— الفُرْصَــة مِــن المِحْنَــة —

 

بقلم / نــور علــم الديــن

كَبُرنا فَتغيرت نظرتُنا للكثير من الأشياء ، لا نعلم رُبما كان هذا واعيًا وإستيعابًا أكثر أم انهُ إنعكاس للتجارُب التي نُقاوِمُها يوميًا ، فحين نقول أننا كَبرنا و نضجنا لم نعُد نتعمق بالأشياء بل إكتفينا بسطحيتها ، و مع اننا نَملُك قلوب مليئة بالمشاعر ، وهي أمانة لدينا من الله ، لذلك إصرارُنا علي أن نُحافظ عليها .
كما قال الله تَعالىٰ :-
( أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) سورة الروم 9

إذًا ستَبقىٰ أجمل أمانينا أن نكون دومًا في مأمن وأن تغفو أعيُننا دون أرق ، فلا يُمكن أبدًا أن نندفع مُجددًا في الألم الذى نازعنا روحنا لننجوا منهُ .
أمَا آن الوقت أن يزول الشعور وأن التعب يُمحيَّ وأن الشمس تتجدد عقب الليالى الحالكة .
أمَا آن الوقت أن نبدأ من جديد .

..إذًا .. فالنحمُد الله علي أن الإنسان مفطور علي القدرة بالبدء من جديد تحت كل الظروف الذي تعمقنا بها ، فلقد حقًا تجاوزنا الكثير ، ولكنهُ كان إنتصارًا حزينًا للغاية ، لإننا لا نُجيد تلك الأساليب الملتوية هُزمنا أكثر من مرة .

ولكن .. لا تدوم الهزيمة إلي الأبد إلا إذا سمحت لها بذلك ، فمن المُفترض أننا أنهينا الدهشة منذ زمن وصار كل شئ قابل للتصديق ، لذا لا تنصدم بخسارة الناس ، لأن هذا القلب ياعزيزي ليس بِبُرتقالة يَعصُرها من حولك لأنهم يعانوا من نقصٍ حادٍ من فيتامينات الأخلاقيات .

فلا ترضيٰ بِفُتاتِك ولن تقبل أن تعيش علي الهامش ، ولا تنتظر أقدارك السعيدة ، فالإعتياد هو عقارُ القوة الأبدية .. نعم لقد إعتدنا .. وإعتدنا .. وإعتدنا .. وأهلا وسهلاً ومرحبًا بالمزيد .

ثُمَّ إِنطق بما تأمن واترك الظن لمن يَشاء ، وإبدأ من جديد بإستِعاب ، فأحيانًا أكثر الأشياء التي من الممكن أن تؤذينا هي الأشياء التي تُنقًِذُنا والأشياء التي نتذكر أنها النهاية تكون بالحقيقة هي البداية ، ولا أحد يتعلم من الأوقات التي كان فيها فرحًا أو كانت فيه حياتهِ مُستكينة وهادئة ، فنحن نتعلم من تلك الأيام التي نصحو فيها علي حَرب الأفكار الماضية .

فَكُن مُمتناً لهذه المِحن ، ليكتمل إدراكك بالوعي الفكري الكامل ، فقمة الوعي أن تمُر بنقطة ضعفك ولا تضعف ، فلا تجعل قلبك لُقمة سائغة لظروفك ومواقفك ، فما أثقل أن يمضي الإنسان كامنًا في صدرةِ ..لماذا ؟! حقًا إنها تجربة فاشلة والخُسارة فيها صِحتُنا النفسية ، فهل تَبقىّٰ من العُمر بقدر ما مضىٰ ؟

أعتقد لا .. إذًا عِش ماتبقيَّ من عُمرك بالطريقة الصحيحة ولا تُبالي ما مضىٰ مِنها ، فنحن نُعانق أنفُسنا ثم نجلس في الأركان حتي نُشفىٰ .

وأخيرًا…..
مآوي الإنسان رَبَّه أينما كان ليبدأ من جديد

Related posts

Leave a Comment