جريمة الإبتزاز الإلكترونى

بقلم الأستاذ : فراج محمد فتحي
المحامى

يُعَدُّ الابتزاز الإلكتروني أحد أخطر مشكلات ثورة التكنولوجيا الرقمية اليوم، ويُعرَف أنَّه:

عملية مساومة تتم عبر الإنترنت، قائمة على الترهيب والتحذير والتهديد من شخص يُسمى المُبتز، إلى شخص آخر يُسمى الضحية، وتحدث عملية الابتزاز هذه من خلال اختراق جهاز الضحية سواء جهازه المحمول أم حاسوبه الشخصي، وسرقة بياناته الشخصية وصوره الخاصة، وغالباً ما تكون مواقع التواصل الاجتماعي هي الوسيلة لهذا الاختراق؛ إذ يصل الشخص المبتز إلى الصور والبيانات الشخصية للضحايا من خلال البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة كـ الفيس بوك، تويتر، الواتس اب ،وإنستجرام وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي نظرًا لانتشارها الواسع واستخدامها الكبير من قبل جميع فئات المجتمع.

وأصبح الابتزاز عبر الإنترنت من أكثر الجرائم التي تتناولها أخبار الحوادث في مصر، الأمر الذي يتمثل في صور وفيديوهات فاضحة لاستغلال فتاة بهدف الحصول على مكسب مادي، وأحياناً جنسي، وغالباً ما تكون تلك الوقائع بين من ربطت بينهما سابقاً علاقة عاطفية أو خطبة، وأحياناً زواج، لكن هناك أساليب أخرى يصل بها أحياناً المبتز للوسيلة التي يهدد بها ضحيته بالفضيحة ، فلا تتطلب هذه الجريمة الكثير من الأدوات، أو التخطيط لاصطياد الضحية، فكل ما يحتاج إليه المبتز هو صورة أو مقطع فيديو أو مقطعٍ صوتي، ليبتزهم ويُحيك خيوط جريمته ويصل إلى غايته.

ويُعَدُّ الابتزاز الإلكتروني جريمةً يُعاقب عليها القانون، وهو جريمة مؤلمة لما يُلحقه من أضرار بالضحية وبسمعتها وبعائلتها، ويترك فيها آثاراً نفسية سلبية، ويجعلها تعيش في قلق وتوتر شديدَين، وتكره الاختلاط بالبشر وتفقد ثقتها بالآخرين، وقد يصل بها الأمر للتفكير بالانتحار خوفاً من أيَّة فضيحة اجتماعية أو عائلية.

خطوات يجب إتباعها عند تعرض الضحية للإبتزاز الالكتروني

• أول خطوة يجب القيام بها عند تعرُّضك للابتزاز الإلكتروني، هي ضبط الأعصاب والتروي، وعدم فقدان السيطرة أو الخوف، أو التصرف بشكل هيستيري غير مدروس، فهي مشكلة لها حل، ويتعرض الكثيرون يومياً للتهديد والابتزاز، ويتم حل مشكلاتهم ومعالجتها نهائياً.
• أهم نصيحة يجب أن تفعلها في حال وقعتَ ضحيةً للابتزاز الإلكتروني، هي عدم التواصل مع المبتز نهائياً، وعدم الرد عليه، والدخول في مشادات كلامية، أو إظهار خوفك له، والطلب وترجِّيه ألا ينشر الصور، وحتى في حال رددتَ بلهجة عنيفة، قد تستفزه ويُنفذ تهديده فوراً، فعواقب الرد عليه وخيمة بكل أشكالها.
• إخبار الأهل أو أي شخص مقرب لاستشارته، ليكون عوناً لك وداعماً عندما تخاف أو تضعف
• التعامل مع الأمر بهدوء وحكمة، وعدم الاستجابة لأي من طلباته، كدفع مبلغ من المال، أو إعطائه معلومات بطاقتك البنكية، فاستجابتك له ولو لمرة واحدة تفتح شهيته وتجعله يطلب المزيد.
• لا تحذف المحتوى الذي يبتزك به، مهما كنتَ قلقاً منه، ولا رسائل تهديده؛ لأنَّك بذلك تحذف دليل إدانته.
• يجب أن تقوم بحظر الشخص المبتز من حساباتك، على مواقع التواصل الاجتماعي، وتغيير كلمات المرور الخاصة ببريدك الإلكتروني وحساباتك.
• من الضروري جداً الاتصال بالجهات المعنية، وهي وحدات “إدارة الجرائم الإلكترونية” الموجودة في كل دولة، والإبلاغ عن الشخص المبتز.
• تذكَّر أنَّ الشخص المبتز هو شخص مريض نفسياً لا محالة، ويُعاني من عقدة ما، ويُريد إثبات القوة والسيطرة على الضحية، وهو شخص جبان، فهو يُهدد فقط، ومن النادر جداً أن يُنفذ تهديده؛ لأنَّه بذلك لن يحصل على مبتغاه المادي أو الجنسي، كما أنَّه يخشى المساءلة القانونية.
• في حال قام المبتز بنشر أي محتوى، من أولى الخطوات التي يتوجب القيام بها هي إبلاغ إدارات مواقع التواصل الاجتماعي، لتقوم بقفل حسابه، وحجب ما تمَّ نشره؛ إذ تجدر الإشارة إلى أنَّ هذه المواقع تتعامل بدرجة عالية من الجدية والاهتمام عند إبلاغها أنَّك تعرَّضتَ للابتزاز.
• احذف حساباتك كافةً على مواقع التواصل الاجتماعي مؤقتاً، ولا تترك له وسيلةً للتواصل معك.
• أهم نصيحة يجب أن تلتزم بها هي إلغاء فكرة الرضوخ أو الاستسلام للمبتز نهائياً، فلا ترسل له أي مال أو صور أو تنفذ له أيَّة رغبة.

