بقلم.. أ.د وجيه جرجس
يحذر “شارلي شابلن” من النفاق في المجاملة حتى لاتسقط في بئر النفاق.. ولا تبالغ في الصراحة حتى لاتسقط في وحل الوقاحة.. فالنفاق الاجتماعي في علم النفس هو حالة من التناقض المعرفي يقوم فيها الشخص بالترويج لسلوك لا يمارسه هو نفسه .
نعيش اليوم في مجتمع العالم الافتراضى المخادع..يعشق البعض فيه النفاق في حين يظهر حوله الهالة الملائكية المصطنعة، وبات النفاق أمراً مطلوباً وطبيعياً في مجتمعنا العربى، لقد طغى النفاق الاجتماعي على حياتنا في العمل والعلاقات الاجتماعيه وايضا في الصداقات، بدأنا نثق بالمظاهر والقشور ونهمل الجوهر، نحارب الصدق ونفخر بالأكاذيب بأسماء وألقاب مختلفة، والغايات تبرر الوسيلة، لقد تخلينا عن قيمنا الإنسانية والدينية النبيلة، فمرض النفاق الاجتماعي استشرت في المجتمع ونخرت به حد التسوس العميق، واصبح من الصعب السيطرة عليه، تلك حقيقة وليس نظره تشاؤميه فلقد قسّمنا النفاق الاجتماعي، وفصلنا عن بعضنا البعض، ووسع الفجوة بين طبقات المجتمع ..
وأصبح قطاع عريض من المجتمع العربى محترفون منافقون فرغم كل الثورات وحركات التحرير لدينا محترفون لفنون التبرير محترفون فى النفاق وفي ذبح الآخر دون وخز ضمير يزرعون الأحقاد لا يعبئون بالأخلاق عند تحقيق المُراد فراح عصر احترام الرأي وفضيلَة الاجتهاد واصبح الجاهل يحمل مِفْتاح الرشاد وبالتلاعب بالعقول بين الحلال والحرام مثلما يسحر الحاوي الصغار بالقلعه و الحمام وتلك حقيقيه لاتستطيع إنكارها فنلمس ازدواجية الأخلاق يمكن أن يكون الشخص منافق بسبب ازدواجية أخلاقه ومصالحه الشخصيه ..فاصدقاء المصلحة عندما تنهي مصالحهم تنقطع أخبارهم فعلا وايضا هناك زدواجية المعايير حينما يكون الشخص منصفًا في الأمور التي تخصه، لكنه لا يكون كذلك مع نفسه وأسرته..وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دوراً كبيراً في ازدياد ظاهرة النفاق الاجتماعي باعتبارها ظاهرة طارئة ومرضاً عصرياً، فبات الناس أحياناً وكأنهم يلبسون أقنعة مزيفة لإخفاء قلوب مشوهة بمختلف الأمراض الاجتماعية.
حول هذه الظاهرة فنرى المجاملات التي تتجاوز حدودها المعقولة كأن يبادر أحدهم مع كل صورة يرسلها لي بالتعليق: منور..أنت أجمل شاب في العالم، وقد يكررها أكثر من مرة في اليوم نفسه. وغيرها…يبدو أن العصر الحديث يحتاج لكمية أكبر من النفاق كي يرضى الناس و هذا شئ مؤسف…تساؤل
لماذا تبلد الضمير والإحساس وصرنا نستلذ القبح والنشاز ؟ للأسف صرنا نطرب لسماع الفشل والابتزاز ! ولماذا نوقر أصنام الجهل والمنافقين ونضعهم في مراتب الامتياز …فأظهر النّاس نفاقاً من أمر بالطّاعة و لم يعمل بها، و نهى عن المعصية ولم ينته عنها. فالمنافقون، يصدق فيهم قول أمير الشعراء «أحمد شوقى»، ففى مسرحيته «مصرع كليوباترا» يقول على لسان «حابى»: «أثّر البهتان فيه وانطلى الزور عليه/ يا له من ببغاء عقله فى أذنيه» وتلك ممارسات ونهج دول عديدة وأنظمة كاذبه ومخادعهالسيطرة على شعوبها…نعم نري كل يوم من هو مستعد لبيع صوته مقابل مبلغ من المال، وهناك من يتبنى موقفا ما بسبب حماسة دينية حتى لو كانت مغلوطة، أو مدسوسه، للاسف مجبرون على التعامل مع المنافقين لأن هذا هو الصنف الأكثر وفرة بمجتمعنا ( تلبيس إبليس في كل شي) منافقون خلطوا الحق بالباطل في كل شي جعلوا الحق باطلا و الباطل حق.