بقلم / الباحثة ميادة عبدالعال
المرء كما قيل يحتاج الى سنتين تقريبا ليتعلم الكلام , ولكنه يحتاج الى سنين ليتعلم لغة الصمت , فالصمت فن , فاذا أتقنته أصبحت مبدعا في كلامك . فتأمل كيف تنمو الأشجار والأزهار والأعشاب في صمت ! وكيف يتحرك القمر والشمس والنجوم في صمت ! عندها ستدرك الى أي مدى نحتاج الى الصمت كي نكون مؤثرين. فالصمت حكمة وقليل فاعلها , فهو يمنحك طاقة قوية للتفكير بعمق: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ألا أخبركم بأيسر العبادة وأهونها على البدن ؟قالوا بلى يا رسول اله , قال : الصمت وحسن الخلق” , وفي هذا السياق يقول الحكماء ” ان جرح اللسان أنكى من جرح السنان ” , أي أن جرح اللسان أشد تأثيرا من جرح كل من السنان والسكين والسيف والسلاح الأبيض , لكن جرح اللسان أشد ألما وأكثر ايلاما وأشد تأثيرا , والحكيم العربي يقول : “جراحات السنان لها التئام ولا يلتئم جرح اللسان”.
الصمت هو العلم الأصعب من علم الكلام , يصعب أحيانا تفسيره وهو أفضل جواب لكل سؤال, وقد قيل عنه قديما أن الصمت اجابة رائعة لا يتقنها الآخرون , وقد قال عنه الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ” اذا تم العقل نقص الكلام , وبكثرة الصمت تكون الهيبة ” ,فالصمت كما يقال أبلغ من الكلام أحيانا , فالنظرة في الشخص الذي أمامك في لحظة صمت قوية ,قد تعيد لك ما لم يستطع الكلام على اعادته أو توصيله . والانفعال يولد الندم على تصرفات لا تأتي عن قناعة ما بدر من الشخص , ويمكن ردع الخصم اذا كان ممن لا ينفع معه الا استخدام أسلوب الكلام . فأحيانا يفعل الصمت ما تعجز الحروف عن القيام به , فعندما نجلس لنبحث وسط الحروف عن كلمات تعطي الحق لصاحبها , نخاف أن لا نعطيه حقه وأن تصبح الكلمات عاجزة عن التعبير عما يدور بداخلنا اتجاهه , وأحيانا بالصمت نخسر كل شيء من حولنا , فلا ينفع الصمت عند تناولنا للقضايا الحساسة المصيرية ,وابداء الرأي واجب شرعي وقانوني لتلافي الخطر الذي سينشأ عن صمتنا , واذا لم يصل الحوار الى حل فالسكوت أفضل لدرء الشر , وخير الكلام ما قل ودل .ليس مهماً أن تعلم متى تتحدث ولكن الأهم أن تعلم متى تصمت