البروفيسور الدكتور.
الشريف علي مهران هشام…. عادة يتوقع الناس وخاصة في منطقتنا العربية أو الدول النامية أن في امريكا أو اليابان أو البلاد الأوربية ، أن شعوب هذه الدول يعيشون في رغد من العيش وحياة فاخرة ..ولا يابهون بالمال أو الصرف نظرا لدخولهم المرتفعة ..ولكن الواقع والحياة علي أرض هذه الدول الغنية يختلف عما يدور في رؤوسنا ونظرتنا الضيقة للأمور .
يذكر لي احد الاصدقاء وهو من أحدي الدول النامية وان كانت ملاءتها المالية تفوق الدول الأوربية الصناعية : يقول عندما وصلت الى احدي مدن دولة أوربية ..رتب أحد زملائي الموجودين جلسة ترحيب لي في أحد المطاعم .. وعندما دخلنا المطعم لاحظنا ان كثير من الطاولات كانت فارغة وكان هناك طاولة صغيرة تواجد عليها زوجين شابين لم يكن أمامهما سوى اثنين من الأطباق وعلبتين فقط من المشروبات ..
كنت أتساءل اذا كانت هذه الوجبة البسيطة يمكن ان تكون رومانسية فماذا ستقول الفتاة عن بخل هذا الزوج ..علي الجانب الآخر ، كان هناك عدد قليل من السيدات كبيرات السن يجلسن ويتسامرن ..
طلب زميلنا الطعام وكنا جياعا فطلب المزيد .. وبما أن المطعم كان هادئا وصل الطعام سريعا
لم نقض الكثير من الوقت في تناول الطعام وعندما قمنا بمغادرة المكان بعد دفع فاتورة الحساب ، كان هناك حوالي ثلث الطعام متبق في الاطباق ..وقبل ان ننصرف ونصل الي باب الخروج من المطعم الا وصوت ينادينا .. لاحظنا السيدات كبيرات السن يتحدثن عنا الى مالك المطعم ..وعندما تحدثوا الينا فهمنا أنهن يشعرن بالاستياء الأشراف في الكثير من الطعام .
أجابهم زميلي : ” لقد دفعنا ثمن الطعام الذي طلبناه فلماذا تتدخلن فيما لايعنينكن ..؟؟. ولكنهن شعرن بغضب شديد من اللا وعي وان الحياة ليست دفع مال ..ولكن هناك أمور اخري …العالم محتاج الي كل حبة ارز وكل قطعة خيار والي والي .. مما تركتموه علي الطاولة ليكون نهايته صناديق القمامة …هل هذا شعور انساني رشيد ..ولما وجدت عجرفة زميلي وعدم إعطاء الأمر أهمية أو شعور بالاسي والاعتذار ..
نظرت احدى السيدات الينا بغضب شديد واتجهت نحو الهاتف واستدعت أحدا ..وطلبت عدم انصرافنا ..
بعد فترة من الزمن وصل رجل في زي رسمي قدم نفسه على أنه ضابط من مؤسسة التأمينات الاجتماعية…. وحرر لنا مخالفة بقيمة خمسين يورو .
التزمنا جميعا الصمت ..وأخرج زميلي الخميسن يورو ودفعها مع الاعتذار الى الجميع …موظف المطعم والضابط و السيدات كبيرات السن
قال الضابط بلهجة حازمة : ” اطلبوا كمية الطعام التي يمكنكم استهلاكها ..نعم المال لك لكن الموارد للجميع .. وهناك العديد من الآخرين في العالم يواجهون نقص الموارد ..ليس لديكم سبب لهدر الموارد ” .
احمرت وجوهنا خجلا ..ولكننا في النهاية اتفقنا معه .
نحن فعلا بحاجة الى التفكير في هذا الموضوع لتغيير عاداتنا وسلوكياتنا السيئة وغير المنضبطة ، سواء في استهلاك المياه أو الطاقة أو الطعام أو الدواء أو إهدار الوقت فيما لا يفيد …عموما ، قام موظف المطعم بوضع بواقي الطعام في علبة ورقية جميلة وأعطاه لنا ..ومن ثم شكرناه….
وللعبرة والعظة…. قام زميلي بتصوير تذكرة المخالفة وأعطى نسخة لكل واحد منا كهدية تذكارية قد تنير لنا ظلمات قد تقابلنا في مسيرة حياتنا المستقبلية …
والا ننسي إن ” المال لك .. لكن الموارد ملك للجميع ” ونحن اولى بتطبيق هذا الامر ..وان نكون نموذج ومثل ورمز جيد وفعال للآخرين ..
” اقتصدوا و لا تسرفوا ” وصدق الله العظيم : ” ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا ” ، سورة الاسراء الآية : 29 .
وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلي آل بيته وسلم تسليما كثيرا : ” نحن قوم لا نأكل حتي نجوع . واذا اكلنا لا نشبع ” … ## العبرة الأكبر والاشمل…هي ( عندما يكون الفاسد بعيد النظر )…… يذكر أنه أثناء زيارة أحد وزيرا في أحدى الدول الاستبدادية لروضة أطفال سألهم: كم ميزانية طعام الطفل شهريا؟
قالوا له: 200 دولار.
قال لهم: هذا كثير.. خفضوها إلى 100 دولار.!
بعدها زار السجن وسألهم: كم ميزانية طعام السجين شهريا؟
قالوا: 200 دولار.
قال لهم: هذا قليل.. أرفعوها إلى 400 دولار.!
سأله وزير مرافق: لماذا خفضت مخصصات طعام أطفال الروضة ورفعت مخصصات طعام المسـاجين؟. نظر إليه الوزير
وقال: هل تعتقدوا اننا بعد ترك الوزارة سنذهب الى الروضه. ؟!! .. إن الحل الناجع يكمن في بسط العدل والحق. وصدق الله العظيم : ( وممن خلقنا أنة يهدون بالحق وبه يعدلون ) – سورة الأعراف , الآية : 181 . والله المستعان ،،،،،