9 أشهر «سونار» و«PCR».. مهمة سامية: حملت وولدت في العزل ورفضت الأجازة

 

كتب: سمر ابراهيم

في نهاية مارس الماضي، تلقت سامية محمد، أخصائي كيميائي بمستشفى قها للعزل بالقليوبية، تعليمات من إدارة المستشفى بتحويلها إلى عزل لاستقبال مصابي فيروس كورونا بعد ظهور الوباء في مصر في بداية الموجة الأولى، عالم مجهول ملامحه لها ولكافة الفريق الطبي لم تكن تتخيل في بداية الأمر حجم المهمة التي أُسندت إليها، «أنا شغالة في المستشفى بقالي 8 سنين مكنتش متخيلة إن الموضوع كبير كده فجأة بقينا مطالبين نتعامل مع وباء ومصابين بشكل مباشر ولازم نأدي واجبنا على أكمل وجه»، تروي الطبيبة الثلاثينية لـ«للجمهورية » بدايات التجربة كما عاشتها.

بقبضة يدها التي تحاول التماسك دوما تدفع باب الغرفة التي يجلس بداخلها مريض على سرير يتلهف لسماع بشرى شفائه في كل لحظة، بعدما تحصنت جيدا بملابسها الواقية، تقترب شيئًا فشيئًا من المصاب بالفيروس الجديد«كوفيد 19» تمسك بأدواتها وتمد يدها بشجاعة لأخذ المسحة من فمه وأنفه، رغم ارتجاف نبضات قلبها التي تفضح الهدوء المُدعي لها، خوفًا على جنينها الذي استقر في أحشائها، استودعته الله لحفظه من الوباء المحيط بها، أبت التقاعد وظلت مرابطة في عملها بالعزل حتى وضعته سليمًا معافيًا.

 

بدأت العمل في مستشفى العزل مع بداية الموجة الأولى للوباء

في نهاية مارس الماضي، تلقت سامية محمد، أخصائي كيميائي بمستشفى قها للعزل بالقليوبية، تعليمات من إدارة المستشفى بتحويلها إلى عزل لاستقبال مصابي فيروس كورونا بعد ظهور الوباء في مصر في بداية الموجة الأولى، عالم مجهول ملامحه لها ولكافة الفريق الطبي لم تكن تتخيل في بداية الأمر حجم المهمة التي أُسندت إليها، «أنا شغالة في المستشفى بقالي 8 سنين مكنتش متخيلة إن الموضوع كبير كده فجأة بقينا مطالبين نتعامل مع وباء ومصابين بشكل مباشر ولازم نأدي واجبنا على أكمل وجه»، تروي الطبيبة الثلاثينية لـ«الوطن» بدايات التجربة كما عاشتها.

 

العمل في مستشفيات العزل على مدار 24 ساعة متواصلة، كانت سامية على استعداد دائم لاستقبال أي حالة جديدة في أي لحظة، تغمض عينيها خلسة لتخطف وقتا قليلا من اليوم لراحتها، وتستغل دقائق في منتصف النهار لسماع صوت طفليها الذين اضطرت إلى تركهما لوالدتها وزوجها واتجهت لإقامة كاملة بالمستشفى.

اكتشفت حملها بعد تعب مفاجئ

تعب مفاجئ داهم جسد الطبيبة المسؤولة عن أخذ مسحات الفم والحلق والأنف من المرضى في أبريل الماضي، خلال نهار أحد الأيام المرهقة، خضعت على إثره لتحاليل عدة ظنًا منها أن الأمر مجرد إرهاق شديد من العمل المتواصل، ولكن النتائج كشفت عن أمر لم يكن في مخيلتها،«اكتشفت إني حامل في أول أسبوعين ومكنتش أعرف»، أمارات الدهشة كست ملامح وجهها وكافة الفريق الطبي المحيط بها، ظنوا جميعًا قرارًا سريعًا منها بطلب إجازة للراحة خوفًا على جنينها،«قولتلهم لأ طول منا قادرة هكمل شغل زي منا، الظروف صعبة وده واجب المهنة»، أفلت الجميع ضحكاته من قرارها وسط نظرات إعجاب ببطولتها وعزيمتهما.

 

احتياطات عدة اتبعتها الأخصائية الثلاثينية قبل أخذ العينة من المرضى، زادت حرصها بعد علمها بحملها في طفلها الثالث، ترتدي بذلتها الواقية مُحكمة الغلق من كل جانب حتى الرأس، وعلى وجهها كمامة طبية من نوع N95 وغطاء وجه «face sheild» تتأكد من إحكام قفازات اليد على كفيها وتتجه إلى غرفة المريض لأخذ المسحات المعروفة باسم pcr، في لحظات تضاربت فيها مشاعرها بين القلق ووجوب الثبات لأداء واجبها الإنساني قبل المهني، تغلبها دموعها أحيانا حين ترى طفلا صغيرا مصابا ينتظرها لإجراء التحاليل،«غصب عني كانت دموعي بتنزل لما أشوف طفل قد ولادي تعبان».

تتولى أخذ المسحات وتحليل عينات الدم cbc

تنصرف سامية من غرفة المريض بعد التخلص من بذلتها الواقية وقفازات اليد والكمامة، ثم تتجه بالعينات تجرها على حامل معدني بعجلات لبدء تسليمها إلى المعامل المخصصة بتحليل المسحات، حيث يجرى تحليل عينات الحلق والأنف pcr في معامل مركزية تابعة لوزارة الصحة، بحسب وصفها، ثم تتولى هي تحليل عينات الدم المأخوذة المعروفة باسم cbc،«بقضي ساعات اليوم كله وأنا لابسة البالطو والكمامة والنضارة للوقاية مع الحمل كمان الموضوع كان صعب».

 

مرت أشهر الموجة الأولى بثقل شديد على نفوس الجميع، زادت وطأتها على نفس «سامية» كلما نما جنينها في أحشائها زادت خوفها عليه وباتت تستمد أمانها من صوت طفليها عبر الهاتف، «كنت بسمع صوتهم في التليفون بيعيطوا عشان عايزيني كنت بعيط أنا كمان بس بطمن نفسي وبهدا لما بعرف إنهم بخير»، بحسب وصفها.

 

وضعت جنينها في بداية الموجة الثانية وتستعد لاستكمال مهمتها حتى انتهاء الوباء

انقضت الموجة الأولى من الوباء وانفرجت الأزمة قليلا حتى عادت أجواء المرض إلى أرجاء مستشفيات العزل مجددا بعد ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا، إيذانا ببدء الموجة الثانية التي كانت الطبيبة الثلاثينية من بين فرق الجيش الأبيض المرابط بها رغم كونها في شهور حملها الأخيرة، «كملت معاهم من نهاية شهر أكتوبر واستمريت لحد بداية شهر 11»، وظلت تتابع مرضاها حتى الأسبوع الأخير لها في حملها.

 

«محمد» اسم المولود الذي وضعته طبيبة التحاليل في نوفمبر الماضي خلال عملها في العزل، اطمئنت على سلامته بعد خضوعه للتحاليل التي أثبتت عدم إصابته بفيروس كورونا، «قعدت فترة لرعايته وهرجع تاني لشغلي في العزل لحد ما الوباء ينتهي»، بحسب قولها.

 

 

Related posts

Leave a Comment