا ، والى قبول أخطاءه وهفواته، والصفح عنها بموده، وطيبه، ووداعه .. والوحده هي دائما عقاب الحياه لمن لم يحسن صحبه الأخرين،
” روبرت كنيدي ” يقول لك سامح أعداءك ، ولكن لا تنسى أسمائهم ،وقدماء الأسبان منذ أربعمائه سنه يقولون لك إن أسوأ العداوات هي عداوه الأصدقاء ” ومن قبل ذلك كله فالإمبراطور ” يوليوس قيصر ” عندما خرج في الليله التي أغتيل فيها ، توقع أي شئ و أستبعد فكره أن يتقاسم أصدقاءه آخر قطرات دمه ، لقد كان القيصر يرى الأقنعه التي كان يرتديها أصدقاءه على وجوهم ، لكنه فشل في قرأه العداوه الموجوده في نفوس أصدقاءه من الداخل ، ولعل أكثرمافجعه هو صديقه الحميم ” بولس ” الذي قال له ” القيصر ” بحسره وألم وندم :” حتى انت يابولس “. ماأجمل أن يكون لك صديق خالص الصداقه ، تستحم على شواطئه همومك ،ومشاعرك ،واحاسيسك ، فالطريق لا يطول أبدا متى ماوجد الإنسان الصحبه الطيبه ،والصداقه الدافئه ،إنني أظل دوما أفتش عن صديق حقيقي حينما أمنحه زهره الحب، والود لا تتحول في يده هذه الزهره ، مع مرور الزمن الى خنجر يطعنني به في لحظه ضعفي ،وحزني ،وإنكساري .. فكلما فقدت صديقا غاليا أتألم كثيرا كثيرا وأحزن بشده إذ أن نسيان الصديق أو فقدانه أمر محزن للغايه ، فلايمتلك الإنسان صديقا كل يوم ،فالصداقه حدث نادر لايجوز أبدا نسيانه ..أما الصداقه مابين الرجل والمرأه فهذا شأن آخر ،وإتجاه مختلف لكنني أختصرها في عبارة :”أوسكار وايلد “: صداقة الرجل للمرأه نكته طريفه ، تشبه صداقة القط للفأر .”