طرق الوقاية من الابتزاز الإلكتروني

• القيام بحملات توعية من قِبل الأهالي والمدارس والجهات المختصة حول الابتزاز الإلكتروني، خاصةً لجيل الأطفال والمراهقين.
• الحزم بعقوبة المبتز، والإعلان عنها دائماً، للتذكير بمصير من يبتز الآخرين.
• عدم قبول طلبات صداقة من أشخاص غير معروفين.
• عدم الرد على المحادثات من أشخاص مجهولين.
• التقليل من مشاركة المعلومات الشخصية على الإنترنت قدر الإمكان.
• تجنُّب إقامة محادثات الفيديو، إلا مع أشخاص تربطك بهم صلة وثيقة.
• عدم التواصل مع أشخاص لا تعرفهم، وفي حال تواصلتَ مع أحدهم، ابقَ متوخياً الحذر، ولا ترسل له أي صور خاصة مهما حاول طمأنتك.
• عدم الضغط على أي رابط مجهول يطلب بياناتك الشخصية؛ وذلك لأنَّه وسيلة لتهكير هاتفك، والوصول إلى صورك ومحادثاتك الخاصة.
• عدم مشاركة أيَّة معلومات صور أو فيديوهات حساسة مع أحد على الإنترنت، حتى لو كان شخصاً مقرباً وموثوقاً، خوفاً من تهكير حسابك وسرقتها.
• عدم الوثوق بمواقع البيع والشراء الوهمي، أو مواقع العمل عبر الإنترنت، أو المواقع المجهولة، والتأكد منها جيداً قبل إرسال بياناتك أو سيرتك الذاتية.
• حصِّن حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي بكلمات سرية قوية يصعب اختراقها، وضعها بعيدةً عن اسمك وتاريخ ميلادك، والأرقام المتتابعة 123.
• لا يكفي أن تمسح صورك وبياناتك، والخروج من حساباتك على هاتفك الجوال قبل بيعه؛ بل يجب عليك عمل “إعادة ضبط مصنع ” للجهاز، وقم أيضاً بتشغيل كاميرا الفيديو، ثمَّ اترك الجهاز في غرفة مظلمة، حتى تمتلئ ذاكرة الهاتف الداخلية تماماً، ويُغلق الهاتف الكاميرا تلقائياً، ثمَّ قم بحذف الفيديو، وبذلك يكون هذا الفيديو المظلم هو الشيء الوحيد الذي يجده أي شخص يُحاول استعادة محتويات الكاميرا
• الاتصال بالخطوط الساخنة التي أنشأَتها وزارات الداخلية في جميع الدول العربية، ووفرَت شرطة متخصصة في الجرائم الإلكترونية.
• كما يمكن اللجوء إلى الحل القانوني وتوجه الضحية إلى أقرب قسم شرطة لمكان سكنها، ومن ثم تقوم بتقديم كافة الأدلة عن المبتز لسرعة القبض عليه، أو تقوم بإبلاغ الإدارة الخاصة بمكافحة كافة جرائم الحاسبات الموجودة بالمقر الخاص بوزارة الداخلية المصرية، هذا بجانب إمكانية إرفاق كافة البيانات الخاصة بالمبتز وتحميلها على الموقع الإلكتروني الذي خصصته وزارة الداخلية لاستقبال البلاغات عن الجرائم الإلكترونية

موقف قانون العقوبات المصرى

فقد نص قانون العقوبات المصري في المادة 327 على”أن كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالقتل أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور تخدش الشرف يعاقب بالسجن، وتنخفض إلى الحبس إذا لم يكن التهديد مصحوبا بطلب مادي”

كما أن تهديد شخص لآخر بجريمة ضد النفس تصل عقوبتها إلى السجن، مدة لا تتجاوز 3 سنوات، إذا لم يكن التهديد مصحوبًا بطلب أموال أما إذا كان مصحوبا بطلب مال فقد تصل العقوبة للحبس 7سنوات

ونص قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات في المادة 25 على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات شخصية إلى نظام أو موقع إلكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته

ونصت المادة ٢٦ من القانون على أنه “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتى أو تقنية معلوماتية فى معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى مناف للآداب العامة أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره وشرفه”

في الختام الوقاية خير من العلاج:

فيجب نشر التوعية القانونية بالمجتمع، فكل فتاة تتعرض للابتزاز يجب أن تعلم ما هي حقوقها، وألا تفرط فيها، فالابتزاز جريمة، ويجب أن تحصل على حقها فيها كاملا
ويجب أن تعلم كل فتاة أن هناك فارقا كبيرا بين التقاط الصورة وبين نشرها بدون إذن صاحبها، فحتى إذا تم التقاط الصورة بموافقة الفتاة، فنشرها يجب أن يكون بموافقتها، وإذا تم تهديدها أو نشر الصورة على الإنترنت بدون إذنها، فستكون هذه جريمة وسيقف القانون في صفها

لذا يجب توخي كامل الحذر مع من نتعامل معهم في مواقع التواصل الاجتماعي، ويطَّلعون على حياتنا اليومية، ويجب أن نُحذر أولادنا من الوقوع في مصيدة المبتزين، وفي النهاية فإنَّ احتمال تعرضك للابتزاز الإلكتروني، يعتمد على درجة حرصك وانتباهك؛ لذا احتفظ بأوقاتك الخاصة والسعيدة لك وحدك.

Related posts

Leave a Comment