البروفيسور الدكتور الشريف. علي مهران هشام.
يذكر من قصص الحياة وتجارب وخبرات الزمان إن الأستاذ حامد … انسان مصري مثل ملايين المصرين اللي استطاعوا يدبروا عقد عمل في دول الخليج العربية في نصف القرن الماضي … وكان يعتقد إنه حقق حلم عمره !!
الأستاذ حامد سافر لهذه الدولة الخليجية واشتغل مدرس هناك في وزارة التربية كان وقتها شابا نشيطا ، ربنا أكرمه وتزوج وأنجب ثلاثة أبناء عبد الوهاب وفهد وسلوي.
أخد زوجته وأولاده وعاشوا معاه في الخليج ووفر لهم سكنا مريحا وجميلة ، وكانوا في قمة السعادة لم يتأخر عن أي طلب يطلبوه، وهو كمان كان فرحان جدًا بأنه قادر يسعد ولاده ودايمًا شايفهم قدامه وبيكبروا قدام عينيه.
عبدالوهاب ابنه كبر فقرر الأستاذ حامد إن تعود زوجته مع ابنه الذي التحق بكلية الطب في جامعة مصرية ولكي تراعيه وتراعي أبناءه في دراستهم وقرر الأستاذ صالح انة ينزل لمصر في الإجازات
وفعلا الزوجة والأولاد رجعوا مصر، عبد الوهاب في كلية الطب وفهد دخل لاحقا كلية التجارة انا سلوي فمازالت في الثانوية العامة ….
مرّت عدة سنوات وكان الأستاذ حامد يشتغل ليل نهار في المدرسة ويعطي الدروس عشان يبعت مصاريف أولاده وزوجته، لدرجة إنه عدة مرات امتنع عن النزول الإجازات عشان يوفر فلوسها لاولاده، وبمرور الوقت بدأ يتعب ويمرض ويدوخ فى الشغل، كان زملاؤه يقولوا له…… كفاية كدة عليك يا أستاذ حامد وانزل مصر نهائى عشان صحتك وتبقى حتى في وسط ولادك يراعوك ،
كان دايمًا يرد عليهم ويقولهم حياتي رخيصة ومش خسارة في اولادى وسعادتهم
اشترى لأولاده بيت فى مصر وبقى لكل واحد من اولاده شقة جاهزة ومتشطبة حتى ابنته سلوي وفر وجهز لها شقة وجاب لها جهازها إللي هتتجوز بيه… وعبدالوهاب ابنه خطب وارسل له فلوس الشبكة.
وبالرغم من تعبه خاصة إنه قرب على الستين لكنه كان سعيد إنه ( أمِّن مستقبل ولاده ، كما يعتقد الكثير من البشر )، وكان بيضحى حتى بصحته وهو راضى حبًا في أولاده،
إلي أن جاء يوم تعب فيه تعبا شديدا، وبدأ من بعدها يغمى عليه…ويدوخ مرة، فقرر إنه خلاص…جاء الوقت لينزل الي بلده ووطنه الحبيب مصر بصفة نهائية وكان سعيدا جدًا…والفرحة تملأ نفسه ونسي المرض والتعب .. إنه أخيرًا سيعيش بين اولاده وزوجته.
ما شاء الله عبدالوهاب اصبح طبيبا وفهد محاسبا وسلوي دخلت كلية الآداب
اتصل الحاج حامد عليهم وعرفهم بموعد وصوله لمطار القاهرة … لكن المفاجأة ملقاش احد فيهم في استقباله في المطار!
قال لنفسه أكيد حصلت ظروف غصب عنهم أو حد فيهم تعبان عشان كدة مقدروش يستقبلوني في المطار!
ركب تاكسي وصل البيت دخل وجدهم قاعدين شافوه قاموا سلموا عليه سلام بارد …لايليق بسعادته للعودة والعيش معهم…والمفاجأة أن زوجته بدل ماتقول له حمد ع السلامة…نورت بيتك… قالت بعدم حياء أو احترام ” انت جيت “؟!!
مش كنت تخليك سنة كمان لحد ما نجيب مصاريف جواز سلوي
الأستاذ حامد… ابتسم وعينه امتلات بالدموع قالها أنا كنت ناوى أقعد بس تعبت غصب عنى والله معدتش قادر اشتغل وبقيت بقع من طولى وأنا واقف!
