بقلم :- هانى عبد الرحمن لاشين
.. باحث قانونى بالنيابة العامة ..
التمسك بمبادئ الخير والفضيلة والعدل هي من صميم الأخلاق بغض النظر عن ديانة أو مذهب أي أمة من الأمم وهي التي تعصمها من أي متربص ليفتك بها. بل هي أسباب نهضة الأمم ورقيها. وما قامت الحضارات بداية وازدهرت لاحقا في الأرض عبر السنين إلا لأنها رفعت شعار الفضيلة والعدل، ورفع الظلم عن الفقير والمساواة بين الناس، ولك أن ترى كيف حققت الثورات أهدافها بتمسكها واعتقادها ومناداتها الدائمة للعدالة.
الأخلاق هي جزء أساسي وجوهري في حياة الشعوب، وعند تدهور هذه المبادئ الأخلاقية عند الشعوب سيؤدي حتما إلى فساد الأمم وزوال بريقها وألقها وأسباب قوتها وعزها. ولنا في الممالك الإسلامية خير عبرة وآخرها في أندلسنا.
والفساد يبدأ من الفرد والذي هو عضو في أسرة، ثم وبالسكوت عنه يستشري ويسري في الأسر وينتشر كالداء في الهواء، ويلحق البلاء الناس، وتلحقهم الفوضى في كل مكان. ومن اهم مسبباته غياب الوازع الديني، وتجاهل مفاهيم العدل والفضيلة والمساواة، ثم سكوت العلماء على الخطأ وعدم قيامهم بالدور الواجب عليهم.
المبادئ الهدامة التي وفدت إلينا من الشرق والغرب، وحملات التغريب التي روجت للثقافة الغربية، متجاهلة صدامها مع موروث الأمة العربية الإسلامية.
البعد عن الأخذ بأسباب القوة الحقيقية، وكثرة الفواحش وانشغال الناس عن الخير، وانشغالهم عن جودة التعليم، ونشره وإشاعته على جميع الشرائح.
ثنائية الخير والشر
ومما لا شك فيه أن الفساد الأخلاقي موجود في كل وقت وحين.. كان في الماضي وسيكون في الحاضر وسيظل إلى قيام الساعة؛ مادام الخير والشر موجودين ومتدافعين. لكن الخير في أمتنا إلى يوم القيامة. ولكم أن تعلموا.. أن أي ضربة نتلقاها هنا وهناك تزيد من يقين الناس أن التشبث بتعاليم شرعنا هو طريق النجاة ودرب النجاح ومسلك الفلاح.
لا أشك أن العاقل لا يشك أن للاستعمار والتغريب دورا في الفساد الذي تسرب إلى مجتمعاتنا ونعلم أن هناك أيادي تريد لأهل العفة الفساد عن طريق قلم مأجور أو إعلام مفسد موجه يستهدف شبابنا وشاباتنا وأمتنا حتى يتمكن من إضعافنا. بل الخطر يأتي من العربي المستغرب حيث يريد لمجتمعه أن يكون نسخة من ذلك المجتمع الذي عايشه واعجب به.
العاصم من الفساد
إن العاصم لأبنائنا من الفساد هو دور الأسرة وضرورة التوجيه السليم والتربية الصحيحة، وتأتي الصحبة الصالحة ثم المدرسة. وبصلاح الأسر تصلح المجتمعات.
فدور الأسرة لا يقتصر على التوجيه والتنبيه والإشارة إلى ما هو صحيح او خطأ، بل يجب أن تكون التربية مبنية على الحوار الهادئ الهادف بين الأبناء والآباء. ومن التربية أن تتم مراقبة ما يعرضه الإعلام في جميع وسائله مع تجسير العلاقات مع المدرسة. وتفقد الصحبة المرافقة له أو لها على الدوام.
فنحن امام ثلاثة اضلاع، اختيار ما يعرضه الإعلام، وإقامة العلاقات مع المدرسة بالزيارات الدورية، ومراقبة الصحبة ومع التوجيه الأسري وهو الضلع الأول يمكن النجاح. فإذا اختل التوازن في أحد الأضلاع ضاع تهاوى.
كما لاينبغي اغفال دور المسجد والإمام المربي والموجه والذي كان يسأل ويتفقد أحوال الشباب.
وبدلا من إلقاء اللوم على أي طرف لابد من معرفة الرأي الآخر بغير قمع أو تجريح أو تقريع، لاحتواء الخطأ وذلك لإعادة الهيبة للأسرة.
علما أنه لابد أن يهتم الفرد بإصلاح نفسه والاعتناء بسلوكه، فهو يؤثر في من حوله فردا أو أسرة. لكن أن يلقى اللوم على المجتمع فهذا الخطأ بعينه إن كان للمجتمع خيارات مفروضة على الفرد، إلا أن الفرد له القرار في كثير من الأمور التي لو انشغل بها لأصلح أمورا كثيرة فيه وحوله بلا شك.