قصة قصيرة بقلمي أمل رفعت
فتحت عيناي أهدابها دون داعي، فلا زلتُ أحتاجُ إلى غفوةٍ أخرى، ومع ذلك استيقظُ مرحة متفائلة بالصباح الجديد؛ فلدي رغبة شديدة في الرسم على شاطئ البحر، تجتاحُني الرغبة في استقبالِ يومٍ جديدٍ بحكمةِ الحياة للحياة.. أرتدي ثياباً مناسبة، ألتقطُ ريشاتي، ألواني و لوحتي البيضاء، المنتظرة لمساتي المشوهة لها.. لم اجد أحداً اليوم يسألني إلى أين أنتِ ذاهبة في هذهِ الساعةِ المبكرة؟ كما أن هناكَ شيئاً ما لفت نظري؛ خلو الحوائط من الصور، نزلتُ درجات السُلم مهرولة غير مبالية لأي غريب.. شاطئ جليم مقصدي، يبعد عن بيتي بمحطتي ترام؛ سيرها كالسلحفاة يعطيني الفرصة للتأمل في جوهِ البشر والطريق، عربة السيدات غير مزدحمة اليوم، والعديد من المقاعد غير شاغرة بمقعدةٍ عريضةٍ لسيدة بدينة يئن من تحتها المقعد المسكين، يهتز كل ما في جسدها بفعلِ القصور الذاتي، بجانب النافذة اخترتُ جلستي؛ الطريق هادئ، و السيدات اليوم متبرجات؛ الآنسات صدورهن مكشوفة، ولا أثر للمنتقبات ولا حتى صاحبات أغطية الرأس المختلفة، حتى الراهبات رؤسهن مكشوفة؛ أخذ شعرهن ينبت ليبرق تحت أشعة الشمس.. نزلتُ في محطتي مودعة الترام التي كُشط من عليها عبارة “هذه العربة مخصصة للسيدات”، وصلتُ للشاطئ الأكثر نظافة؛ يقع بين الشاطئ المجاني وبين مطعم ملحق بكافيتيريا يطلُ رواده على مساحة ساحرة في عمق البحر تحرسها النوارس.. الشمسيات من حولي تبدو قليلة؛ تنتشر الأجساد العارية على الرمال “بالبكيني” تلتقط اللون البرونزي من أشعة الشمس؛ أخلع نظارة الشمس السوداء من على عيني لاتأكد من وجودي في المكان الصحيح.. اهتمامي يقل بما يحدث حولي عند سماعي صوت بائعة الفريسكا؛ وقفت أمامي تعطيني القطعة المحببة لي من قبل أن أنادي عليها واطلبها؛ قايضتها بابتسامة وجنيه.. التهمتُ قطعة الحلوى في نشوة عارمة، أما نادلة المقهى البسيط على الشاطئ جاءت تقدم فنجان القهوة التي طلبتها في التو؛ وضعت الفنجان وقد تدلى نصف صدرها المكشوف من ثوبها الأنثوي الرقيق مع انحنائها لوضع الفنجان.. ما لبثت لوحتي الفنية أن تكتمل، يفترش وسطها جسد فتاة عارية وذيلها يسعى وراء كل موجة تلاطمها، لا تقوَ على اتخاذ قرار بالغوص في الماء أو المكوث على الشاطئ؛ لم أنتظر قرارها؛ فخلعت ملابسي للنزول إلى الماء المنعش؛ اثرثرُ مع الأمواج عن حكاياتي، فتذهب هباءً كالزبد الرابي، أخرج من الماء أرتدي ما خلعته من ثياب، ألملم ألواني، وريشاتي وعروسة البحور عائدة إلى الترام مرة أخرى لتحملُني إلى منفاي الأخير.. بائع الجرائد ينادي في الطريق عن نبأ اليوم، انقراض ثمار الليمون وأشجاره من كوكب الأرض، ادخل تحت الغطاء وأعود لأغفو.. نداءه أزاح النوم بصراخهِ “اقرا الحادثة؛ الفتاة المخطوفة وجدوها بين أنياب الذئاب”