زوجته قالت له على العموم،،، أنا هقوم أعمل الأكل،
وولاده كل واحد فيهم دخل غرفته…
بعد حوالى شهر كان الأستاذ حامد قاعد في البيت والساعة عدت الواحدة صباحا وفهد ابنه لسة لم يحضر من برّة!
لكن رجع البيت الساعة 2 صباحًا وكان أبوه منتظره
الأستاذ حامد شاف ابنه داخل مش قادر يقف وعينه لونها أحمر وعدى بجوار أبوه وكأنه مش موجود مقلوش حتى ازيك يا بابا، وكان لسة رايح يفتح باب غرفته
أبوه قاله خد يا بنى انت مش شايفنى قاعد وبعدين إيه إللي مرجعك متأخر كدة وشكلك عامل كدة ليه ؟!!
قاله انت مالك، أرجع براحتى في الوقت إللي يعجبني، انت رجعت من السفر عشان تقرفنا ولا إيه….!
أستاذ حامد قام وضربه على وجهه وقاله انت إزاى تكلمنى كده!
زوجته خرجت بسرعة من الغرفة قالت انت ازاى تمد إيدك على الولد، مش كفاية راجع ايد ورا وإيد قدام، جاى تعمل علينا راجل البيت دلوقت
الطبيب عبدالوهاب هو كمان نزل من شقته من وقال لأبوه ملكش حق إنك تضرب حد من إخواتى إحنا أصلًا علاقتنا، بامنا إللي تعبت في تربيتنا، يا تقعد معانا باحترامك لا تمشي وتريحنا!!
الأستاذ حامد وقع من الصدمة سكت وبعدين قاله ماشى يا بنى…انتم صح ..وانا اللي كنت غلط…انا اللي كنت غلط
تانى يوم الأستاذ حامد اتصل بواحد زميله في الدولة العربية قاله أبوس ايدك..ارحمني يرحمك الله .. اعمل لي اى حاجة وخلينى ارجع تانى وانفجر في البكاء…
قاله مالك بس إيه الى حصل
فحكى له القصة كاملة …قل له لا حول ولا قوة الا بالله..اين بر الوالد..اين الاحسان الي الاب ..اين رحمة الأبناء .. اين ..اين ؟
قاله بس لاتنسى انك تركت الوظيفة نهائيا !
قاله أرجع أعمل اى حاجة بس خلينى أمشي من هنا!
زميله كلم ناس معرفة وحكى لهم ظروفه وقدر إنه يرتب سفر للاستاذ حامد وفعلا حجز له تذكرة الطيارة لأن استاذ حامد مكنش معاه فلوس لأن كل فلوسه كان بيبعتها باسم زوجته اولا بأول ….
خرج من البيت يوم السفر من غير ما يقول لاحد لأن كل كلامهم ليه كانت إهانات!
وصل أستاذ حامد واستأجروا له سكن مناسب وكان زملاؤه. وتلاميذه وأحباؤه. قد اجتمعوا فيما بينهم بعد معرفة قصته ونكران أولاده وعقوقهم ونكران زوجته والتضحية بسنوات العمر .. قد دبروا له مبلغا كبيرا للمعيشة وتوفير كل احتياجاته وبطلباته خاصة وبعد أن ان اشرت قصتة وما ظهر عليه من الحزن والقهر والاسي….تطوعت أرملة في الخمسين من عمرها علي الزواج منه ..وكانت ثرية والمفاجأة …أنه انجبتت منه طفلا ..الان في السنة الثالثة من العمر واسمه ضياء ..وعادت له صحته.. وبدأت السعادة تغمر حياته….فقد فوض أمره الي الله …والله كان له نعم الوكيل والسند …المفاجأة الاخري ..لما علم أولاده وزوجته بأنه أصبح في رغد من العيش أرسلوا له أن يرسل لهم فلوس ؟!!!
للاسف ..اللي يصعب عليك يفقرك ويعذبك ويمرضك ويحزنك….طبعا اللي استحوا ماتوا …واذا لم تستحي فافعل ما شئت….انا شخصيا لا اعلم اذا كان الحاج حامد ارسل لزوجته الظالمة الجاحدة. و لأبنائه العاقين والظالمين فلوس ام لا ؟!!!! فقلب الاب وحبه ورحمته تسع الكون….
…الحكمة : لا تفسد حياتك وتتخلي عن سعادتك و.لا تجلد نفسك .لاي كائن كان حتي ولو اولادك …أو غيرهم ..فقط لاتظلمهم…ولاتبخس حقوق نفسك… وصدق الله العظيم: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) [ التغابن: 15 ]… والله المستعان،،