بقلم/ عبدالحميد شومان
نعلم جميعا عن هذا الفيرس اللعين الذي أصاب مجتمعاتنا هو فيرس السحر هذا المرض اللعين الذي دخل مجتمعنا بلا انذار منذ الخليقة والسبب بل الأسباب التي نعلمها جميعا اولها الجهل ولا اقول ضعف بل عدم وجود الوازع الديني والطمع وحب ايذاء الآخرين .. ولهذه الأسباب إختلت موازين الحياة حيث اختلطت الحقيقة بالوهم..
هذا النوع من التخاريف الذي يتاجر به السحرة ما زال يمارس ليس في مصر فقط أو المغرب أو السودان فقط بل في العالم وفي تقديري أن هذا لا يقل خطورة عن جرائم الإغتصاب أو القتل أو السرقة وما يشابهه من الجرائم التي تتسبب في ترويع المجتمع وإيذاء بني البشر. وحالنا كحال الآخرين .. فكثيرا ما نسمع ونقرأ ونشاهد العديد من البرامج المتلفزه تروي لنا قصص من هنا وهناك إبني محسود وإبنتي معمول لها عمل بالطلاق وللأسف يروج الإعلام والقنوات الإستثمارية لمثل هذه التجارة وتعلن عن وصول هذا الشيخ وهذه الشيخه معتذرا عن هذا المسمي بالشيخ ولكن هذه صيغة الإعلان الذي يجلب الحبيب ويرد المطلقة ويعالج المريض المتزوج حديثا وتم ربطه حيث يعجز عن آداء واجبه الشرعي تجاه زوجته مما يجعل من فقد ايمانه بالله ان يسرع ويشد الرحال الي حزمة من النصابين والمتاجرين بأحلام البشر . وبالفعل هناك أناس يعانون من شر أعمال السحرة وأعمالهم الشريرة التي لا يسعون من خلالها إلا لتدمير الأفراد والأسر وهم لا يعلمون أنه منكر وكفر كما جاء في الآية على لسان الملكين هاروت وماروت ( وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ) هذا فيما يتعلق بالساحر. أما الذي يذهب الى السحرة للاستعانة بسحره على الغير يقول النبي صلى الله عليه وسلم (من أتى ساحرا أو عرافا فسأله فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد) رواه أحمد، وقال :
(من أتى كاهنا أو عرافا فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوما). إن من بيننا في مجتمعنا من سيطرت عليهم التخاريف وعششت في أذهانهم الخزعبلات تعلقت قلوبهم بالسحر والكهنة وارتبطت مصائرهم بالكواكب وبالتنجيم ضربٌ بالكف والرمل ونظرٌ في الوَدَع والخرز وفتح للمندل .
وقد عالجت السينما المصرية هذا النوع من زارعي الوهم في أذهان حتي من يعتقد فيهم الناس أنهم من علية القوم من خلال فيلم يحمل عنوان ( البيضة والحجر) للراحل أحمد زكي وأستند في هذا الي خبر كان قد تم نشره بجريدة الرايه القطريه يوم الثلاثاء 4/ 4 / 2000ومجلة زهرة الخليج في عددها الثلاثون يوم8 إبريل 2000 نموذج من مأساة حصلت بسبب سحر قامت به امرأة لاسترجاع زوجها بعد ان طلقها في رأس الخيمة ووصل الأمر لحد تدهور صحة الزوج وادعهائه عليها في المحكمة بأنها تسحر له وبعد سبعة شهور من الجلسات والمداولات في قضية هي الأغرب من نوعها لصعوبة ثبوت الأدلة في الإيذاء كما صرح المحامي ابراهيم حسن الملا في القضية حيث قال لعلها المرة الأولى التي أتولى فيها قضية سحر وشعوذة بين الزوجين أدّت الى الإيذاء الجسدي والنفسي ولكن اعتراف المطلقة أمام النيابة والشرطة بأنها مارست أعمال السحر والكتابة فقضت المحكمة بحبس المتهمة ” الساحرة لزوجها ” أربعة شهور أما الزوج فبقي يطالب المعنيين أن بفك السحر عنه ونري أن الكثير من بعض الطبقات الثرية هم الأكثر ترددا علي مثل هذه الأعمال ويجد هذا السحر أيذا رواجا بين أهل الفن حيث أصبح السحرة والعرافين يتقاضون أجرا باهظا على عمليات النصب والاحتيال بحجة فك السحر وجلب الغائب الى آخره.
