بقلم .. د. أحلام الحسن
كبرياء أم كبر ..
نسمع كثيرًا في مجتمعاتنا عن مصطلحاتٍ في أحيانٍ كثيرةٍ ما يختلط الأمر علينا .. ليس في معنى المصطلحين فغالبية المجتمع تعرفهما .. لكن المشكلة تقع في التطبيق المغلوط لهما من قِبل البعض .. فهناك خيطٌ رفيعٌ بينهما علينا وجوب رؤيته وملاحظته جيدًا لكي نتجنب الوقوع في فخّ الكبر فنخسر أنفسَنا ونخسر من حولنا من أطياف مجتمعنا .
وأورد هنا تعرفًا مبسطًا لهما :
الكبر :
وهو الزهو والغرور وإعطاء النفس أكبر من حجمها ورؤية الآخرين بنظرةٍ دونيةٍ وترفّعٍ على الناس والعُجب ( الإفراط الزائد في تعظيم النفس لذاتها ) .. وهذه صفةً يكرهها اللّه أيّما وقد تسببت بطرد أبليس من الجنّة بعد أن عبد اللّه آلآف السنين ورأى نفسه أفضل وأكبر شأنًا من أدم الذي ما زال في بداية حياته وليس له من العبادة بقدر ما قام بها أبليس .. فضلًا عن العنصرية والطائفية التي رأى بها نفسه .. كما حدّثنا القرآن الكريم به ( قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ) .. وبهذا الكبر يخلق المتكبر لنفسه مشاكل لا حصر لها مع المجتمع والأفراد وحتى على مستوى الأسرة وقبلها مع نفسه المضللة بالأهواء .
ولهذا التصرف ” الكبر ” مستنقاعاتٌ في ذات نفس المتكبر الباطنية قد لا يعيها هو أيضا ! .. منها أنه وصل لمنصبٍ ومكانةٍ علميةٍ أو اجتماعيةٍ أو ماليةٍ وعليه تكونت عنده فكرة الكبر فيرى الناس دونه وهو فوقهم خاصةً إذا ما كانت بيده بعض حاجات الناس .
وهناك صنفٌ آخرٌ من الذين أصيبوا بداء الكبر وهو صنفٌ يُعد من الأمراض النفسية حيث أن من يتّصف به فاقدٌ للعلم وفاقدٌ للمال وفاقدٌ للمكانة فينتج عنده ردّ فعلٍ بالحنق على المجتمع لدرجةٍ يصل بها إلى الغرور والكبر ظانًا بأنه يمارس فضيلة الكبرياء ! ومن هنا نعرف مامعنى الخيط الرفيع الفاصل بين الكبر والكبرياء ..
وهناك صنفٌ ثالثٌ وهو صنفٌ خطيرً جدًا على المجتمع من جراء مرض العُجب والكِبر إذا ما ابتلي به الخطيب والمُفتي والفقيه لما لهذه الأصناف من الأهمية في التأثير على المجتمع وعلى شبابه وكسب المواقف لصالح أفكارهم والإصرار على الرأي بسبب الثقة الزائد بالنفس وإعطائها فوق مكنتها الفقهية والعلمية ومن جرّاء هذا الكِبر والعُجب حدثت مهازلٌ من الإفتاءات جرّت للأمّة المهالك .. مهالك لا تزال تدور طواحنُها داميةً في مجتمعنا الإسلامي !
مادور المجتمع في التعامل مع مريض الكبر والعُجب ؟
في الحقيقة كانت هناك عدّة إراءٍ بعضها اتفقت وبعضها تضاربت منها :
أ- العلاج النفسي لدى الطّب النفسي .
ب- التهميش وعدم المبالاة بأقوالهم وأفعالهم السّقيمة وعدم الإستجابة لدعواتهم ليصحو هؤلاء من سكرة العُجب ومرض الكِبر ..
ت – تحذير المجتمع من أمثال هؤلاء المرضى الذين ينفثون بسموم أمراضهم النفسية بالكبر والعُجب نفثة الأفيون والحشيش ليستنشقه من أراد ويتسمم به من لم يُرد .