الكاتبة د / مروة رجب الشريف
قبل الحديث حول الإعلام ودوره لابد من الكشف أولاً عن مبادئ العمل الإعلامي ولعل أهمها تقريب المسافة بين الجمهور والإعلام فمهما تكن النظرة السلبية للإعلام فيما يقال إنه إعلام سطحى ذو نظرة ضيقة ، فمن الواجب تقليل هذه المسافة بالعناية المستمرة للقضايا التى تهم الإنسان المصري البسيط ، ويبدو أحياناً أن نملك من التجربة الفكرية والثاقفية ما يؤهلنا إلى إجراء بعض التعديل البسيط من النظريات التي يبنى عليها الإعلام فى مصر.
وثانياً فمن الواجب توضيح رؤية الإعلام إلى المجتمع المصري والقدرة على الإتصال بهذا المجتمع من خلال الدخول فى المشكلات وتوضيح معالمها دون اللجوء الى الإهانة أو تجريح الأخرين ، فالقليل من يفعل فنحن غالباً ما نرمي الاخرين بسوء الفهم ، وعلى ذلك يجب إداراك مقدار وحجم المشكلة بشكل صحيح ثم العرض – عرضاً لا يخلو من التحليل والنقد مناصفة بين الطرف والطرف الأخر فلا نكن مقبلين على طائفة دون الاخرى ، فبذلك يؤدى الى اختلال فى توازن الحقيقة وعلينا طرح حلول واقعية بالادوات المتاحة لدينا والإبتعاد عن الأدوات التى تنبع من الخارج .
ولذلك إن الاعلام له دور فى بناء المجتمع ووظيفته الأساسية يقوم بشفاء المجتمع من أمراضه من خلال عدة طرق وأهمها : التنبه واليقظة . حيث يرى أن المجتمع يحتاج إلى صحوة دائماً من الغفلة والانتباة دئما الى المخاطر التي تحيط بهذا المجتمع من أمراض قد تهدمه أو قيم دخيله قد تجعله ينحرف عن المسار الأخلاقي الذي يسير في دربه ، فالمغزى من هذا الانتباه هو تسليط الضوء على تلك الامراض مع ضرورة التوقف من عرض وشرح المرض كمثل الدرة التى بحث عنها الغواص وعنى بها وخلصها مما قد يعلق بها من الشوائب وأراد أن ينتفع بها ويزيد من جمالها وغناها وقوتها ، فالمقصود هنا هو معالجة أمراض المجتمع وليس توضيح أن المجتمعات مليئة بالامراض فإن شرح المرض قد يؤدى بنتيجة عكسية ألا وهي انتشار المرض فى أنحاء المجتمع وانتقاله من مجتمع الى مجتمع آخر بدل من القضاء عليه ولذلك فإن المهمة الأساسية تكمن في إلقاء الضوء على المرض ثم استخدام تقنية الفلاش باك فى العودة الى المبادئ والقيم والأخلاق الحميدة فى العصور الماضية التى كان الإنسان يتمتع بحس انساني وأخلاقي يصل الى حد الملائكي وبهذا يحدث حراك فى المجتمع من أجل الشفاء ونشر المبادئ الإنسانية.
ثانياً : النداء .
والنداء يحمل بطبيعته دعوات إصلاحية بمسئولية كبرى نحو المجتمع الذي يعيش فيه ويفكر فى حاجاته العقلية والروحية تفكيراً عميقاً ، ولكن الإعلام ليس مقلداً لأحد من المؤسسات الغربية الاعلامية، ولا هو ذا عقل محدود عندما يفكر فى الصيحة الاصلاحية، فهل كان المجتمع محروما من ذلك النداء أو ضرب من التأمل فإن المجتمعات تحتاج إلى من يعطيه الأمل فى المستقبل ولذا يفترض العلاقة بين المجتمع والاعلام هى علاقة تكامل وليس تعاند، فكل منهما يكمل بعضه ، فإن الاعلام وسيلة فهم وأداة لتحريك الوجدان فى المجتمع العربي وهذا الوجدان يحتاج إلى تصحيح وفيما يبدوا أن هناك طورين أثنين من أطوار العقل العربي ، فإن العقل العربي فى الطور الأول قبل الثورة كان يعتمد على الذات المغلقة على نفسها وأثناء الثورة وبعدها أصبح يعتمد على الذات المنفتحة على المجتمع وعلى العالم كله بكل ما فيها من تطورات وصراعات
فقد خرج العقل العربي من طور القناعة ببعض المفاهيم إلى طور القلق والخوف على المجتمعات العربية وما يحيط بها من صراعات وأزمات وانقسامات داخلية وخارجية وعلى الاعلام أن يعطى دفعة من الأمل وليس الحزن وعلينا أن نعلم أن تلك الدعوات محيطة بالمشاكل والمخاطر الفاسدة ولكن الإراده القوية والعزيمة بها نستطيع أن نحقق كل ما نحلم به .