بقلم / د. أحلام الحسن
الحروب وصناعة المجاعة ..
مما لا يخفى على الإنسان ما للمجاعة من دورٍ في دمار الشعوب والقضاء عليها .. فتوفر الغذاء والماء من ضروريات استمرار حياة الإنسان والحيوان على حدّ ٍ سواء ..
وهناك عوامل طبيعيةٍ في صناعة المجاعة كندرة توفر الماء وعدم هطول الأمطار وإهمال معالجة هذه الظواهر الطبيعية لقلة الوعي أو عدم اهتمام الدول العظمى بما يصيب العالم الثالث من إبادةٍ بشرية بسبب الموت جوعًا كما هو في بعض دول قارة أفريقيا كالصومال والسودان وغيرها .. كما أنّ كثرة هطول الأمطار تتلف بعض المحاصيل والتي يعتمد المزارعون عليها في غذائهم ..
ويأتي دور الحروب الأهلية وغير الأهلية كصراع الدول المتجاورة أو الغزو الدولي أو الغزو التنظيمي أو الصراع على السلطة في صناعة المجاعة في المرتبة الثانية وقد يفوق الأولى في بعض البلدان
متسببًا في الدمار وإحداث المجاعة ، فالموت هنا يفوق موت المجاعة من العوامل الطبيعية فهو موتٌ بسبب الحروب قتلٌ وضياع أجيالٍ وأطفالٍ وموتٌ بالجوع وتلف المحاصيل بسبب الحروب والقذائف ، فضلًا عن إنتشار الأوبئة بسبب الجثث المرمية هنا وهناك وندرة توفر العلاج والمضادات الحيوية من المسببات الخطيرة في زيادة عدد ضحايا الحروب
في دول العالم الثالث وها نحن نرى ما يمرّ به العراق ذلك البلد الغني بخيراته الوفيرة ماذا صنعت به الحروب بسبب الغزو الدولي المبطن والغزو التنظيمي وقتل أفراد الشعب خارج ساحة الحرب وفي الأسواق والمدارس والمساجد وغيرها مما يتسبب بإبادة الشعب العراقي تدريجيا قتلٌ وفقرٌ وحروب وتشريدٍ لآلآف السكان من قراهم وما بعد التشريد تأتي ظاهرة توفّر المكان والطعام للأجئين وهي من المشاكل الصعب معالجتها كلّ المعالجة فالجوع أحد عوامل المجاعة الخفية .. فضلا عن مدى معأناة اللأجئين من التّغيرات البيئة كالبرد الشديد ، والحرّ الشديد في العراق والذي يأتي بدوره في التسبب بالموت ، وبذات الأهمية وبذات المشكلة المثيرة للحرب في العراق نجدها في سوريا لقد أبادت حروب التنافس على السلطة آلأفًا من أفراد الشعب السوري وشرّدت الملآيين من شعبه بأطفالهم والذي لاقى بعضهم الموت غرقًا والآخر جوعًا وبردًا ، وهذه كلها أسباب لصناعة مجاعةٍ مبطنةٍ وإبادة بشرية لتلك الشعوب .. وما يجري في اليمن من حربٍ داخليةٍ وتنافسٍ على السلطة دمّرت الأخضر واليابس وبات الشعب اليمني لا تكاد العائلة الواحدة تمتلك قوت يومها !!
وتساقطت الجثث في أزّقتها متسببة بالأمراض الخطيرة وانتشار العدوى بين الشعب لتساهم في قتل من لم يمت مباشرة في الحرب من الأطفال والنساء و معتزلي الحرب .. وبدمار الثروة الزراعية والحيوانية وانتشار الأوبئة بين الحيوانات والمتسببة في موتها مما يساهم في صناعة المجاعة الخفية في تلك الدول .. ومثله في الصومال والسودان .. لقد بات الخوف يعمّ الخارطة العربية من مغربها لخليجها من سريان عدوى الحروب بأصنافها الخطيرة ..
ويبقى دور الحكومات لمنع إنتشار هذه العدوى العنيفة لدولهم والأهم إجراء دوراتٍ توعويةٍ للشعوب تنذرهم بخطورة التفرقة والصراعات وعليهم بأن يقدّموا سلامة الوطن والمواطنين على مصالحهم الشخصية أو السياسة ، نحن نحتاج لتكافلٍ وطني يصنع منّا يدًا واحدةً للحفاظ على البقية الباقية في الخريطة العربية ..
فمتى نتعلم بأن نقول نحن ولا نقول أنا وليفنى الباقون .