وفي دلتا مصر قصة مؤثرة حصلت في أعماق الريف المصري شغلت مصر بأسرها في منتصف الثمانينات واهتمت بها الصحف وأصبحت مادة صحفية تتناولها صحافة مصر بأثرها وهي حادثة الزوجة التي ظلّت بكراً تسعة عشر عاما تبدأ القصة في إحدى القرى عندما فشل عامل النسيج أن يمارس حقوقه الزوجية طوال تسعة عشر عاما بسبب ما كان يعتريه من إغماء وتصبب عرق عندما كان يقترب من زوجته وهو ما يسمى بمفهوم السحر ( الربط ) واللافت في القصة أن الزوجة وهي ابنة عمه عاشت معه تلك السنوات لأنها تعتبره حبها الأول والأخير وفي أحد الأيام انكشف اللغز وذلك عندما قال له أحد أصدقائه الذي يعمل معه في المصنع أنه يعلم بحالته تلك …فتعجب الزوج وألحّ عليه بأن يخبره من أين عرف ذلك السرّ فأخبره بأنه هو الذي سبب له هذا السحر عندما قام بربطه على يد أحد السحرة والسبب في ذلك أنه كان يريد أن يخطب زوجته إلا أنها رفضته وفضّلت عليه صديقه وابن عمها فاشتعلت نيران الغيظ والحقد والحسد في قلبه فقام بربطه عن زوجته وعندما استحلفه أن يفك السحر وبأي ثمن واستجاب زميله لطلبه .. وبالفعل نبش بجوار أحد السواقي المهجورة مستخرجاً سكيناً ( قرن الغزال) مقفولة وقام بفتحها وفك الربط ونجح في أن يمارس معها حقوقه الزوجية بعد تسعة عشر عاماً ماذا فعل بعد ذلك ؟ رجع إلى صديقه وأسكن السكينة نفسها في قلبه بطعنة واحدة فقتل في الحال وعندما أحيل إلى النيابة اكتشف الطب الشرعي أن زوجة القاتل بالفعل لم تنفض بكارتها إلا منذ أيام قليلة فقررت المحكمة على أثرها تخفيف الحكم إلى السجن مدة خمس سنوات مراعاة لظروف ما حدث له وهذه القصة تم نشرها في مجلة الأميرة في عددها الخامس الصادر في سبتمبر2000. فهذه نماذج مما يحدث من جراء السحر وكما رأينا فإن السحر له حقيقة فمنه ما يقتل وما يمرض وما يأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه من وطئها ومنه ما يفرّق بين المرء وزوجه وما يبغض أحدهما الى الآخر ورأينا بعضاً من الناس الذين تعرضوا للسحر الذي يتعلّق بالمرض قد أدى إلى حتفهم . وحقيقة أخيرة بأننا في 2017 وخاصة في مصر ما بعد الثورات بدأ حلم الثراء والغنا دون تعب ولا شقاء بدأ أيضا السحرة يبثون أفكارهم في أذهان الناس بأن منازلهم تحت أرضها مقابر فرعونيه مما جعل حالة من الهوس تلحق بالناس مما جعل البعض بنقب عن الآثار بواسطة السحرة والمشعوذين لفك الرصد أو حارس المقبرة كما يطلقون.. فهناك ومن الغريب أحينا أن الرصد او الحارس يطلب أنواع من البخور الباهظة الثمن وهناك رصد يطلب ذبح واحد من أبناء المنقب والعديد من الطلبات التي لم أتوصل اليه